الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الأرقام وليس التاريخ فقط من يدحر الإحتلال الصهيوني

بواسطة azzaman

الأرقام وليس التاريخ فقط من يدحر الإحتلال الصهيوني

منقذ داغر

 

«الماضي هو نظام أنذار مبكر متفوق» نورمان كوزنزNorman Cousins

في عام 1099 أحتُلت القدس وثلاث مناطق أخرى(أنطاكيه،والرها أو البقاع وطرابلس) تحت شعار ديني فيما عُرف تاريخياً بالحرب الصليبية. وفي عام 1948 أحتُلت القدس مرة أخرى(غربيها على الأقل)تحت شعارٍ دينيٍ أيضاً. وفي كلتا المرتين كان الدعم الغربي غير المحدود هو السبب الرئيس في أقامة دولة الأحتلال(الدينية) وأستمرارها.

لقد كان لأنقسام الدول الغربية بعد أنشاء دويلاتها المحتلة في فلسطين ولبنان في الحملة الصليبية الأولى،فضلاً عن عوامل مهمة أخرى، دوراً كبيراً في تحرير القدس بقيادة صلاح الدين الأيوبي في عام 1148. فقد أدى أنشغال تلك الدول بمشاكلها الداخلية وبخاصة الأقتصادية الى تقليل الأهتمام والدعم للمالك الأربعة المحتلة وعلى رأسها القدس مما سهل للجيش الأسلامي القضاء على الجيشين الألماني والفرنسي اللذين أُرسلا في الحملة الصليبية الثانية آنذاك للدفاع عن مملكة القدس. ومن يهتم بالرأي العام في الدول الغربية،وأمريكا تحديداً يمكنه تلمس التغيير الكبير تجاه دعم «أسرائيل» بخاصة بين الشباب هناك، بعد المجازر الكبيرة وحملة التطهير العرقي والأبادة الجماعية التي ترتكب الآن في فلسطين ولبنان.

كبار السن

أن السبب الرئيس (المعلن) للدعم الغربي لأسرائيل هو المحرقة التي تعرض لها اليهود على يد هتلر. لكن بعد ثمانين عاماً على تلك المحرقة لا يبدو أن الكثير من الشباب في الغرب يتذكرها جيداً. لذلك فحين أجرت محطة CNN  أستطلاعاً للرأي في عام 2018 شمل 7000 شخصاً في سبع دول أوربية  عن تفضيلهم لدولة أسرائيل أو فلسطين كان هناك أنقسام واضح بحسب عمر المستجيبين حيث فضل كبار السن أسرائيل في حين أن نسبة كبيرة من الشباب أما أجابوا بلا أعلم أو أنهم فضلوا فلسطين. وفي أستطلاع آخر شمل 1000 أوربي في عدة دول ونشرتة البولتبكو Politico   في عام 2021 أفاد 41 بالمئة  فقط (معظمهم من كبار السن) بمسؤولية أوربا عن المحرقة اليهودية. هذا يعني أن أحدى أهم الحجج التي تأسست عليها دولة أسرائيل لم تعد صالحة كثيراً للدفاع عن هذا الكيان المحتل.

في مقابل ذلك فأن المحرقة التي يقوم بها الجيش الأسرائيلي ضد الفلسطينيين واللبنانيين يومياً ومنذ أكثر من سنة حاضرة وحية على كل وسائل الأعلام بخاصة مواقع التواصل. هذا ما قد يفسر الى حد كبير لماذا أن غالبية المواطنين في 5 دول أوربية مهمة (المانيا ،فرنسا،بلجيكا،أيطاليا والسويد) تؤيد حظر على تزويد السلاح لأسرائيل بحسب أستطلاع يوجوف Yougov  قبل بضعة أشهر.نفس الأستطلاع أشار الى أن حوالي نصف السكان في أيطاليا وبلجيكا والسويد،وحوالي ثلثهم في المانيا وفرنسا يعتقدون أن أسرائيل ترتكب جريمة أبادة جماعية في غزة. بنفس الأتجاه أظهر أستطلاع في 43 دولة في العالم نشرته التايم Time  في بداية هذه السنة أن التأييد لأسرائيل قد هبط بشكل ملحوظ وكبير(حوالي 20 نقطة) في 42 دولة .ولم تبدِ أي دولة منها نظرة أيجابية لأسرائيل عدا أمريكا التي شهدت هي الأخرى هبوط في مستوى النظرة الأيجابية لها.

