شاع في الاونة الاخيرة بين اوساط الاكاديميين تسمية جديدة مفادها ((المؤتمر الوهمي)) والذي يحلو للبعض تسميته بـ»المؤتمر الاستغلالي» وهذا النوع من المؤتمرات لا تنظمه الجمعيات العلمية، بل شركات مدرة للدخل، غرضها استغلالي، وليس تعليميا، حيث تسعى للاستفادة ماليا من احتياجات الباحثين لتقديم عروض في المؤتمرات ونشر الأوراق البحثية.
وفي الآونة الأخيرة، كانت هناك زيادة في ظهور هذه المؤتمرات الوهمية، ولم يعد من الآمن بالنسبة للباحثين الجادين، افتراض أن المؤتمر حقيقي بدون إجراء بحث جيد في خلفية منظميه ورعاته وقد تكون فرصة لبعض الباحثين، الذين لا تكون جودة عملهم بالقدر الكافي الذي يسمح بتقديمه في مؤتمرات شرعية، فيتوجه إلى المؤتمر المزيف.
يقول الباحث الاكاديمي علي حسين من الجامعة المستنصرية : لابد من القول انه لا توجد أي شكوك حول مؤتمرات تنظمها جمعيات علمية رصينة مثل الجمعية الكيميائية الأميركية، لكن تلك التي يتم تنظيمها من خلال شركات مجهولة الهوية، يجب أن يتشكك الباحث في جديتها، لا سيما إذ كانت صياغة عنوان المؤتمر غير احترافية.
ويضيف: ان أي صياغة لعنوان مؤتمر تبدأ بـ»مؤتمر دولي عن..»، يثير لدي شكوك في جديته ونزاهته العلمية، ودائما ما تكون شكوكي في محلها».
مؤتمرات وهمية
وبالنسبة لباحث يقيم في الولايات المتحدة الأميركية، فإن فرص الوقوع في فخ المؤتمرات الوهمية، صعبة للغاية، غير أنه ليس مستبعدا، لكن الأمر يبدو أكثر سهولة للشركات المنظمة لمثل هذه المؤتمرات الوهمية في استقطاب باحثين من أفريقيا وأميركا اللاتينية وبعض الدول الآسيوية، كما يذهب القاضي.
ويقول: «في الغرب وأميركا لن يتحمل الباحث تكلفة التسجيل في مؤتمر يدرك أن الأبحاث المنشورة به لن تدخل في التصنيفات العلمية المعتبرة مثل تصنيف «كلاريفت أنلاتكس»، لكن يمكن لباحث «غير مجتهد» من دول العالم الثالث، أن يقبل التسجيل في المؤتمر سعيا للحصول على نقطتين في التقييم الذي يتم إجراؤه من أجل الترقية العلمية».
ومثل المجلات الوهمية التي تتيح للباحثين سهولة الوصول إلى النشر مقابل رسوم، مع تجاهل ضوابط مثل المراجعة الدقيقة من قبل الأقران أو التحقق من الانتحال، فإن المؤتمرات الوهمية تفعل نفس الشيء بالنسبة للأوراق البحثية التي يتم عرضها.
تشير الادبيات الى اهتمام المؤتمرات و الندوات العلمية بإعداد عدد من الفعاليات و التي تحاول تغطية كافة تطلعات الجهات المنظمة و الداعمة و تحقق متطلبات الأبحاث العلمية كإقامة ورشات العمل والتي تتناول الجانب العملي للمشاريع ذات الطابع التطبيقي و المعارض التي تتضمن عرض الرسومات والمخطوطات العلمية أو عروض تصويرية وتمثيلية تتعلق بموضوع المؤتمر .
كما تهدف المؤتمرات بالاساس الى بناء العلاقات الاجتماعية بين الاكاديميين و توثيق الأبحاث المقدمة للمشاركة و بالتالي حفظ الحقوق الفكرية للباحثين وزيادة ثقة الباحثين بأنفسهم من خلال عرضهم للأبحاث أمام الحضور و اعتماد المؤتمر كقاعدة بيانات علمية يتم الاستناد إليها و للأبحاث المنشورة فيها مستقبلا .
كما تشكل المؤتمرات مساحات اجتماعية يلتقي فيها الباحثون مع باحثين آخرين، ويقيمون اتصالات جديدة، ويحافظون على الاتصالات القديمة، ويعقدون محادثات استكشافية، ويبادرون إلى التعاون.
وبالتالي وتجمع هذه المؤتمرات شبكة معقدة من المهنيين الأكاديميين وغير الأكاديميين لمناقشة ونشر المعرفة الجديدة ، وتشمل ممارسة «المؤتمرات» أيضًا أنشطة تتجاوز تبادل المعلومات. تشكل المؤتمرات مساحات اجتماعية حيث يلتقي الباحثون بباحثين آخرين، ويقيمون اتصالات جديدة، ويحافظون على الاتصالات القديمة، ويعقدون محادثات استكشافية، ويبدأون التعاون. وبالتالي، يمكن للمؤتمرات الأكاديمية أن تسفر عن وفرة من التأثيرات العلمية والمجتمعية.
و في الماضي، تم إحراز تقدم كبير في قياس تأثير الاستثمارات المالية في العلوم.
