الوصايا الست
جواد العطار
لعبت المرجعيات الدينية عبر التاريخ المعاصر في العراق والمنطقة ادوارا محورية ومتعددة في مواجهة الظلم والطغيان ومحاربة الاستعمار وتحرير البلاد ، ونذكر هنا فتوى مرجعية الميرزا الشيرازي بعد عام 1890 باعلان تحريم التنباك في ايران التي ادت إلى إفلاس الشركات البريطانية وتحرير إيران فيما بعد من الاحتلال البريطاني وتحقق ذلك بالتزام الشعب ، وموقف المرجع محمد تقي الشيرازي في ثورة العشرين بالعراق عام 1920 والتي ادت إلى تأسيس الملكية وتحجيم الاحتلال العسكري البريطاني واشتعلت الثورة بالتزام القبائل العراقية والتضحية بابناءها ، وغيرها الكثير من المواقف.
واليوم لا يختلف احد في داخل العراق بكافة مكوناته وفي الخارج دول كبرى وصغرى ومنظمات دولية... على شخصية السيد السيستاني ومرجعيته التي تعتبر بحق صمام امان العراق بمواقفها التي حسمت الكثير من القضايا المهمة ، ومنها: الاولى حصار مدينة النجف والتوسط بوقف القتال الضاري بين جيش المهدي والحكومة عام 2004 الذي كاد يودي بالتجربة السياسية الوليدة في مهدها لولا حكمته ووساطته التي احترمتها جميع الاطراف ، والثاني الدعوة الى كتابة الدستور بايدي عراقية باعتباره اولى لبنة في الانظمة الديمقراطية ، والثالثة كانت في دعم المرجعية لاخراج الاحتلال الامريكي عام 2011 والتي كانت بصمة تأريخية لا تنسى ، توجت بالرابعة عام 2014 بفتوى الجهاد الكفائي التي كان من أبرز نتائجها القضاء على تنظيم داعش الارهابي وتحرير كامل الاراضي العراقية.
لذلك يتفق الجميع على ان مرجعية السيد السيستاني ضمانة العراق وصمام أمنه واستقراره بمواقف كثيرة سديدة ورشيدة كان آخرها الوصايا الست التي اطلقتها المرجعية قبل ايام خلال استقبال محمد الحسان ممثل الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس بعثتها في العراق (يونامي) ، والتي تتلخص بالتالي:
١. إعداد خطط علمية وعملية لإدارة البلد.
٢ . اعتماد مبدأ الكفاءة والنزاهة في تسلم مواقع المسؤولية.
٣.منع التدخلات الخارجية بمختلف وجوهها.
٤ . تحكيم سلطة القانون.
٥.حصر السلاح بيد الدولة.
٦ .مكافحة الفساد على جميع المستويات.
فعلا انها خارطة طريق حقيقية للإدارة الرشيدة للدولة والحكم ، ورغم إقرار المرجعية بالمسار الطويل أمام تحقيق ذلك وسط تلاطمات اقتصادية داخلية واقليمية قلقة ، الا ان ذلك لن يتم ولن يرى الشعب الضوء المشرق في نهاية النفق ، ان لم يعي الساسة قيمة الوصايا ويلتزموا بمضمونها ويعملوا على تحقيقها من خلال الادارة العلمية للامكانات والموارد المتوفرة واختيار الرجل المناسب في المكان المناسب على مبدأ الكفاءة والنزاهة والمجرب لا يجرب وبالتوقف عن اعادة تدوير نفس الوجوه ونبذ المحاصصة واحترام القانون والدستور والاقرار بالولاء للعراق والعراق اولا وحصر السلاح بيد الدولة ومحاربة الفساد دون محاباة فلا احد فوق القانون واموال الشعب مقدسة. فهل يسمع الساسة؟ وهل يعوا الدروس الماضية؟ ام نبقى ندور في نفس الدوامة؟!!!.