الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
عرض موجز لكتاب حسام كصاي.. اللاهوت السياسي الإسلامي وسيط بين المصاحف والسيوف

بواسطة azzaman

عرض موجز لكتاب حسام كصاي.. اللاهوت السياسي الإسلامي وسيط بين المصاحف والسيوف

حاكم محسن محمد الربيعي

 

اللاهوت السياسي الاسلامي , كتاب للدكتور حسام كصا ي – استاذ الفكر السياسي الاسلامي بكلية العلوم السياسية – بجامعة تكريت .

أشتمل الكتاب على مقدمة وثمانية فصول وخاتمة  بعدد صفحات 318 صفحة .

تناول في الفصل الاول , النظرية السياسية الاسلامية, و تعني النظرية  أشياء مختلفة لا أفراد مختلفين ,  فيما يحدد بعض علماء الاجتماع هوية  النظرية , وفق أي نوع من أنواع التشكل المفاهيمي , وعندما تعرف بعض المفاهيم مثل القوة الديمقراطية , البيروقراطية, لاستخدامها في تفسير الظواهر التجريبية تتساوى أحيانا مع النظريات,  فيعتبر أي تشكيل مفاهيمي , كنقيض للملاحظة, نظرية , والنظرية مفهوم  ومصطلح يكون بمنزلة الاسس واللبنات الاولى لكل ظاهرة تحاول وصفها واعادتها الى جذورها وأصولها ,  ثم تمثل الطريقة التي من خلالها يستطيع الباحث أن يبني تصوراته التي هي غالبا ما تكون بعيدة عن الواقع,  اذن فالنظرية هي مرحلة في عملية الفهم , الهدف منها توضيح المفاهيم قبل العودة الى الواقع المشاهد أو المعيش , فيما لا يخرج مفهوم النظرية عن كونه طائفة من الآراء التي تحاول تفسير  الوقائع العلمية او الظنية  او البحث في المشكلات القائمة بين السبب والمسبب , وفي الدراسات الانسانية  تعني التصورات والفروض التي توضح الظواهر الاجتماعية والاعلامية التي تأثرت بالتجارب والاحداث والمذاهب الفكرية والبحوث العلمية  التطبيقية , وهناك من ينظر الى  النظرية من منظور ضيق , كونها نظاما منطقيا , استنباطيا يضم مجموعة من المفاهيم ذات الصلة ببعضها بعضا اذ يمكن اشتقاق افتراضات منها قابلة للاختبار , فالظواهر لا يمكن تفسيرها من دون أطر وقواعد , اي القوانين التي تضبط الظاهرة وترسم معالمها والحاكمية هنا نظرية في حساب البعض لا نها قائمة على قوانين وضوابط رفدت الفكر العربي الاسلامي الكثير من العقائد والأيدولوجيات ,

عصور وسطى

فالكهنوتية مصطلح  يعني مجمل النظام السلطوي الذي يفرضه رجال الدين على  مقدرات بلد ما خاصة على صعيد الحكم , بمعنى ان يكون الكاهن هو الوسيط  الوحيد بين الله والبشر , وقد ظهرت  كلمة كاهن في وقت لاحق للإشارة الى  رجال الدين, وقد عانت فترة العصور الوسطى الاوربية من هذه الظاهرة كثيرا الى ان تم فصل الدين عن الدولة , فهي نموذج حكم للدولة عاشته المجتمعات الاوربية في العصور الوسطى  , أما رجال الدين فهم ليسوا بالضرورة أن يكونوا  رجال سلطة , لكنهم أرغموا أنفسهم تاليا في هذا المساق الايديولوجي لحسابات مصلحية  واضحة ,  حيث كانت هذه الفئة سائدة  بالكهنوتية , وتشمل السلطة الكهنوتية اصدار اوامر من الاساقفة الكهنة وقد مارس الكهنة الكذب ويعملون في امور السحر والتنجيم فكيف  يمكن   ربط الدين بالسياسة  فعلا ثقرطيا  يجاري الكهنوتية في الخيال العربي الاسلامي , كيف يكون للكذب قيمة روحية اذا كانت منافية للأديان السماوية الحقة ولعلم الاخلاق , والثيوقراطية تعني السلطة الدينية  التي تجعل الدولة دينا خالصا فتكون  لقوانينها قداسة الدين وتبعاته ولأمرائها سلطة الانبياء وعصمة المرسلين , أي ان الحكومة الدينية حكم الكهنة والقديسين أي طبقة رجال الدين , وفي كل دين توجد قرائن لهذه الطبقة حتى لا تخرج عن هذا التحدر, ان الاختلاف بين المعنى الغربي للثيوقراطية الغربية عن نظيرتها الاسلامية هو ان الاخيرة أي الثيوقراطية الاسلامية هي نبتة مستوردة من الفكر الغربي الى البيئات العربية والاسلامية ,  أي أن الثيوقراطية  الغربية  وليدة القرون الوسطى  وعفاها الزمن  الان , أما الثيوقراطية الاسلامية فهي  ابنة الفكر المعاصر وان مفهوم رجال الدين لا أصل له في الاسلام ولا صلة له بالواقع الاسلامي ولا ينتمي الى ذلك الفكر أو تلك الجغرافية , الا استيرادا ,