ومع ذلك، لا يوجد فهم مشترك لكيفية قياس تأثير المؤتمرات الأكاديمية. وعلى خلفية الوقت والمال الذي يتم إنفاقه على كل من زيارة المؤتمرات وتنظيمها، من المهم فهم الطرق التي تولد بها المؤتمرات التأثير.
واليوم باتت المؤتمرات ساحة مفتوحة تستغلها جهات عديدة لجني الاموال تحت غطاء العلم والمعرفة والادهى من ذلك إن الباحث هو من يذهب إليها متعمدا، بحثا عن وسيلة سريعة للنشر البحثي، سهل للغاية، ويعتمد في البداية على التحقق من الجهة المنظمة للمؤتمر .
المؤتمرات العلمية والازمة الاقتصادية
الاستاذ الدكتور عبد الرزاق الراوي يروي لنا قائلا في الماضي القريب كنا نقصد المؤتمرات العلمية التي تنظمها الجامعات المعروفة تاحذ على عاتقها اصدار فيز السفر والاقامة طيلة فترة المؤتمر وبفنادق محترمة وفي ختام اعمال مؤتمر تنظم سفرة لزيارة احد معالم الدولة المنظمة يتخللها مأدبة عشاء فاخر يتجاذب الحضور اطراف الحديث لتقوية اواصر العلاقات بين الباحثين فنتبادل ارقام بعضنا للتواصل وحضور المؤتمرات القادمة ، و اليوم صرنا نطالب بدفع مبالغ ليست بالقليلة كرسوم مشاركة الى جانب تحمل الباحث اصدار الفيزا والاقامة وحجز الفندق واصبحت الجامعات تتبارى في اقامة مؤتمرات علمية باسعار خيالية بحجة الجودة العلمية والرصانة وووو وهل اصبحت الجودة والرصانة تشترى بالدولار ام ان الازمة الاقتصادية طالت المؤتمرات العلمية !!
لقاء بحثي
– موقف طريف يرويه الدكتور حازم ايمن من جامعة ديالى يقول في احد المؤتمرات المقامة في دولة عربية وبعد الانتهاء من القاء بحثي شعرت بالتعب فارتأيت شرب فنجان من القهوة ولدى تقديمه لي تركوا قصاصة ورق دون عليها ثمن الفنجان الذي علي دفعه بعد الانتهاء من شربه !!!
– وفي فخ مؤتمر علمي اخر لجامعة عربية عريقة يطالب المنظمون بدفع رسوم اضافية للمشاركة بورش علمية بعد الانتهاء من اعمال المؤتمر وكذلك الحال لزيارة المدينة !!!
وعلى المستوى الدولي يتذكر الاستاذ الدكتور ناهض خليفة قبل اعوام لدى مشاركته بمؤتمر في المانيا ( نشفت جيوبنا ) على حد تعبيره بعد ان تخلل المؤتمر زيارة عدد من دول اوربا وطبعا برسوم اضافية لم يتضمنها المنهاج الا ان الامر المخجل لدى عودتنا الى بغداد فوجئنا بمطالبة الجهة المنظمة بتحويل مبالغ اضافية كرسوم نقل من والى المؤتمر !!!.
دراسة اكاديمية اشارت الى ان هناك بعض الاختلافات الملحوظة بين طلاب الدكتوراه وطلاب ما بعد الدكتوراه المشاركين في المؤتمرات العلمية فعلى الرغم من أن أكثر من خُمس طلاب ما بعد الدكتوراه الذين زاروا مؤتمرًا دوليًا أشاروا إلى أنهم تلقوا معلومات حول فرص التمويل (21.6 بالمئة)، فإن هذه النسبة أقل بكثير بالنسبة لطلاب الدكتوراه (12.6بالمئة). أيضًا، أشارت نسبة أكبر من طلاب ما بعد الدكتوراه مقارنة بطلاب الدكتوراه إلى أنهم تلقوا معلومات متعلقة بالوظيفة في المؤتمرات الدولية (36.8 بالمئة مقابل 27.1 بالمئة).
تشير النتائج إلى أن طلاب ما بعد الدكتوراه يستفيدون أكثر من طلاب الدكتوراه من زيارات المؤتمرات من حيث المعلومات المتعلقة بالوظيفة والمعلومات حول فرص تمويل الأبحاث.
أحد التفسيرات المحتملة هو أن احتياجات طلاب ما بعد الدكتوراه للمعلومات مرتفعة بشكل عام فيما يتعلق بأموال البحث والمناصب المفتوحة. غالبًا ما يواجه طلاب ما بعد الدكتوراه مستوى منخفضًا من التكامل في الإجراءات الداخلية وعمليات صنع القرار في الجامعة علاوة على ذلك، غالبًا ما يتميز وضعهم الوظيفي بعدم اليقين والعقود المؤقت .
وختاما وبعد كل ما قيل ويقال عن المؤتمرات الوهمية الى ان الامر لا تثنينا عن المشاركة في المؤتمرات بشكل عام، ولكن من الضروري بشكل متزايد أن نجري بحثنا قبل إرسال رسوم التسجيل، حتى لا نكون مساهمين في تقويض ثقة الجمهور في العلم .