التربية حياة
إيناس البدران
لاشك ان الغاية من التربية هي اعداد الطفل ليكون راشدا الا ان هذه الفكرة قد تسيطر على ذهن المربي او المعلم حتى ليود ان يختصر الزمن ويحرق المسافات ليسحب الطفل من عوالمه السحرية الزاخرة بالوان الخيال والالعاب الى كونه متلق بعقلية الراشد المربي وسلوكه ومنفذ لاوامره ،فيما ترى التربية الحديثة الاهمية في الانطلاق من الطفل ذاته اي الاستنباط من ميوله وطباعه وقابلياته ومقومات شخصيته وهو ما يدعى « pedagogy « وتؤكد ان الطفل ينبغي ان يكون المحور الحقيقي والمركز الفعلي للعملية التربوية.ففي التربية التقليدية نرى ان الراشد هو محورها فهي تنزع لتكوين طفل يتحلى بعقلية الراشد ،كما انها من صنعه ،فهي هنا بما تفرضه من نظام تستعجل النضج وبما تفرضه من امتحانات ومناهج بعيدة عن اهتمامات الطفل وفي الغالب قلما تنفعه في حياته العملية لاحقا متناسية الغاية الاصلية التي نعني بها تكوين شخصية الطفل واعداده للحياة واكسابه الخبرات والمعلومات بتدرج يتناسب ومراحله العمرية ،كما انها تنسى او تتناسى حاجاته واهتماماته ،فالتربية التقليدية تطالب الطفل او المراهق باختزال مراحل مهمة وصولا لغايةالبلوغ التي تعدّ اسمى وأهم غاية لدى المربي ،اما التربية الحديثة فمع اعترافها ان الطفولة والمراهقة تعدّ لسن الرشد الا انها ترى انهما يمكن ايضا ان تعاشا لذاتهما وأن هذه خير طريقة لاعداد الطفل لسن الرشد فعلماء النفس الحديثون يعيدون على مسامعنا حقيقة اساسية وبديهية مفادها ان المحرك الاساسية للفعالية الانسانية يختزل بعاملين هما الاهتمام والميل ولايصل الى ذهن الانسان شيء لايلبي حاجة لديه او دافعا عنده ،فقانون الاهتمام هو الوتد الوحيد الذي ينبغي ان يدور حوله كل شيء،وان العمل الذي لايرتبط ارتباطا مباشرا او غير مباشر بحاجة من الحاجة هو مخالف للطبيعة ،من هنا جاء اهتمام التربية الحديثة باللعب فمهما يكون العمل المطلوب فانه عبر اللعب والحركة في الهواء الطلق خاصة بالمراحل الاولى بامكانه اطلاق كنوز قدرة الطفل ومخزون نشاطه ،ورب قائل يقول ان الحياة ليست لعبا كلها وأن التربية هي اعداد الطفل لمواجهة المسؤولية لكن التربية الحديثة تتبنى مبدأ في غاية البساطة قوامه ان ادخال اللعب خصوصا النشاط الرياضي وحصة الفنية والزراعة التي اهملت تماما في وقتنا الحاضر الى اي عمل يقوم به الطفل والمراهق هو بحد ذاته تفجير لطاقاته وقابلياته واثارة لاهتماماته ،وهكذا نجد ان المربي السويسري كلاباريد يطرح في كتابه «التربية الوظيفية» التساؤل الاتي..هل التربية حياة ام اعداد للحياة ويجيب معترضا على المفهوم التقليدي مؤيدا ديوي وغيره من الباحثين ان التربية هي الحياة .