أما في الفصل الثاني والذي تناول  أصول الحاكمية من حيث النشأة  والجذور التاريخية , الحاكمية هي عملية سطو على الحريات ومصادرة للعقل والتفكير نيابة عن الانسان , وبالرغم من ظهورها المتأخر في الفكر الاسلامي الحديث أو المعاصر , اي في القرن العشرين , فان جذور هذه النظرية الى معركة صفين  بين الامام علي (ع )ومعاوية , اذ امر الاخير رفع جنوده كتاب الله ووضعه فوق السيوف , فامتنع جنود الامام علي عن القتال عندما شاهدوا هذا المشهد, رغم ان الامام علي رأى في ذلك خدعة ,  من أجل انهاء المعركة  التي كان جيش الامام على خطوات من حسمها , فقال قوله التاريخي ( هذا كتاب بين دفتي  المصحف صامت لا ينطق ولكن يتكلم به الرجال ) فغدر حاملو المصاحف بالأمام علي , ونسوا خلافته ونسبه الى بيت النبوة , وهذا هو نتاج فكر الحاكمية فكيف يقبلها العقل بهذه الصيغة , ان هذا الفكر , فكر مستورد وهي فكرة قتلت خير رجال الاسلام , الخليفتين الثالث والرابع , اي الحاكمية , هذا الفكر المستورد انتقم من المسلمين وفرقهم , وهناك صلة وثيقة بين الحاكمية والثيوقراطية يحكمها منطق السطوة والهيمنة الدينية والروحية مرتبطة بينهما بوثاق مقدس , لكن الحديث لا يخرج عن وشاح الفكر المسيحي الاوربي ولا يمكن أن ينسحب الى جلباب الفكر الاسلامي  بأي حال من الاحوال لعدة أسباب لا تتفق مع مبادئ  الدين الاسلامي, وفي الفصل الثالث استعرض نفي السلطة الدينية في الفكر السياسي العربي الاسلامي ,وملخص هذا الفصل بعيدا عن الطروحات ذات الصلة بالواقع الاوروبي  ودياناته , يمكن ان يلخص بالقول  الشائع  لدينا نحن العرب والذي مفاده (  الدين لله والوطن للجميع ) فهي مقولة مقبولة,  وعلى وفق ذلك ينكر الاسلام تلك الدولة الدينية  ويرفضها , تلك التي تتحدث عنها نظرية السيفين في الفكر السياسي الغربي  الكنسي والحضارة الغربية التي تقوم على نظرية الحق الالهي  بتعبيرها الديني القرسطوي  ,  والتي كانت تطمح الى نشوء وقيام دولة دينية بحتة يقودها طبقة رجال دين بمنزلة ممثلي ونواب السماء في الارض ووكلاء الله على البشرية ومهمازها الحروب الدينية المقدسة , فيما ينكر الاسلام تلك الدولة الدينية ويرفضها , لان الاسلام ينكر ويستنكر أي حروب دينية  أصلا , وقائم على قاعدة قرآنية ( لا اكراه في الدين ), ولذلك كانت حروب الاسلام زمن النبي (ص) دفاعية , في حين حروب الكنيسة والحركات الاسلامية حروب هجومية , وليس هناك كهانة في الاسلام وكل حديث عن حاكمية باسم الاصولية الاسلامية وباسم السلفية الجهادية والراديكالية والإسلاموية المعاصرة والاسلام السياسي وكلها عناوين تعود اصولها الى عائلة « الثيوقراطية « الفكرتين متداخلتين ولدتا من رحم البابوية , فالكهانة هي مجرد مردود سلبي لثقافة دخيلة على الواقع العربي والاسلامي لاوجود له في الاسلام , ليس في الاسلام سلطة دينية , سوى الموعظة الحسنة , والدعوة الى الخير والتنفير عن الشر , وبالتالي ليس هناك سلطة دينية بعد دولة الرسول , ولا رئيس دولة بعد الرسول (ص) ذلك لارتباط السلطة الدينية بالوحي , والوحي انقطع بوفاة الرسول  ومعنى ذلك ان الحديث عن السلطة الدينية لامعنى له أصلا , وهو مضيعة للجهود والطاقات , ويرفض الاسلام التشدد لكن ذلك لا يعني قبوله الانحلال والخوارة .