انعاش اصطناعي

حتى في أمريكا،الداعم القوي لأسرائيل والذي لا يستطيع الكيان الصهيوني العيش أذا رفع البيت الأبيض أجهزة الأنعاش الأصطناعي عنه، فقد شهدت السنة الماضية أتجاهاً عاماً واضحاً،بخاصة بين الشباب نحو تأييد الفلسطينيين على حساب الأسرائيليين.فبعد أسبوع واحد من 7 أكتوبر 2023 أظهر أستطلاع نشرته الفوكس نيوز أن 68 بالمئة من الأميركان متعاطفين مع االأسرائيليين مقابل 18 بالمئة مع الفلسطينيين. بعد سنة من ذلك التاريخ هبطت نسبة من يتعاطفون مع الأسرائيليين الى 25بالمئةمقابل 15بالمئة مع الفلسطينيين.

في حين أن  49بالمئة من الأميركان باتوا يتعاطفون مع الأثنَين بحسب معهد بيرسون Person Institute  .لا بل أن من يلقون اللوم على  أسرائيل في أشعال الحرب باتت (75 بالمئة) وهي مساوية تقريباً لمن يلقون اللوم على حماس (76 بالمئة)، وأعلى ممن يلقون اللوم على أيران(73 بالمئة) بحسب نفس الأستطلاع.

أكثر من ذلك فقد أرتفعت نسبة الأميركان الذين يؤيدون قيام دولة فلسطينية مستقلة من 22-29 بالمئة خلال سنة واحدة،وصارت نسبة الأميركان الذين يعتقدون أن حكومتهم لا تساعد الفلسطينيين كفاية أكبر من نسبة من يقولون منهم أنها لا تساعد الأسرائيليين كفاية( 35 بالمئة مقابل 3 بالمئة)!!

لقد كان لافتاً في جميع هذه الأرقام أن الشباب(قادة المستقبل) في أميركا هم أكثر المؤيدين للفلسطينيين وغي المتعاطفين مع أسرائيل. فبحسب مؤسسة بيو PEW  للأبحاث فأن 60% من الأميركان الذين تقل أعمارهم عن 30 سنة يتعاطفون مع الفلسطينيين،مقابل 46% من نفس الفئة العمرية ممن يتعاطفون مع الأسرائيليين!

تكشف هذه الأرقام عن تحول كبير،وليس بسيط في فهم الأميركان للقضية الفلسطينية وتأييدهم لها،فضلاً عن رفضهم للمجازر الصهيونية في غزة. فأذا علمنا أن أميركا هي الحبل السري للكيان الصهيوني،وتذكرنا التاريخ الذي يخبرنا أن أحد أهم أسباب أندحار الصليبيين في حملتهم في فلسطين كان تقلص أو هبوط الدعم الغربي لهم كما أوضحت ذلك في مقدمة المقال،فهمنا مغزى هذه الأرقام ودلالاتها. لقد أنفقت أمريكا 22.76 مليار دولار لدعم أسرائيل في عدوانها الحالي بحسب صحيفة  The Hil،هذا فضلاً عن 110 مليون دولار مساعدات ألمانية في هذه السنة فقط ،ومئات الملايين التي حصلت عليها من دول الغرب الأخرى،بخاصة بريطانيا وفرنسا. فأذا علمنا أن تقديرات كل كلف أسرائيل في هذه الحرب بلغت 60 مليار دولار للآن فهذا يعني أن أميركا والغرب تحمّل حوالي 40% من كلفة الحرب وهو ما يؤكد فرضية هذا المقال بأن أسرائيل لا يمكنها أن تحيا بدون الدعم الغربي الذي بات يتقلص يومياً الى مستويات غير معهودة سابقاً. واضح تماماً أن الكلف الآنية المباشرة التي يتكبدها الفلسطينيون واللبنانيون هائلة ومريعة وتعبر عن أجرام صهيوني لا متناهي،لكن على المدى المتوسط والبعيد فأن أسرائيل لا يمكنها الأ أن تعترف بحقوق الفلسطينيين ودولتهم المستقلة.


مشاهدات 137
الكاتب منقذ داغر
أضيف 2024/10/30 - 5:56 PM
آخر تحديث 2024/11/21 - 5:46 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 330 الشهر 9454 الكلي 10052598
الوقت الآن
الجمعة 2024/11/22 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير