تحوّلات الشاعر من قصيدة العمود إلى قصيدة النثر
مهند الياس
قبل الدخول الى الموضوع نقول: هل كان امريء القيس يعرف ان قصيدته قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل على وجه المثال هي من بحرالطويل :
فعول مفاعيلن فعولن مفاعيلن = فعولن مفاعيلن فعولن مفاعيلن ، وان وزن هذا البحر يكون حسب التقطسع العروضي الفراهيدي هكذا :
فعولن = //0/0= مفاعيلن
//0/0/0 فعولن = //0/0 مفاعيلن =//0/0/0
وهل كان يعرف كل شعراء الجاهلية بان قصائدهم هي تمتلك اوزانا كما حددها الخليل ، طبعا بلا شك ابدا فجميع شعراء الجاهلية هم يجهلون اوزان الشعر بقدر علمهم بالانسياب اللحني للقصيدة .. فاللحن الانسيابي للقصيدة
والذي تعود عليه الشاعر الجاهلي في قول القصيدة ولا أقول كتابتها ، لان الشاعر وكما هو معروف صاحب بديهية وصاحب نباهة عالية مما يجعله وفي كثير من الاحايين يرتجل قصائده في الزمان والمكان المعينين فهو لا يحمل قرطاسا وقلما مثلما كان بحمل السيف .
ف امريء القيس عندما قرأ بين صحبه - قفا نبك – لم يخطط مسبقا انه سوف يمر بين –الدخول وحومل – وحتى يذرف الدمع وتخضل مشاعره ويدفعه هذا الدمع الى قراءة قصيدته التي أصبحت فيما بعد من اشهر معلقات الشعر الجاهلي ائنذاك .
بل وانما قرأها ارتجاليا كما يفعلها اكثر الشعراء .. نعود لنقل ان شعراء الجاهلية لم يكن في علمهم ان القصيدة اوزانها كذا وكذا وما تحمل تفاصيلها من أجزاء البحر الواحد وماهو الزحاف وما هو البيت الغير موزون
وما الى ذلك من تطبيقات الخليل بن احمد الفراهيدي .وحقيقة انني حينما درست ما اسسه الفراهيدي إزاء القصيدة العربية وجد ت ان مجزوءا ت البحور كثير ة.
تاسيس قصيدة
وعلى هذا الأساس نستطيع ان نقول بان الشاعر العروضي يمكن ان يؤسس قصيدته ضمن تفعيلة المجزوء بحرية وحتى تكون القصيدة مكتملة للاوزان الطارئة فمثلا يستطيع الشاعر ان يؤسس من بحر الرجز = مستفعلن مستفعلن او مستغعلن فعن وهذا يعني يان الخليل وجد
في الشا عر له تسهيل الانتقال من التام الى المجزوء وحتى يكون الشاعر لا يشعربتقييد حرية القصيدة وعبر انسيابية اللحن فيها .
وعندما تطور الشعر العربي عبر تحولاته الزمنية المتعددة وصولا الى شعر الموشحات الذي ظهر في الاندلس اخذ التجديد يفتت ما رسمه الفراهيدي من تطبيقات عروضية حيث جاءت النقلة الحاسمة بظهور قصيدةالنثر لتكون الحد الفاصل بين النموذج الشعري القديم والحديث ووفق ما يرسمه ويصوره الحس الشعري حيث تكون اللغة الجد يدة التي تلبي حاجة الشاعر الى التعبير الإبداعي المطلق وضمن تركيبة الرموز الواضحة للصورة الفنية المعبرة .
ان الشاعر الذي كان يلبس شعره جبة الفراهيدي خلع هذه الجبة بعد ان رأى فيها ما يعيبها ولم تعد تلائم صيحة الحداثة التي وفرت للشاعر اجواء تحمل إمكانية التوثب إزاء ماهو افضل في رسم الاحاسيس التي تتفجر في اعماق الشاعر .