حكومة دينية

وفي الفصل الرابع تعرض الى  الحكومة الدينية – المصاحف والسيوف  , والحكومة الدينية هي دولة تنهض بمهمة الدفاع والتبليغ ونشر تعاليم الدين ,  أي دين سماوي , ثم هي تحمل معنى حكومة الله (عز وجل)  وان الحاكمية لله وحده ,  فهو الحاكم الوحيد للجماعة سواء بطريق مباشر أو غير مباشر , أي بما تعنيه نظرية الحق الالهي , ويعد الرسول  الاكرم محمد (ص) أول زعيم مؤسس   الدولة الاسلامية ,  الا انها مختلفة عما  هو مراد منها في افكار الاخرين ,وهذا يعني الاختلاف عن حكومة الناس التي ليس بالضرورة أن تكون حكومة عادلة أو ظالمة , بمعنى ان حكومة الناس  من صنع الناس وليس من ألهه أو قوة ربانية , ثم انها مجرد اجتهاد بشري ليس بالضرورة أن تكون الخلافة مرجعتيه أو قاعدة انطلاقته , وتتضح صورتها  من خلال شكل النظام السياسي وجذوره , والحكومة في الاسلام ليس نتاجا لتحالف المصاحف مع السيوف ,  كما شوهها المستشرقون والاسلاميون الراديكاليون ,

البقية  لأن الاسلام قائم على قاعدة ( لا اكراه في الدين )  و(لكم دينكم ولي ديني )

وكانت الحاكمية والاصولية – معالم في الطريق الخطأ – موضوع الفصل الخامس

, كان مصطلح الاصولية وافد غربي جاء من البيئة الغربية  وله مصطلحات خاصة وبعيده عن المعاني الحضارية , اذ لا خلاف حول ان مصطلح الاصولية هو مفهوم غربي المضمون  , فيما خرجت الحركة الاصولية في مصر من عباءة الدعوة السلفية الاصلاحية  ,  ويعتقد البعض ان الاصولية تعبير عن معتقد سياسي لا ديني , قد يكون منمقا أو مرتبطا بالدين , الا ان تفكيره وهدفه لا يتجاوز حدود السلطة , بمعنى ان الاصولية في الحقيقة حركة راديكالية لم تبدء من فراغ وانما بدأت كحركة  اصلاحية , رافق العنف والغلاظة  طول مسيرتها , فالأصولية بالاعتماد على موروثات الاسلام السياسي, اي وراثة الفكر الاسلامي تحاول تغيير الواقع وقلعه من جذوره انقلابا كليا , لكن الخطأ  الذي وقعت فيه ارادت التغيير بالعنف  والقتال وتوظيف اليات السيف من أجل الوصول الى السلطة والاستحواذ على منافعها  ورغم كل ما قيل ونشاط  للحركات الاصولية , هناك سؤال محرج , هل استطاعت  الحركات الاصولية الدينية من تحرير القدس من الاحتلال الصهيوني؟  , بالتأكيد الجواب كلا ,  ولا يوجد نص  قر أني أو حديث نبوي عن سنة الرسول الاكرم (ص)  أشار ضمنا أو صراحة الى ممارسة العنف أو الدعوة الى التخلي عن  الاخلاق والرحمة والانسانية في أصعب ظروفها  , بل  ان الاسلام هو أكثر الاديان تعويلا على منهج الوسطية  الاسلامية والتسامح والاخوة الانسانية والرحمة والمودة ( يأيها الناس انا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله أتقاكم ) ,  أما ما يتعلق بالمقدس والمدنس , فالمقدس هو النص الديني والسنة النبوية والمدنس هو السياسة  والدنيا والمتغيرات فالمقدس هو كل ما ينطوي على الثوابت الدينية والشرائع السماوية , وكل ما جاء في الكتاب والسنة في الواقع الاسلامي, في حين المدنس هو كل عمل دنيوي ينطوي على الكذب والمراوغة والاحتيال والنصب , وخداع الاخرين باسم المقدس والدين والرب ,  وفي الفصل السادس تناول  جدل الدولة  وأزمة الفكر السياسي  الاسلامي المعاصر , ان الوطن يحتفي بمكانة عظيمة في الدين الاسلامي لا تبلغه في ديانة أخرى لان الاسلام جاء لتحرير الاوطان ونصرتها لا لهتك سيادتها والغائها , أي تعزيز الوطن والدولة , واستقلال الوطن وحريته هو ثمرة لوطنية أهله و بسالتهم في الدفاع عنه , الا ان  الاسلاميين يتجاهلون مفهوم الوطن في فكرهم وذلك يرجع الى تصوراتهم التي تتلخص بالثقافة القبلية  التي يتسم بها المجتمع العربي ومجتمع الجزيرة خصوصا , وقاعدة الولاء والبراءة , أي الولاء الى العقيدة والى الاسلام وليس الولاء الى المسلمين أو الى الوطن  ولا لأفكار بشرية ,  وابتداع الجماعات الاسلامية  لمفهوم ( الوطن  الطائفة أو  الوطن الجماعة )  واعتبار الجماعات الاسلامية لنفسها بانها  طليعة الله في الارض ,  وانهم وحدهم ممن يمتلكون الرأي الصواب  , وترتسم ملامحه  في حدود سياسة مرسومة و ملجنة  ومقرة باتفاقيات دولية جاءت بعد موجات الحروب العالمية ومعاهدات ويستفاليا واتفاقيات سايكس بيكو , لذلك الحركات الاسلامية ترفض الحدود السياسية  باعتبارها حدود مصطنعة ,

