راضي يقدّم نصاً شكسبيرياً بشكل حداثوي.. لير يحاكم القدر على خشبة الرشيد
بغداد - ياسين ياس
قدمت الفرقة الوطنية للتمثيل في دائرة السينما والمسرح. ضمن موسمها المسرحي لعام 2024 مسرحية(لير يحاكم القدر ) على خشبة مسرح الرشيد الخميس الماضي ولمدة ثلاثة ايام متتالية، تناولت حكاية الملك لير، احد النصوص الشكسبيرية بشكل حداثوي قريب من واقع الشعوب، حيث يقترح الملك لير على طبقة النبلاء المالكة للسلطة والمال ان يتعايشوا مع الناس ويشاركونهم ثرواتهم دون مقايضة اومقابل لخلق عالم اكثر عدالة وقدرة على تطهير النفس البشرية. اضافة إلى طروحات أخلاقية تتعلق بعقوق الأبناء لابائهم وبؤس الشعب الفقير.وعن ذلك يقول مؤلف ومخرج المسرحية الفنان منير راضي، ان (اختياره في تقديم هكذا أعمال مسرحية هو سياحة في الحداثة والتجديد والخروج من منطقة السرد المستهلك في عجلة منظومة المسرح الحالي والابحار في التجارب المسرحية الحديثة في مجالات الاخراج والتاليف والتمثيل والتقنيات الفنية). وشارك في أداء شخصيات المسرحية جاسم محمد وأحمد محمد صالح وزمن العبيدي واسراء ياسين وهاجر عماد .
عن المسرحية تحدث الفنان والاكاديمي عزيز جبر الساعدي قائلا(لير يحاكم القدر..المحنة التي تواجهها كمشاهد هي ان تتعامل معها كنص عالمي.تركت أثرا في ذاكرة المسرح العربي والعراقي على وجه التحديد )واضاف (الكاتب منير راضي الذي يجتهد كثيرا في الاختيار للموروث العالمي وينتهي منه بالافكار الفلسفية. هنا يقول الكاتب منير راضي، ان لير لم ياخذ كثيرا لفهم مشقة وقهر وعقوق الأبناء. وحتى بؤس الشعوب الفقيرة.وعندما صعد الجبل عاريا صدق تلك الكذبة وهي انه يستحق الحب لانه فقط لير الملك وليس الاب.هذه الزاوية التي لعب عليها منير راضي والتي نجح فيها بجرس موسيقي ولغة فخمة تحققت على لسان ممثليه.منهم صاحب التجربة والخبرة في الصوت والالقاء الفنان جاسم محمد وشاركه بالعب الفنان أحمد محمد صالح. من خلال محافظتهم على الإيقاع وعلى تثوير الحالة الانسانية بين الغضب والانفعال والعودة إلى حوار العقل .وهذا لم يكن ليتحقق لولا محبة الممثلين على ان يكونا افضل مايكون في تجسيد اللغة العربية في موسم دائرة السينما والمسرح لهذا العام).
حلقة مفقودة
واكد (الاشكالية الوحيدة في هذا العرض ، أين المؤلف من المخرج، في كل الأعمال التي يقوم بها المؤلف بالاخراج للنص ثمة حلقة مفقودة نطلق عليها ( خيال العقل الاخر) ،لسنا ضد ان يكون المؤلف مخرجا لنصه .كونه يعرف كل المجسات التي يريد اضاءتها والتاكيد عليها لكن في أعمال فيها كم من الأفكار الفلسفية. تحتاج لمخرج اخر قد يتفق مع المؤلف وقد يختلف وهذه ظاهرة صحية لأعمال يكتبها منير راضي،وجهة نظر غير ملزمة طبعا).
مضيفا (نعود إلى التمثيل. كلما كان الممثل حاذقا يتحمل مسؤولية الحرف ومخارج الحروف وطريقة ايصال المعنى وتلك فكرة تستحق الوقوف عندها.
ثمة حسنة قد نحسبها للمخرج باختيار الفنانة زمن العبيدي واسراء ياسين وهاجر عماد، ليغذي بهم خشبة المسرح العراقي بتجربة صعبة تعتمد الجسد ومخارج الحروف والاسترخاء في الحركة.كانت جهودهن للارتقاء بالعمل رغم التعب الذي ظهر عليهن وفقدان الإيقاع في بعض المشاهد.لكن يشار اليهن كوجوه تستحق مساحة اكبر.
ولاندري هل هذا تأثير المخرج ولمساته ام العدوى من الكبارجاسم محمد واحمد محمد صالح)مؤكدا (كانت سياحة جميلة في الحفاظ على عرض يليق بكاتب ومخرج.وفريق عمل متفاني ابتداء من السينوغرافيا للرائد سهيل البياتي الذي أعاد لنا تجارب مسرحية بنكهة لذيذة.
للأسف لم يستفد منها .واقحام الرقص لم يعطي تاثيرا على مبنى النص واحداثه.رغم جمالية الرقص .وهذه شهادة لمسلم علي ماري المدرب..اختيار الموسيقى وتنفيذها كان جميلا ودايم للكثير من المشاهد .هشام عبد الرحمن. وحسين زنكنة.الإضاءة ليس فيها شيء يدعونا ان نقول كانت جيدة..تحية لكل العاملين في هذا العرس المسرحي الثقافي .وعلى راس الهرم المؤلف والمخرج منير راضي الذي استطاع ان يمسك بخيوط اللعبة دون ان يكون هناك ملل.تحية للممثلين على هذا الانضباط العالي والاسترخاء حتى نهاية العرض).