نقطة ضوء
أطفالنا ودرس الوطن
محمد صاحب سلطان
صورة ولا اروع منها،تلك التي شاهدتها الخميس الماضي ،عندما إكتحلت عيناي بمنظر طوابير الاصطفاف ،لحمامات بيض ،يتهادين بغنج ،وبأصوات طفولية ساحرة،يرددن هتافات الوطن،المختصر بعيونهن عبر راية شاخصة في ساحة كبيرة توسطت مدرستهن ،باحدى أحياء مدينة كركوك المتآلفة والمتصالحة مع ذاتها،في نسيج مجتمعي يمثل طيف الفسيفساء العراقي ،يتفاعلن مع حركات أقدام معلمتهن المختصة بالتربية الرياضيةوالكشفية ،وهي تؤدي حركة الإستعداد عالي الانضباط ،فيقلدن حركتها ،ويهتفن للعراق ولا غيره ،في الطقس الإسبوعي (رفعة العلم)،أياديهن تتحرك يمينا ويسارا مع نبرات صوت المعلمة القوي،النافذ الى القلوب قبل الاسماع ،والجميع يهتف بصوت واحد عاش الوطن،فتدب في الاعماق،صور العزيمة والتلاحم والتواشج لوطن أسمى ،وبرايته الخفاقة التي ترفرف بأيديهن ،تتوهج في النفس ،الاحلام الوردية التي تعبق في مخيلتهن..ولحظتها،كم تمنيت على وزارة التربية والتعليم ،أن تجد وتجتهد في إبتكار أنشطة ،تفعل من خلالها الشطر الأول من إسمها (التربية) بانماط تشاركية قادرة على تنمية الحس الوطني والسلوك المنمي للتصالح مع البيئة المجتمعية ،بمثل تلك الأنشطة ولا تهملها ،بل تركز عليها ،وتفتح بوابات مدارسها،أمام الاهالي بمثل تلك الممارسة ،واقصد (رفعة العلم)،كي نخلق تواصلا حيا، نربي فيه صغارنا،ونجدد عزم كبارنا ، لا أن تقتصر الادارات، بانشطة شكلية موسمية ،في تجديد علاقتها باهالي الطلبة من خلال فقرة (اجتماع الاباء والامهات)فقط ، وهذه دعوة لتكون مدراسنا ،مسارح حية ،لمشاهدة الصفاء والنقاء في الارواح التي تلهج في الدعاء لحب الوطن من دون غرض أو مصلحة، فساعة -درس الوطن- وهذا ما أقترح على تسميته بدلا من/رفعة العلم/، واجبة الحضور ، وقد يقول البعض ،الوطن حاضر في الوجدان كل لحظة ،ولا يحتاج لساعة أو حصة دراسية ، وهذا صحيح ، ولكن ،جرب أن تمعن النظر في دواخل البشر لا ظاهرهم ،سترى جمالا بعين روحك هذه المرة ،والجمال يأتي من التذكير والتحفيز المتولد من التفاعل ، وهنالك مبدأ في الإعلام يقول/ليس من سمع كمن رأى/،،جرب أن تزور ساحات المدارس المهروسة بالاقدام النشطة لاطفالنا وكركراتهم الصادقة ،وبراءة أصواتهم الصافية من -دغش-المصالح والنميمة ، وقل ما تشاء في أي موضوع أو موقف حياتي آخر ،إلا أن تقارنه باصواتهم التي تريد أن تسموا بنا الى السماء..فالوطن الذي نبغي زراعته في عقول وقلوب أبنائنا ،هو وطن العدالة والمساواة من دون محاباة ، وهنا أستحضر ما قاله الفيلسوف جان جاك روسو، عندما سئل، ماهو الوطن ، أجاب/الوطن هو المكان الذي لا يبلغ فيه مواطن من الثراء ما يجعله قادرا على شراء مواطن آخر، ولا يبلغ فيه مواطن من الفقر ما يجعله مضطرا أن يبيع نفسه أو كرامته/..
فشكرا للمعلمة-ست سهام -ولإدارة مدرسة النبي يونس ولتلميذاتها الرائعات اللواتي كن وراء كتابة هذا الموضوع ، فالوطن كما يقال، جميع الارهاصات تؤدي إليه!.