بين اليوم العالمي لمكافحة الفساد ونظيره لحقوق الإنسان

أكرم عبد الرزاق المشهداني         

يحتفل العالم في التاسع من شهر ديسمبر/ كانون الاول باليوم العالمي لمكافحة الفساد حيث في 31 اكتوبر 2003 اعتمدت الامم المتحدة اتفاقية مكافحة الفساد، وفي يوم 9 ديسمبر 2005 دخلت الاتفاقية حيز النفاذ لاكتمال العدد المطلوب من تصديقات الدول.

ويحتفل العالم في العاشر من ديسمبر من كل عام باليوم العالمي لحقوق الانسان وذلك إحياءً لذكرى تاريخ اعتماد الجمعية العامة للأمم المتحدة الإعلان العالميّ لحقوق الإنسان في عام 1948م، الإعلان وضع مجموعة واسعة من الحقوق والحريات الأساسيّة التي يحق للجميع التمتع بها. والعالم اليوم كلّه يحتفل بالذكرى السادسة والسبعين لهذا اليوم، وأُنشأت الامم المتحدة جائزة حقوق الإنسان للاعتراف بالإنجازات البارزة في مجال حقوق الإنسان. حيث ان الاعلان العالمي يتكون من 30 مادة تُحاكي الحقوق من كافة النواحي، كالمساواة، وعدم التمييز، وحرية التعبير، وغيرها، كما أنّ الميثاق تُرجم إلى 530 لغةً، حيثُ يحمل بهذا رقم غينيس العالميّ للأرقام القياسيّة باعتباره الوثيقة الأكثر ترجمة في العالم. وقد جاء اليوم العالميّ لحقوق الإنسان تكريسًا للعديد من الأهداف التي تعكس مدى أهمية هذا اليوم، ومنها: ضمان معاملة الأشخاص جميعًا بعدالة، وكرامة، واحترام وذلك ليعيش كل انسان في بلاده بكرامة واحترام، حيثُ يحق له العيش بدون اضطهاد، أو قمع لأفكاره، أو امتلاكه وتبعيته لشخص آخر، بالإضافة للقضاء على كافة مظاهر انتهاك حقوق الإنسان. متابعة مستوى التقدّم في ضمان حقوق الإنسان.

واذ يتزامن الاحتفالان بمكافحة الفساد وميثاق حقوق الانسان، توكيدا لان الفساد  هواحد العوائق على طريق صيانة حقوق الانسان وكرامته، تكون هذه الاتفاقية والقيم التي تروج لها أكثر أهمية من أي وقت مضى، مما يتطلب من الجميع توحيد الجهود للتصدي لهذه الجريمة. ويتصدر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، وأمانة مؤتمر الدول الأطراف في الاتفاقية، قائمة الكيانات التي تبذل جهود مضنية لضمان عالم خال من الفساد.

إن الفساد ظاهرة اجتماعية وسياسية واقتصادية معقدة تؤثر على جميع البلدان. فالفساد يقوض المؤسسات الديمقراطية ويبطئ التنمية الاقتصادية ويساهم في عدم الاستقرار الحكومي. ويقوض الفساد أسس المؤسسات الديمقراطية بتشويه العمليات الانتخابية وبتحريف سيادة القانون وبتكوين مستنقعات بيروقراطية منشأها الأساسي طلب الرشى، وتتعطل التنمية الاقتصادية بسبب غياب تشجيع الاستثمار المباشر، فضلا أن الشركات الصغيرة داخل الدولة تعاني العجز عن تحمل الكلفة المطلوبة ”لبدء التشغيل“ بسبب الفساد. ولا يمكن أن يتحقق بناء عالم عادل وكوكب مستدام إلا من خلال العمل معا في القضاء على الفساد .وتركز حملة اليوم العالمي لمكافحة الفساد على أهمية الدور الذي يلعبه حراس النزاهة الشباب كمدافعين ومناصرين. ويتضمن هذا الدور مثلا زيادة الوعي بشأن الفساد وآثاره على مجتمعاتهم. والمشاركة بالأنشطة والنقاشات وإيجاد الحلول المبتكرة لمكافحة الفساد. وتهدف الحملة إلى تعزيز أصوات قادة النزاهة في المستقبل والسماح لهم بالتعبير عن مخاوفهم وتطلعاتهم والإستماع لهم. تفقد البلدان النامية ما بين 20  و 40 مليار دولار سنوياً من خلال الرشوة وسوء تخصيص الأموال، وغيرها من الممارسات الفاسدة، وتتجاوز الاعباء المجتمعية للفساد بشكل كبير قيمة الاصول التي ينهبها القادة المعروفون للعامة. ولا فائدة للحديث عن جهود مكافحة الفساد بدون البحث عن اسباب فشل الكثير من محاولات استرداد اموال الفساد التي تمكن الفاسدون وزعماء الفساد من نهبها وتهريبها الى دول اخرى بعد ان وجدوا لها ملاذات آمنة في العديد من البلدان الأجنبية.

يقدر آخر تقارير منظمة الشفافية العالمية حجم الفساد في الدول العربية بما يناهز الثلاثمائة مليار دولار، أي ما نسبته 30 بالمئة  من الحجم الإجمالي لمبالغ الفساد في العالم التي ناهزت الألف مليار، وتقتصر هذه الأرقام والنسب على المرصود فقط من العمليات المالية الفاسدة في الوطن العربي وتختص بالممارسات المرتبطة بصورة مباشرة بتعريف التقارير لمفهوم الفساد الذي يختزله في سوء استعمال الوظيفة في القطاع العام من أجل تحقيق مكاسب شخصية. ومن المؤسف جدا أن العراق من الدول المتدنية في مؤشر الفساد العالمي، حيث يقبع في آخر تسلسل الدول الخالية من الفساد، وبمجموع 154 تليه جزر القمر 162 ثم السودان 163 ثم ليبيا 170 ثم اليمن 176 ثم سوريا 177 واخيرا الصومال بالمرتبة 180.

 مستشار قانوني وامني وخبير عربي ودولي بمكافحة الفساد