عمر علي شخصية عامة عرفتها
رعد يحيى قاسم
بعد الحرب العربية الإسرائيلية الأولى عام 1948، إذا ذكرت كلمة «عمر علي» في محادثة في بغداد، فلا داع لقول المزيد، حيث كان جميع المستمعين يعرفون من تقصد: الجنرال عمر علي الذي قاد الجيش العراقي في معركة جنين ضد القوات الإسرائيلية في تلك الحرب. قيادته خلال تلك الحرب بشكل عام وفي معركة جنين بشكل خاص جعلت منه بطلاً قومياً في العراق .
تولى عمر علي، الذي كان آنذاك عقيدًا، قيادة حامية جنين وقاد العديد من ألوية الجيش العراقي في معركة جنين (31 مايو - 4 يونيو 1948)، في مواجهة الهجوم الهائل المفاجئ للجيش الإسرائيلي والقوات الجوية الإسرائيلية.
لم تقاوم حامية جنين التابعة للجيش العراقي الهجوم الإسرائيلي بنجاح فحسب، بل شنت أيضًا هجومًا مضادًا لسحق الجيش الإسرائيلي الذي تلقى تعزيزات. وقد فشل الحصار الإسرائيلي على جنين وتكبد الجانبان خسائر فادحة.
طرق حديثة
وقد شهدت جنين أكبر انتصار عراقي في الحرب.
وعلاوة على ذلك، زاد الجيش الإسرائيلي من احترامه للجيش العراقي. ووفقًا للمؤرخ الإسرائيلي بيساح مالوفاني في كتابه «طرق بابل الحديثة : تاريخ الجيش العراقي من عام 1921 إلى عام 2003»، فقد وصف الجنود الإسرائيليون العراقيين بـ «الكابوس المخيف».
بعد عودته إلى العراق بعد نهاية تلك الحرب، كان لعمر علي مسيرة رائعة في الجيش العراقي، حيث ترقى من رتبة لواء إلى قائد الفرقة الأولى بمقرها في الديوانية.
في عام 1957، اقترب منه ممثل «حركة الضباط الأحرار» للمشاركة في الإطاحة بالنظام الملكي الدستوري انذاك. رفض عمر علي العرض لأنه قال إنه أقسم يمين الولاء للملكية، ولم يكن مستعدًا لكسر هذا القسم.
في 14 يوليو 1958، أمر النظام العسكري الجديد بقيادة عبد الكريم قاسم ، الذي لا علاقة له بالكاتب ، بتقاعد الجنرال عمر علي.
وفي صيف عام 1959 توفي عمر علي بسلام في منزله بالاعظمية في بغداد. وعلى عكس ما تمناه العراقيون وتوقعوه، رفضت حكومة قاسم إقامة جنازة رسمية لعمر علي خوفاً من أن يظهر الجمهور العراقي المشارك في الجنازة معارضته للحكومة ويحول الجنازة إلى مظاهرة مناهضة للحكومة.
ثعلب الصحراء
وحدث موقف مماثل عندما توفي الجنرال إرفين هيملر، بطل «ثعلب الصحراء» الألماني، في منزله في هيرلينجن بألمانيا.
ورفضت حكومة هتلر في البداية إقامة جنازة رسمية لـ روميل، ولكن تحت الضغط الشعبي الألماني أعلنت علناً عن إقامة جنازة رسمية في برلين، لكنها تراجعت عن كلمتها ونظمت جنازة رسمية في أولم، وهي مدينة صغيرة، خوفاً من احتجاج الجمهور الألماني الضخم المتوقع أن يشارك في الجنازة الرسمية في برلين ضد الحكومة، وبالتالي تم اختيار مدينة صغيرة لتجنب هذا الاحتمال.
ويظل دور عمر علي في الحرب العربية الإسرائيلية الأولى عام 1948 حتى يومنا هذا مثالاً متألقاً للقيادة العسكرية العراقية والشجاعة.
جدير بالذكر ان الكاتب اطلق على ابنه اسم «عمر علي» تكريما لسيرته التاريخية.