الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الجهل المركب وإزدواج الشخصية

بواسطة azzaman

قيم العصر التخلّي عن القيم 

الجهل المركب وإزدواج الشخصية

محمد صالح البدراني

 

الجهل المركب هو جهل الجاهل انه جاهل بل إن الجاهل هذا يدعو إلى الثقة بمصداقية انطباعاته عن الأمور، ونجد لهذا واقعا في حياتنا اليومية والعملية والندوات والمقامات، وغالبا ما تكون عند المتلقي وأحيانا كثيرة عند الداعي لهذه والجهل أحيانا كثيرة إصرار على الانطباعات وليس غباء أو كسل، فبعض الطارحين لأفكار محصورة ومشوهة يعبرون عن قناعات لأسباب أيديولوجية غالبا ولمواقف سياسية، لكن هذه الناس لا تعتبر تجهيل الناس مثلبة بل توجيه للعقل الجمعي لصالح قضيتها، أو أنها عرفت بموقف ما فلا تستطيع أن تعود لتصحيحه مراعاة للازدواجية في الشخصية المجتمعية وخشية أن يقال انه غير رايه لما تمليه عقلية الناس من شكوك وظنون ومشاعرهم من قبول البهتان على الآخر بسهولة لانهم لا يتعبون انفسهم بالسؤال أمام جواب جاهز به مقبولية ونناقش الازدواج في شخصية المجتمع لفهمها بدقة.

الازدواجية في شخصية المجتمع: لم أجد خلال بحثي من عرفّها بما يناسب واقعا مذ عرف بن خلدون الصراع بين البداوة والحضر ويقصد التمدن، وذهب علي الوردي إلى الخلط بين الازدواجية كظاهرة اجتماعية وبين الازدواج في الشخصية المرض النفسي نتيجة خلل في نفسية الفرد الواحد الذي يكون مختلفا عن غيره.

بيد أنى اعرّف الازدواجية في شخصية المجتمع أنها ظاهرةٌ متكلمةٌ خرساء، ذات ضجيج وصامته، تعبر عن ثقافة ومنكرة في نفس الوقت، وهي خلل في العقلية وليس النفسية، فهي ليست مرضا نفسيا أو عقليا وإنما مرضا في العقلية (أي المحتوى وطريقة التفكير والوصول إلى النتائج ونسيان الذات عند الحكم على الآخرين ونسيان الآخرين عند الحكم على الذات من حيث الفعل ذاته موضع الحكم) فهو يبيح لنفسه ما يعتبر فعله من غيره جريمة

قيم التخلي

أحد مخرجات الازدواج في الشخصية المجتمعية هو التخلي اللطيف غير المجرّم عند الفرد ما دام ينفعه أو يبعده عن اصطدام أو أثر سلبي متوقع على مصلحته، يحاول تجاوز ما أحدثه من ضرر لك من سلبيته لكن إن اضطررته فهو يهاجم رؤيتك ويسفه فكرك ويعتبرك الشاذ، لم اكتب هذا قبل تجربة واقعية أُجريت ومن مدة طويلة وعلى مجموعة من النماذج ليس بغرض الإحصاء وإنما قراءة السلوك ربما خسرهم المستطلع كأصدقاء لانه أبرز لهم من طبع ما لم يعتادوا عليه فتجلى عندهم الرفض بالإقصاء أو الاستغراب أو مشاعر لا تحصى وليس بالإمكان حصرها بلا معاودة للسؤال للأشخاص انفسهم وبالتأكيد ستكون متنوعة الأسباب.

التخلي عن القيم وفق معايير المجتمع المزدوج هي عيب في الضعف ومداهنة للقوي المعروف عيبه وفساده فلا موقفا منه سلبيا وبالتالي يستحلى التخلي عن القيم في سبيل إشباع الغرائز من التملك وحب السيادة والجاه ويصل لتصويب الرقاعة على الرقي.

ثمن حمل المبادئ كثمن يدفعه المناحر للتيار أما الجهد المحدود المخرجات أو الانجراف عند فقدان المطاولة فتصبح القيم مباعة دون إعلان ولا تحديد لأثمان إلا بقدر طموحات يعجز عندها الإنسان عن مقاومة مغرياتها، عندها تصبح القيم لديه متاجرة كلام، والمواقف هي ضد فساد يرتكبه غيري مختلسا ما أراه حقي وحصتي في مجتمع الفاسدين أو ظلم غيري ظلم وان ظلمت فانا من العادلين.

التخلي لا يبني مدنية لانه يمكن الزيف على الحقيقة ويبرز الجاهل على العالم واتباع الأهواء دون فرز لمعرفة الصواب، وأناس يهربون من المسؤولية برميها على غيرهم منهم أو من خارج بيئتهم دون دراسة وتمحيص وإنما هو طلب لراحة البال من العجز بالكسل.

التخلي عن الانتماء اشد أنواع التخلي وهو امر ملحوظ وواضح فهو يفقد الأمة وضوح شخصيتها ويظهر فساد العقلية والنفسية بصورة بشعة، وعندها نرى نصرة الحق بالمزايدات لا الفعل ومصلحة البلاد آخر القائمة في الأولويات والنفع الشخصي أولها وان كان تافه الثمن مقل بالقيمة.

والتخلي يفقدك الثقة بالمحيط واليأس من المروءة لإقدام الفاسد وتردد وخوف الصالح.

مازالت الأمة بخيـر

في خضم الأحداث التاريخية والتي تشكل بمجملها كينونة الأمة الحاضر والمستقبل بما يحدث عليها من تطور إيجابي أو سلبي، أو تغييرات حضارية فكرية، تحصل مظاهر إخفاقات وربما تولد إحباطا وهذا هو الخطر الفاعل الذي أبرز السلبيات في امتنا.

لكن الأمة ليست أمة ميتة فعوامل الإصلاح داخلها إن فهمت نخبة من الناس ما يصحح فكرها ويزيل الازدواج منه رغم أن الأمر ليس سهلا بل صعب جدا بسبب الجهل المركب وتجذر السلبية والعجز واستحلاء العبودية التي تعذر العاجز من التصدي وقتل الناس طموح الناشط منها على قاعدة القرود الخمس والاستخفاف والتهميش للرواد مثلهم كمثل قصة الزوجة الشريفة التي قتلت الغازي الذي يريد اغتصابها بينما اغتصبت بقية زوجات القرية فقتلنها، تلك وقائع لابد أن تفهم وتحكم والصلاح حتما إلى الأفضل آت تلك من سنن الكون وتصاريف الحياة.


مشاهدات 103
الكاتب محمد صالح البدراني
أضيف 2024/12/17 - 4:41 PM
آخر تحديث 2024/12/21 - 6:26 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 87 الشهر 9269 الكلي 10065364
الوقت الآن
الأحد 2024/12/22 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير