فاتح عبد السلام
المواهب الإبداعية للأدباء والفنانين والأكاديميين العراقيين في الخارج منذ عقود، تستحق رعاية نوعية.
هناك أدباء وفنانون انقطعت أواصر عودتهم للبلد لأسباب اجتماعية وشخصية وسياسية وسواها، وهؤلاء ثروة كبيرة لم تنتبه اليها اية حكومة مرّت بالعراق، كما انّ وزارتي الثقافة والخارجية تبدوان “خارج التغطية” تماما في مسألة الالتفات الى ظاهرة الثقل الثقافي والعلمي النوعي للعراقيين في الخارج.
أسباب الإهمال معروفة، وتدور في فلك الولاءات السياسية والتغطية بالعباءات السوداء أو البيضاء التي تمنح الشرعية والحقوق والرعاية، وكل ذلك متصل بالفساد المتفشي أيضاً.
في حين انّ أصحاب الثروة الإبداعية في الخارج متحررون في معظمهم من شراك العقليات الحاكمة وغير مستعدين للتورط في الالتحاق بها، وهي مثال للتردي والتراجع والتسطيح.
مع توالي السنين، تكوّن جيل ثان من أبناء العراقيين المهاجرين، وأخص منهم المبدعين والعلماء والكفاءات، حتى أصبح هذا الوجود العراقي النوعي في المهجر أكبر وأعلى وأثقل. والتفاصيل كثيرة، لأنها تتعلق بمئات الألوف، وربما ملايين.
هل سأل وزير الثقافة نفسه سؤالاً، عن دلالات بقاء جيل او جيلين من المبدعين منقطعين عن التواصل مع بلدهم لأنهم يشعرون بغربة في التعاطي مع معطيات إدارة الثقافة وشؤونها؟ والسؤال موجه الى وزير الخارجية الذي لابد ان يكون ولديه قسط من الإجابات الغائبة.
المسألة لا تتعلق بوزراء المحاصصة، وانما بالعقلية العامة التي تدير البلد، وكيفية التعاطي مع كل مبدع عراقي في أي مجال من مجالات الابداع الكثيرة، من الفن والشعر والادب والفكر والقانون واللغات والى الأزياء والطبخ والسياحة والخبرات العامة وسوى ذلك الكثير.
أصدقائي يستغربون و يقولون لي دائما انك تلح على هذه الناحية التي لا علاج لها منذ عقود، وانّ الكلام مع الحكومات يشبه «النفخ في قربة مثقوبة»، وانّ اليأس أصاب المبدعين والكفاءات ليس من انعدام الرعاية وانما من تفشي الجهل في الرؤوس الجالسة على الكراسي إزاء وجود عالم آخر من العراقيين في الخارج، ليس لهم دولة تقف معهم سوى الدول التي باتوا ينتسبون اليها بحكم الإقامة الدائمة.