لذلك كانت دولة الكهنة القائمة على فكرة الحاكمية في تكوين طبقة دينية أو طبقة لرجال الدين بالمعنى الثقرطي , فيما تعرف « الثيوقراطية « بكونها كلمة تعني السلطة الدينية التي تجعل الدولة دينا خالصا  تنفي على غيرها أي دين عقيدة , أو طريقة  أيمان في مجتمع منوع « فسيفساء « , فتكون لقوانينها قداسة الدين وتبعاته ولأمرائها سلطات الانبياء وعصمة المرسلين , بمعنى أخر ولأدق حكم الدين أو الحكومة الدينية , ومن ثم فهي ليست الحكومة الاسلامية قطعا , فلا حكومة دينية في الاسلام ,  الاسلام ليس طائفيا  فيما  تبدوا  الطائفية  كونها أحد ملامح الحاكمية  لارتباطها  المقدس بالتعصب والتشدد والميل الاعمى للتطرف , في حين الاسلام لا يقر الفتنة ولا يدعو الى  الشقاق فهو دين  المحبة جاء من أجل وحدة العرب والمسلمين  وتحقيق وتأكيد مكانتهم كدين للوئام والتأخي والتسامح والمحبة والسلام, وجاء الاسلام بقوله تعالى ( وجعلناكم امة وسطا ) ولكن المتطرفين لم يأخذوا بها بل استبدلت بالسيف والحروب المدمرة  بها , ومع ان الاسلام لم يجعل للقضاة والمفتين ومشايخ الاسلام أدنى سلطة على العقائد وتقرير الاحكام ولا يسوغ لا حدهم  حق السيطرة على أيمان أحد أو عبادته ربه أو ينازعه في وجهة نظر ما , ان نهضتنا اليوم بحاجة الى تجاوز تجارب الرواد والاستفادة من الدروس والعبر فقط , وبالإمكان تجاوز رحلتهم شريطة التمسك بمنابع الاسلام الاولى قبل أن يولد الاسلام الطائفي , قبل أن يكون هناك سنة وشيعة  وخوارج , لان الحضارة الاسلامية بنيت  بموروث الاسلام المبكر وليس الاسلام المتأخر , الإسلام الطائفي الشقاقي الذي انتج  جملة أفكار راديكالية عنيفة خرجت من عباءة تفسيرات القران  وليس من القران  نفسه  مثل : الخلافة , الحاكمية ,  الحكومة  الدينية ,  الثيوقراطية , نظرية الحكم الالهي أوجدها  الفقه السلطاني غالبا, ان الاسلام يقوم على قاعدة ( لا اكراه في الدين ) وهي من أهم قواعد الدين الاسلامي , وبالتالي فان نشر الدعوة لا يحتاج الى القوة بل الى الاقناع بأسلوب أخلاقي .


مشاهدات 603
الكاتب حاكم محسن محمد الربيعي
أضيف 2024/12/25 - 10:46 PM
آخر تحديث 2024/12/27 - 8:33 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 141 الشهر 11709 الكلي 10067804
الوقت الآن
الجمعة 2024/12/27 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير