الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
بغداد الجمال والعشق الأبدي

بواسطة azzaman

بغداد الجمال والعشق الأبدي

سعيد ياسين موسى

 

ولدت في بغداد / محلة القشل، كنت طفلا يصطحبني المرحوم والدي الى سوق الشورجة الكبير يوما بعد يوم فسح لي المجال بالتجول في شارع الرشيد وكنت لا أبتعد عن المحل الواقع في سوق الجاي كنت أقف منبهر أمام جامع المرجان واتلفت بين الجامع ومبنى مصرف الرافدين تأخذني خطاي الى شارع السمؤال أدور واتمشى في شارع المصارف رجوعا للمحل وهكذا يوم آخر يسمح لي ان اتمشى بإتجاه جسر الأحرار وأنا أشاهد الناس تشتري الصحف يضعون النقود في جهاز ويسحبون الجريدة لا اعرف ما اسمها لاني كنت مازلت خارج سن المدرسة كنت أقف أمام محل لبيع القهوة وصاحب يلوح لي بفنجان من القهوة وأنا أشكره وأقول عمو ما أشرب قهوة، وهكذا نحو ساحة الرصافي الذي لم يكن منصوبا حينها وأعود واتجول في سوق الصفافير وترن في أذني أصوات المطارق التي غابت اليوم، وأعود للمحل «وين جنت وأسرد لأبي مشاهداتي وتساؤلاتي ويجيب هسه بعمر بس تباوع وآني أسولفلك بعدين» وكأنه كان يريد أن أعرف المكان وأستكشفه ويزرعه في ذاكرتي .كنت مرافقا وحيدا دائما لجدتي أم ياسين وإسمها «خديجة وكنت أسمع ينادوها خيجة رحمها الله تعالى» من خيجة  عرفت الكثير من الأزقة والدرابين لأني مرافقها الدائم في زيارة الأقرباء والأحبة ومن مرافقتها عرف مصلحة نقل الركاب «الأمانة» رقم 34 الذاهب الى الكاظمية المقدسة حيث تذهب للزيارة وبعدها ارافقها الى بيت قريبها ملاية مريم رحمها الله تعالى زوجة السيد ياسين الأعرجي وأعود بها الى شارع الكفاح.

حملة تلقيح

بعدها أبعد مكان وصلته مشيا على الأقدام موقع مستشفى الجمهوري في باب المعظم حيث كانت حملة تلقيح ضد الكوليرا حينها.

كبرت وترعرعت كنا نجتمع كيافعين ومراهقين ونقرر أن نتحول في بغداد ، اول جولة كانت الى شارع الرشيد منه الى شارع النهر حيث الجمال والصاغة وصولا الى سوق التجار الى المسناية على نهر دجلة حيث قوارب والابلام التي تنقل الناس بين الرصافة والكرخ الشواكة والكريمات ومقهى التجار وعمارة الدفتر دار ونعود أدراجنا الى شارع الجمهورية مصرف الرهون الى البيت، ويوما آخر نقرر أن نتجول في الجزء الثاني من شارع الرشيد من جسر الأحرار الى الباب الشرقي كنا ننظر منبهرين الى مداخل دور السينما المنتشرة على جانبي الشارع هذا المقطع من شارع الرشيد من أجمل المقاطع كنا نرفع انظارنا حيث الشناشيل طبعا حينها لم يكن جسر السنك موجودا وكانا نتناول لفة الهمبركر مع الببسي من أبو يونان لها طعم خاص، كنت أخبر أصدقائي بأن ساعتي اليدوية من ماركة «أولما من محل الساعاتي ناجي جواد» أول ساعة يدوية أقتناها المرحوم الوالد، وهكذا كنا نستكمل الشارع طبعا لا أريد أن أطيل عليكم لأن في كل متر ذكرى جميلة.

ويوم آخر نقرر أن نتجول في شارع الكفاح وصولا الى الكسرة و الوزيرية والعودة من العيواضية التي كانت تدعى العلوازية ويوم آخر نخترق شارع الجمهورية وصولا لباب المعظم والعودة من منطقة الميدان حيث وزارة الدفاع ومن ثم نخترق شارع الرشيد وننتقل الى منطقة القشلة حيث المباني التراثية الحكومية مثل المتحف العسكري ومتصرفية لواء بغداد والمحكمة ومقرات أخرى لنخترق سوق السراي ، ونعود أدراجنا الى الرصافي سوق الشورجة وعلاوي الشورجة الى بيوتنا.

ويوم آخر تجوالنا يكون شارع الكفاح نحو باب الشرقي «الشرجي» مرورا بباب الشيخ حيث مرقد الشيخ عبد القادر الكيلاني قدس، وصولا الى متحف الفن الحديث وحديقة الأمة ونعود الى جامع السفير الخلاني قدس مرورا بملعب العوينة والشيخلية ونخترق علوة التمن مرورا بجامع صدر الدين وسوق الصدرية ونعبر الشارع الى محلة الهيتاويين ومنها الى جامع هادي بادي في القشل وكنا نواضب على الصلاة في جامع المصلوب بإمامة السيد محمد طاهر الحيدري الأب قدس الذي قتل مسموما.

اداء الزيارة

وهكذا كنا نكبر عام بعد عام وقمنا نتجول من القشل والدهانة الى الأعظيمة الحب عبورا الى الكاظمية البهية ونسير على الأقدام على ضفتي نهر دجلة من كورنيش الاعظمية عبورا للكاظمية ومن ثم أداء الزيارة لنتحول الى كورنيش الكاظمية ومنها الى جسر الحديد ومن ثم الكسرة لنخترق شارع الكفاح من باب المعظم ثم منطقة الفضل وصولا للبيت.

جميع جولاتنا كانت جماعية وسيرا على الأقدام.

ويوم آخر نحو شارع السعدون وصولا الى شارع العطار ونعود عن طريق شارع النضال ساحة الطيران شارع الكـــــــــــــفاح، أما الجولة في شارع أبي نؤاس كانت لابد من تناول العشاء حيث السمك المسكوف، وهنا تحضرني طريفة، أحد الأصدقاء قال لنا «إنتوا معزومين على سمج مسكوف على حسابي» إستغربنا كثيرا مع ذلك صدقناه وهــــــــــــــــبنا ومعه كمية من الخبز الحار وعندما وصلنا للمطعم أوقفنا قريب من منقلة سكف السمج ووزع علينا الخبز وطلب منا أن نتنفـــــــــــــس رائحة الشواء ونأكل الخبز ومنها كانت له وجبة دسمة «بسطة من بسطة» وهو يجري أمامنا ضاحكا ونحن نلاحقـــــــــــه حارقين غايبين.


مشاهدات 107
الكاتب سعيد ياسين موسى
أضيف 2024/11/19 - 12:41 AM
آخر تحديث 2024/11/21 - 3:43 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 285 الشهر 8989 الكلي 10052133
الوقت الآن
الخميس 2024/11/21 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير