الإعتلال الشخصي
مروه العميدي
السيكوباثية هي شخصية مضادة للمجتمع، وهي نزعة مرضية أو شذوذ أخلاقي «إضطراب» يعاني منه بعض أفراد المجتمع، إذ يفقدون القدرة على التمييز بين الصواب والخطأ ويبقون تحت شعورهم الغريزي، وهم من صنفهم الفيلسوف سيمغوند فرويد بالأفراد دون الضمائر إذ قال: «إنه ذلك الشخص الذي لم تنمو لديه الأنا العليا (الضمير)». وهناك عدد من الصفات التي تتسم بها الشخصية السيكوباثية منها فقدان الشعور بالذنب رغم الأذى الذي يبدر منهم وتفوق الكره وعدم مبادلة الآخرين بالحب وعدم الولاء والإنسجام وهذا بدوره يرتبط بإفتقارهم للنمو الأخلاقي وموت الضمير وعدم تقيدهم بالأعراف والمُثل والقوانين، فضلًا عن عدم قدرتهم على تحمل حالات الإحباط ولا يتمتعون برؤية مستقبلية، لذا لن تكون لهم أي أهداف على المدى البعيد مما يجعلهم ذات محدودية في التعلم ولن يستفادوا من تجرباتهم السابقة، ينعكس هذا كله على طبيعة روابطهم لذا نجدهم دائمًا فقراء في بناء أي علاقة سواء كانت إجتماعية أو عاطفية، فهم في الغالب قد يلجأون الى حالات عدوانية ويعنفون بكثرة. وتتعدد وجهات نظر الباحثون حول أسباب إكتساب السلوك السيكوباثي فمنهم من يعتقد أن مخ السيكوباثي لا يعمل بصورة طبيعية، بينما ربطه البعض من الفلاسفة بحالة عاطفية أفتقر لها الفرد في طفولته وأن السبب وراء السيكوباثية هو شعور الطفل برفض الوالدين له مما جعله يخفق في قبول معاييرهم الطبيعية كردة فعل على شعوره بأنه مرفوض لديهم. كما وأشار آخرون أن سبب السلوك السيكوباثي يعود نوبات القلق والأستثارة غير الطبيعيان مما يؤدي هذا إلى مزج بين عمليات التعلم الطبيعية، وغيرهم أشاروا إلى أن نمو الضمير الحي يرتبط بطبيعة ونوع العلاقة بين الوالدين المربين خاصة في السنوات الأولى من ولادته فهو يكسب من والديه قيم نبيلة ترتبط بقيم مجتمعه لأنه يسعى دائمًا في تمثيل بيئة أسرته بما كسبه منها من قيم منسقة مع قيمهم. ولو ألقينا نظرة شمولية حول إجراءات معالجة السيكوباثية نرى أن من الضرورة أن تكون هنام تنشئة إجتماعية صحية للطفل داخل إطار الأسرة حتى تمنحه عملية تنسيق قيمه مع قيم والديه والعناية المغموسة بالعطف خاصة في مرحلة النمو الأولى (الطفولة)، والتوجه نحو تعليم المُثل السامية وغرس تعاليم دينه بطريقة قويمة، وتفعيل دور المدرسة كأسرة ثانية للطفل وتفعيل دور المعلم التربوي والوقوف عند المشكلات التي يعاني منها الطفل بالتواصل مع أسرته والتوجه إلى مراكز التأهيل النفسي والسلوكي في حال تفاقم حالات الإضطراب وبروز ردات فعل مؤذية، ورفع تقدير الذات ومواجهة أي نزاعات نفسية وازالة مصادر التوتر والقلق، وهذه جميعها تتم بالتعاون مع الأسرة وتوفيرها للعناية المرجوة.