من سرقة الأحذية إلى سرقة المليارات
حسين الصدر
-1-
عمليات السرقة لم تنقطع في أيةِ مرحلةٍ من مراحل التاريخ، وكان بعض السّراق يسطون على الأحذية ويسرقونها في منحى بالغ الدلالة على الدناءة والصغار والكسل عن العمل المُوصل الى الرزق الحلال .
-2-
ومن الطرائف في هذا الباب أنّ الشيخ بشير التبريزي زار (ابنّ الحرّاني) ببغداد ، وحين هَمّ بالخروج وجد حذاءه مسروقاً ،
فكتب الى الحراني يقول :
دخلتُ اليك يا أملي ( بشيراً )
فلما أنْ خرجتُ خرجتُ ( بِشْرا )
أَعِدْ يائي التي سقطت من آسمي
فيائي في الحساب تُعدُ عَشْرا
فبعث الحراني اليه ( بنصف مثقال ) ..!!
والبيتان يحتاجان الى بعض التوضيح فقوله ( خرجتُ بِشْرا ) إشارة الى بشْر الحافي ، حيث أصبح مثله حافيا بعد سرقة حذائه
وأما الياء من ( بشير ) فهي بحساب الجُمّل تعد عشراً .
-3 –
وهكذا واكب الشِعْرُ حركةَ الناس وانعكست الاحداث – صغيرها وكبيرها – على قوافيه .
واللافت أنّ نجم الدين بشير التبريزي كان يتمتعُ بحس أدبيّ متميز، وظَرَفٍ مستحسن، وهذا ما جعله قادراً على اتحافنا بالبيتين السابقين .
-4-
والعراق الجديد – عراق ما بعد 9 / 4 / 2003 مُني بكثرة اللصوص والسراق – ومنهم من يعتبر نفسه من عليّة القوم – فعاثوا به فساداً وَسَطَوْا على ثرواته ، وهربوا المئات من مليارات الدولارات الى الخارج، ولا يمر يوم الاّ ونسمع بفضائح جديدة، وأرقام رهيبة، ينهبها بلا هوادة الذين لا تهمهم مصالح البلاد والعباد ويودعونها باسمهم في حسابات مصرفية في الخارج أحيانا وباسماء بعض متعلقيهم في الداخل .
ولا ندري الى أي مدى ستستمر هذه الهجمات الغادرة على الثروة الوطنية العراقية ؟
أما آن ان يكف الســــُرّاق عن عملياتهم المنكرة اللعينة ؟