التاريخ مؤلم أحياناً
قيس حسين رشيد
بعض التاريخ مُتع وبعضه عِضات وبعضه لبلدان مثل العراق تاريخ للأيلام .هذا الفرع من فروع التاريخ أفترضه الان كما أفترض انه لم يجري الحديث عنه منذ ظهور مصطلح ( التاريخ ) في القرن الخامس قبل الميلاد على يد ( هيرودتس )ابو التاريخ . يحضرنا تاريخ الأيلام المفترض هذا عندما نقف على تراجم النصوص التي حملتها لنا الألواح المسمارية ونستشعر كيف تنكأ هذه النصوص جرحنا النرجسي في اعماق النفس ، فنقرأ في واحدة منها مثلاً أن مملكة يهوذا وعاصمتها أورشليم كانت تدين بالولاء للعراق وملكه الأصيل نبو خذنصر وذلك في القرن السادس قبل الميلاد وهي مرغمة حينذاك ان تدفع الجزية لبابل وترسل عبر ألاف الأميال هدايا من نفائس أرض كنعان لأرضاء ملك العراق وتجنباً لغضبه . وقد اسهبت السردية المسمارية بذكر تفاصيل تلك العلاقة متوقفةً عند حالة عصيان أحد ملوك اليهود وأسمه ( يهوياكيم ) في لحظة طيش على سيده نبوخذنصر وذلك في سنة ٥٩٧ قبل الميلاد فما كان من الأخير ألّا أن قام بأرسال الجيش العراقي فحاصر اورشليم ثم دخلها باطشاً بالمتمردين وعلى رأسهم ملكهم الذي أردوه العراقيون قتيلاً قبل أن يعودوا الى بابل محملين بالغنائم ساحبين خلفهم أكثر من ثلاثة ألاف أسير ، ليس هذا فحسب بل نصّب العراقيون على تلك المملكة أحد أبنائها ملكاً جديداً أسمته المصادر التاريخية ( صدقيا ) .تُرى كيف لعراقي أن لا يشعر بالأيلام وهو يقرأ هذه الحادثة التي لا تمثل الّا جزءاً يسيراً جداً من حلقات تاريخ ارض الرافدين عندما كان العراق سيد نفسه .هذا هو التاريخ المؤلم الذي يملأ النفس حزناً وحسرات خاصة عندما نرى آلة الحرب الصهيونية اليوم وهي تحكم تاريخ المشرق العربي ومغربه وتفتك بلا هوادة بالشعب العربي في فلسطين ولبنان وتنتهك سيادة العراق بأستخدام اجوائه لتصفية حساباتها العسكرية هنا وهناك بل تهدد بضرب العراق في الزمان والمكان الذي تحدده هي . كيف لا نشعر بالأيلام أمام تاريخ من هذا النوع وبين ظهرانينا واقع عربي مُشين بعضه يجثو على ركبتيه للتطبيع مع الصهاينة والأخر يقف على التل متفرجاً على أوصال الاطفال والثكالى وهو ينتظر غير آبه بقصة الثور الابيض والثور الاسود . وليس هناك في الأفق حاكم عربي يحمل في جيناته واحد بالمليون من غيرة وشجاعة نبوخذنصر العراق.