الواقع العربي والهيمنة الجديدة
كفاح حيدر فليح
أشتدت الأزمات والأحداث في الوطن العربي مع بداية الألفية الثالثة التي أبتدأت باحتلال العراق من قبل الولايات المتحدة الإمريكية أمبراطور العالم ذي القطب الواحد الذي تمتلك فيه السوق والسيطرة على العالم عن طريق العولمه وثورة الاتصالات والمعلوماتية، فاحتلال العراق كان بداية لهيمنه أمريكية على المنطقة وبأشكال مختلفه بذريعة تخليص الشعوب من الطغيان والتسلط وإرساء أسس الديمقراطية وقواعدها في الشرق الأوسط، فبعد احتلال أفغانستان والعراق والصومال كان التهديد التالي لسوريا والسودان وأيران وليبيا( الشرق الأوسط الجديد)، وفي العقد الأول وبداية العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين شهدت بعض الدول العربية ثورات ما يسمى بالربيع العربي التي أنطلقت شرارتها من تونس لتلتهم مصر واليمن وليبيا والأخيرة أجتمع عليها تحالف غربي لأسقاط النظام فيها ودخل البلد في فوضى لأول لها ولا آخر.
لقد تغيرت خارطة الوطن العربي السياسية بعد هذه الأحداث ليكون التطبيق الحقيقي لنظرية الفوضى الخلاقة لتجزئة المجزأ من البلاد العربية على الأرض واقعاً ملموساً، ليتمهد كل هذه الأحداث الطريق للكيان الصهيوني لتحقيق أحلامه وحلمه الكبير في دولة أسرائيل الكبرى من الفرات للنيل وليأخذ ثأره من العرب بنحوٍ عام والعراق بنحوٍ خاص وتدمير كل حضارة العرب التي تذكره بالسبي البابلي لليهود، وتتحقق النبوءة ويكون الشرق الأوسط مركز صراع وصُدام للحضارات ونهاية التأريخ الذي تنبأت وروجت له الولايات المتحدة الإمريكية عن طريق نظرياتها الجيوسياسية والجيوبولتيكية، وما تشهده الساحة العربية اليوم من أحداث وبالذات في سورية التي كانت تمد الجماعات المسلحة في العراق بالسلاح وتوفير الملاذات الآمنه لها وكذلك تزويد حزب الله بالسلاح وترفض الصلح والتطبيع مع الكيان الصهيوني وسقوط النظام السوري وبهذه الطريقة يكون آخر ما تبقى من المشروع القومي العربي ومحور المقاومة قد أنتهى وأصبحت الساحة ملعباً مفتوحاً للكيان الصهيوني لفرض هيمنته على المنطقة وما اجتياحه للأراضي السورية في منطقة الجولان ووصوله لمعبر المصنع الحدودي بين سوريا ولبنان ألا بداية لتضيق الخناق وحصار حزب الله في الجنوب اللبناني وتهديد للضفة الغربية والأردن والمحاولات الآن لجر مصر لهذا المخطط بعد أن ظهرت بعض الجماعات تهدد بالتظاهرات ضد حكومة السيسي والرسائل الأخيرة للعراق كانت واضحة بأنه سيكون من بين الأهداف التي تسعى اليها أمريكا والكيان الصهيوني، ومن هذا كله أصبح التهديد التالي موجهة لأيران لأسباب عدة منها أنها دعمت محور المقاومة وأرادت أمتلاك الطاقة النووية وأن كانت للأغراض السلمية في الوقت الذي تغض أمريكا النظر عن الكيان الصهيوني وغيره من الدول التي تمتلك هذه الطاقة وتنتج أسلحة نووية من دول الجوار والشرق الآسيوي( أسرائيل وكوريا الشمالية والباكستان والهند)، كل هذه الأحداث تُنبأ بظهور هيمنة جديدة على المنطقة العربية والدول الشرق أوسطية في ظل ظروف أصبحت غامضة ومصير مجهول لكل أنظمتها ورسم خارطة جديدة لها ليس على غرار خارطة سايكس بيكو بل خارطة يتحكم بها الكيان الصهيوني الذي سيظهر كقوة جديدة إلى جانب إمريكا.