إستهداف العراق وتقسيم سورية في لعبة إقليمية
رشيد العجيل
تُعد إسرائيل بمساعدة الولايات المتحدة لاعبا» جوهريا» في الصراع السوري المستمر منذ سنوات حيث تراقب المشهد عن كثب لتحقيق أهدافها الأمنية والسياسية. حيث إن سوريا تمثل جبهة حساسة على حدودها الشمالية فإن أي تحركات عسكرية فيها تُشكل تهديدا» استراتيجيا». في هذا الإطار يُعد انتقال الفصائل المسلحة العراقية إلى سوريا فرصة لإسرائيل لاستهدافها واستنزاف النفوذ الإيراني بشكل منهجي مع تهيئة الظروف لاحقا» لتقسيم سوريا بما يخدم مصالح إقليمية متعددة.
الأهداف الإسرائيلية من توريط الفصائل العراقية في سورية
إضعاف النفوذ الإيراني :1
تعتبر إسرائيل أن الميليشيات العراقية المدعومة من إيران جزء من مشروع إقليمي يهدف لتعزيز النفوذ الإيراني عبر ممر بري يصل إلى لبنان. وجود هذه الفصائل في سوريا يمنح إسرائيل ذريعة لاستهدافها بشكل مباشر مما يُضعف هذا المشروع ويقلل من خطورة «حزب الله» اللبناني كتهديد استراتيجي.
استنزاف الفصائل المسلحة:2
مشاركة الفصائل العراقية في الحرب السورية يُشتت قواها ويستنزف مواردها. هذا يخدم الكيان الصهيوني حيث يقلل من قدرة هذه الميليشيات على التفرغ لجبهات أخرى ويضعف تأثيرها إذا حاولت العودة إلى العراق أو الاقتراب من الحدود الإسرائيلية.
إبعاد التهديد عن الحدود الإسرائيلية:3
تسعى إسرائيل إلى منع أي تمركز للميليشيات العراقية أو الإيرانية في الجنوب السوري خصوصا» في المناطق القريبة من الجولان. لذلك تُنفذ ضربات استباقية مستمرة لمنع هذه الفصائل من الاستقرار في هذه المناطق وتصفية التهديدات المحتملة قبل اقترابها.
احتمالية تقسيم سوريا والمستفيدون الإقليميون
تركيا والسيطرة على الشمال:1
تسعى تركيا إلى تعزيز نفوذها في شمال سوريا مستغلة حالة الفوضى لتوسيع نفوذها الجغرافي وضمان عدم قيام كيان كردي مستقل. هذا السيناريو يُتيح لها السيطرة على أجزاء واسعة من الشمال السوري مما يُحقق لها مكاسب استراتيجية واقتصادية طويلة الأمد.
إسرائيل والجولان:2
بالنسبة لإسرائيل، فإن استمرار النزاع وتجزئة سوريا يضمن لها تثبيت سيطرتها على الجولان ضمن مشروعها الاستيطاني في فلسطين مع ضمان عدم ظهور تهديد مستقبلي من الجنوب السوري. تقسيم سوريا إلى كيانات ضعيفة يُعزز التفوق الأمني الإسرائيلي ويُبعد أي تهديدات محتملة.
الأمراء المحليون وتفتيت الدولة:3
الصراع المستمر في سوريا خلق قيادات محلية وفصائل متعددة بعضها يسعى لفرض سيطرته على مناطق معينة. تقسيم سوريا سيؤدي إلى نشوء كيانات صغيرة متصارعة ما يُنهي أي فرص لقيام دولة مركزية قوية.
• تهديد العراق مستقبلاً
تشتت الفصائل العراقية في سوريا قد يُضعف الجبهة الداخلية في العراق ويفتح الباب أمام تدخلات إقليمية تهدد استقراره. كما أن تقسيم سوريا قد يُؤدي إلى تصدير الفوضى إلى الداخل العراقي.
نهاية نفوذ حزب الله والأحزاب المؤيدة لإيران
تقسيم سوريا وإنهاك الفصائل المسلحة سيُضعف بشكل كبير «حزب الله» اللبناني الذي يعتمد على الدعم الإيراني المستمر. استنزاف إيران في سوريا سيحد من قدرتها على دعم حزب الله أو أي فصائل أخرى موالية لها مما يُقلل من تهديدها لإسرائيل والدول الأخرى.
الاستراتيجية الإسرائيلية في الإقليم
خلق مستنقع طويل الأمد:1
تسعى إسرائيل إلى إغراق الفصائل العراقية في حرب طويلة داخل سوريا ما يؤدي إلى استنزافها وإضعاف النفوذ الإيراني.
التنسيق مع القوى الكبرى:2
من خلال التنسيق مع الولايات المتحدة تضمن إسرائيل تنفيذ ضربات دقيقة دون ردود فعل دولية قوية مع تحقيق توازن استراتيجي يُعزز مصالحها.
الخاتمة
تستغل إسرائيل تعقيدات المشهد السوري لتحقيق مكاسب استراتيجية حيث ترى في تورط الفصائل العراقية فرصة سانحة لاستنزافها وإضعاف إيران. إن تقسيم سوريا إلى كيانات متناحرة يخدم المصالح الإسرائيلية والتركية ويُهدد العراق مستقبلًا مما يُحول المنطقة إلى ساحة استنزاف دائمة لخصوم إسرائيل ويضمن تفوقها العسكري والسياسي.
يُعد تحرك الحكومة العراقية لوقف توريط الفصائل المسلحة في الصراع السوري أمرا» حيويا» للحفاظ على الاستقرار الداخلي والسيادة الوطنية.
فاستمرار هــــــــــــذا التورط يُشتت جهود الدولة ويستنزف مواردها مما ينعكس سلبا» على الأمن الداخلي ويدعم الأصوات التي تطالب ببقاء القوات الدولية والأمريكية تحديدا». بالمقابل يُسهم الابتعاد عن الصراع السوري الحالي في تقليل التدخلات الخارجية ويُجنب العراق أن يصبح ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية.
حماية العراق من الانزلاق في هذه الصراعات تعزز وحدته الوطنية وتُركز الجهود على إعادة البناء ومواجهة التحديات الاقتصادية والأمنية.