إدارة اتحاد الأدباء.. مهنية خائبة وديمقراطية غائبة
نادية هناوي
لاتحاد الأدباء والكتّاب في العراق قانون ونظام داخلي ببنود ومواد وفقرات توضح أسس عمله وتحدد مساراته وصلاحيات المناصب فيه واجباتٍ وحقوقًا. وأول الأسس التي يرتكز عليها عمل اتحاد الأدباء أنه اتحاد مهني تُمارَس مهنيته بالصيغ الديمقراطية ولكن للأسف الشديد أن كلا هاتين الصفتين معدومة تماما في عمل إدارة الاتحاد خلال الدورات الثلاث الأخيرة. وبيان هذا الأمر لا يتطلب جهدا كبيرا في الايضاح ولا في إطالة النقاش؛ فنظرة عاجلة لأنشطة الاتحاد تقدم لنا أدلة على غياب المهنية وفقد الديمقراطية. وأسطع دليل على ذلك الفعاليات ( المهرجانية) الخاوية التي يقيمها الاتحاد والتي من أوضح صورها غياب المهنية والديمقراطية. وعادة ما يشرك في هذه الأنشطة بعض النقاد البارزين من باب ذر الرماد في العيون لتكون مصدا دارئا للانتقاد. وأما جلّ من يشتركون فممن يحظون برضا هذه الإدارة أو يتملقونها ويتزلفون لها. وما عدا هؤلاء يتم اقصاؤهم وممارسة غمط حقوقهم المهنية. والسبب المواقف الصلبة إزاء هذه الإدارات. لا أقول ذلك لأني أحد المبعدين من أنشطة الاتحاد والمتجاهَلين في فعالياته، بل لأني اتخذت موقفا عاهدت فيه نفسي وكل من يهمه أن تسير مؤسساتنا الثقافية -ومنها اتحاد الأدباء- في الطريق السليم الذي يفضي بها إلى تحقيق أهدافها المتوخاة منها. وأحسب أن ما قدمتُه في هذا الإطار وعلى مدى السنوات الأخيرة كان حاضرا للعيان وحيا في الأذهان. وما لي من رصيد ثقافي تَجسد في كتب ومقالات ودراسات في أهم المنافذ الثقافية في عموم البلدان العربية يجعلني بمنجى من التأسف على عدم المشاركة في فعالياتهم الخاوية.
أنا برمة بها، غنية عنها بالدعوات الكريمة التي أتلقاها من مؤسسات ثقافية محترمة أكاديمية وغير أكاديمية في مشرق الوطن العربي ومغربه، فكان لي شرف المشاركة خلال المدة الأخيرة في مؤتمرات نقدية ذات مستوى رفيع في قطر والاردن والمغرب وموريتانيا والخليج العربي وتركيا فضلا عن المنصات المهمة في الهند وبريطانيا وأمريكا واوزبكستان وإيطاليا.
لست أقول ذلك تباهيا، بل أقول للامهنيين واللاديمقراطيين: لن تستطيعوا التحكم بإبداع من آمن إيمانا حقيقيا بإبداعه، ولن تتمكنوا من كسر إرادة من اتخذ الدفاع عن الحقيقة هدفا له. وفي محاولة لإضفاء مظهر الممارسة الديمقراطية أقام إداريو الاتحاد حوارا قبل الإعداد لملتقى السرد الأخير لكنهم لم يلتفتوا إلى أي رأي مما طرح من لدن الحاضرين. وقد جهد الناقد الكبير فاضل ثامر في توجيه الملتقى نحو محاور مهمة وضرورية، ويشرفني أن ما طرحه في ذلك الحوار هو من صلب اهتماماتي وجهودي التي ابتكرت فيها واجترحت. وما قاله الأستاذ فاضل ثامر بالحرف الواحد: ( نحتاج إلى محور نظري يتحدث عن قضايا التجنيس على غرار ما فعلته الدكتورة نادية هناوي في فحصها للأجناس الأدبية وتشكلاتها تاريخيا. وهذه مسألة مهمة جدا فأحيانا قد يتداخل السرد بالتاريخ وأحيانا يتداخل بالسيرة الذاتية إلى آخره. كل هذه العناصر نحتاج إليها بشكل كبير) والندوة مسجلة على اليوتيوب بعنوان «نادي السرد: جلسة مناقشة المحاور النقدية لمؤتمر السرد الخامس»
بيد أن موقف إدارة الاتحاد كان سلبيا إزائي، ولكن تكفيني كلمة الأستاذ فاضل ثامر، فهي شهادة أعتز بها إلى جانب شهادات كبار أدباء العربية.
لست بمستغربة هذا الموقف الاقصائي من لدن إدارة الاتحاد، وأدرك تماما أسبابه ودوافعه المتمثلة بفضح عمليات الاستحواذ على مشروع منتدى النسوية الذي سبق أن قدمته لإدارة الاتحاد ومصادرة حق ملكيته من قبلهم بالإضافة إلى ما كتبته من مقالات في جريدة القدس العربي، أبانت هشاشة كتابات الرئيس الحالي للاتحاد وفقره المعرفي في علم السرد؛ فهو لا يملك سوى لصق كلمة سردية بأية كلمة أخرى بمناسبة أو من دون مناسبة كما كان يفعل سابقا مع كلمتي السؤال والأسئلة حتى تركهما ولكن بعد أن صدع الرؤوس بهما. وكم كان مصيبا الشاعر المعروف عبد الكريم كاصد حين وضع الحقيقة المرة بيده في قوله:(نصوصه المختارة هي التي استوقفتني فهي تتداخل بعضها ببعض وكأنك في متاهةٍ، فلا تدري من أين تبدأ القصيدة وأين تنتهي، هذا العمل الذي لم يطالعني مثيلٌ له في فوضاه، وادعاءاته، طوال حياتي.. إن صاحب المختارات أي الفواز لم يكن عامداً في أخطائه، على شناعتها غير المسبوقة، وما مبعثها إلا جهلُهُ، في هذا المضمار الذي أوصله إلى رئاسة الاتحاد)