يوميات الحرب في لبنان(7)
إحتفالات رأس السنة في ظل الموت والخراب
بيروت-غفران حداد
في مثل هذه الأيام من كل عام كانت متاجر الهدايا في العاصمة تمتلئ بأشجار زينة أعياد عيد الميلاد المجيد ورأس السنة الميلادية ،ويكون هنالك إقبال كبير من السيّاح العرب والمغتربين في زيارة بيروت ،ست الدنيا وشاغلة الناس، ،حجوزات الطيران و الفنادق تكتمل قبل نهاية العام، اما الشوارع الرئيسة مثل شارع الحمراء وشوارع منطقة جونية ومار الياس فإنها تنبض بالحياة ،الزينة والمصابيح المضيئة تنير واجهات المحال التجارية، والنوادي الليلية والمطاعم على مدى ساعات الليل والنهار ،وكل أم تقتني شجرة الميلاد في بيتها وتزينها لصغارها بالكرات الحمراء، والنشرات الملونة وتشتري زي بابا نؤيل لجميع أفراد الأسرة استعداداً لهذه الليلة المميزة ،ونبتهل الى الله ان يحقق لنا أمانينا المؤجلة .
أزمات الأمس
كان الوضع الأمني في لبنان بحالة جيدة رغم الأزمة الاقتصادية التي بدأت بإنطلاق ثورة تشرين الأول من عام2019 بدأت التظاهرات في 17 أكتوبر، عندما أعلنت الحكومة رسما قدره 20 سنتا في اليوم على الاتصالات عبر الإنترنت، بما في ذلك عبر موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك وتطبيق واتساب، كما اقترحت زيادة ضريبة القيمة المضافة حتى تصل إلى 15 في المئة بحلول عام 2022. وخرج الآلاف في احتجاجات متهمين بعض أصحاب القرار بالفساد وسوء إدارة الاقتصاد وفي 18 تشرين الاول، تراجعت الحكومة عن تلك المقترحات لكن الاحتجاجات استمرت هذه الأزمة نترحم على ايامها ايضا في ظل حرب اليوم من نزوح وأزيز الطائرات الحربية الإسرائيلية والدمار والرعب الذي تخلفه كل غارة ،لكن هذا العام الذي شارف على الإنتهاء فإنه مختلف عن الأعوام السابقة، في ظل حرب عدوان أيلول الذي بدأ بشن غارات على العاصمة وضواحيها، حيث الموت الذي يلف حول أرواح المدنيين ومبانيهم التي سويت بالأرض ، ولا ذنب لهم سوى أنهم يعيشون في مبانٍ يقال انها تابعة لحزب الله حسب ادعاءات العدو .
فجر حزين.
منذ فجر نهار السبت 23 من تشرين الثاني حين اطلق العدو الإسرائيلي صواريخه على مبنى سكني في منطقة البسطة الفوقا بقلب العاصمة بيروت وصدى انفلاق الصواريخ هزت المبنى السكني الذي اعيش فيه ، كأنه زلزال ضرب المدينة وبلا شعور نزلت حاملة طفلتي واتسابق مع سكان العمارة للنزول خوفا من ضربات جديدة تطال مباني العاصمة.
فجر حزين
لم يرعبنا البرد ونحن حفاة ،لم يخيفنا الظلام الدامس والساعة الرابعة فجراً ،لم نفكر بشيء سوى الخوف على صغارنا من الموت ،كم فجر حزين آخر بانتظارنا؟ كم مشاعر ملؤها الخوف جديدة ستجتاح ارواحنا؟ متى يفهم حزب الله ومن يدعمه أننا لم نعد نؤيد مقاومتكم التي تبيد ارواحنا ؟ الناس تسأل بعضها البعض لماذا يختبئ القادة في المباني السكنية للمدنيين؟ لماذا لا يتعلمون من أخطائهم المتكررة ؟، هل هي رجولة ان تموتون بين النساء والأطفال والمسنين؟ هل مقاومتكم مستوفية الشروط وانتم مختبؤن في حين شباب الجنوب في الصفوف الأمامية للحرب؟ تضحياتهم لأجل من؟ لا تقنعوني لأجل غزة فأنتم لم تحرروها بعد اكثر من عام على مرور الحرب، بل تم ابادة شعب فلسطين بين شهيد وجريح وزيادة إعداد الأرامل واليتامى؟ لا تقنعوني أن حربكم هذه ستجعل لبنان مزدهراً بإقتصاده وعمرانه؟ لقد دمرتم بيروت وضواحيها وبسبب عنادكم جعلتم بيروت مدينة أشباح، بلا بنيان عامر، بل ستعيدونها الى العصر الحجري مثلما هدد العدو سابقاً بذلك ، قرى جنوبية بأكملها دمرت، فجرت منازلها، ونزح سكانها، عنادكم بوقف الحرب والقبول بشروط العدو ليس خوفاً ولكن لحقن دماء لبنان، يذكرني عنادكم بجبروت الرئيس العراقي السابق صدام حسين حين تمسك بقرار الاجتياح الكويتي عام 1990 ولم يخرج منها الا بعد حرب اكلت الاخضر واليابس حتى رضخ لقرار الإنسحاب؟ هل قدرنا كشعوب عربية ان نباد لأجل مصالح ونفوذ لا تصب في مصلحة الشعوب؟ هل قدرنا أن نرتدي الحداد اعواماً واعوام لأجل عيون الرئيس فلان والقائد المقاوم فلان؟
عام جديد
عام جديد في زمن الحرب
سيأتي عام جديد في زمن الحرب ونحن نتذوق الموت والخوف ورائحة الجثث التي لا تفارق انوفنا وأنتم تدّعون المقاومة والنصر وتنعم أسركم بالأمان على حساب الثكالى والارامل ،سيأتي عام جديد وبيروت تحت النار وأبنائها يرتجفون من البرد والعتمة وانتم يا رجالات أصحاب القرار تنعمون بالدفئ ، لا تعرفون شعور البرد و الجوع ،لم تجربوا شعور رؤية أطفالكم جياع ولا يوجد طعام او حليب يوقف بكائهم! ، نريد لنا سلطة واحدة تحكمنا هي الدولة اللبنانية ،نريد جيشاً واحدا يحمينا هو الجيش اللبناني ، وعلماً لبنانياً واحداً يجتمع حوله جميع أطياف لبنان. خففوا مشاعركم الجياشة تجاه بيروت ، فحبكم قتلنا، ولم يحيينا ،حبكم قتل الحياة فينا، حبكم دمر وحرق مبانـينا .
وفروا حبكم الفائض لأسركم ومناصريكم ، بالله عليكم يامن تدعمون حزب الله كفوا ايديكم عن بلادنا.
نريد أن نعيش بسلام، ان نعيش أبسط تفاصيل حياتنا اليومية بأمان ،نريد أن نرى اطفالنا يكبرون ، ونحقق معهم أمانينا البسيطة، أن نعيش معهم بأمن واستقرار .