فاتح عبد السلام
اذا كان وزير الخارجية الأمريكي انتوني بلينكن قد زار “منطقة الحرب” اكثر من أحدى عشر مرة في خلال سنة واحدة، وهو على طريق الوصول مجدداً في الساعات المقبلة، من دون ان يتوقف اطلاق النار في قطاع غزة، فإنَّ الموفد الأمريكي هوكستين الذي وصل الى بيروت “اول مرة” لبحث وقف الحرب بين إسرائيل وحزب الله، سيضع في حساباته حتما عدداً من الزيارات الحتمية المقبلة ذات التداول الوثيق مع عواصم القرار من اجل الوصول الى هدنة.
الدعوات لإيقاف حرب غزة والوساطات بشأنها، كانت تدور حول المطلب الرئيسي لإسرائيل في اطلاق سراح اسرى عملية طوفان الأقصى ، ويرتكز مطلب حركة “حماس” على إيقاف الحرب وانسحاب الجيش الإسرائيلي، في حين انّ حرب جنوب لبنان اليوم لا تتوافر على ملف للأسرى حتى الآن، وانّ التسويات المتاحة يمكن إنجازها بوضع القرار الدولي 1701 كمرجعية أساسية أو العودة الى مجلس الامن الدولي من خلال الطرف الأمريكي لبحث صيغة جديدة او قرار جديد.
والسؤال المستحق هو، هل انّ إسرائيل كانت مهتمة جدا بانسحاب قوات “حزب الله” الى شمال نهر الليطاني لو لم تندلع جبهة المساندة لقطاع غزة من جنوب لبنان؟ أليس كان بالإمكان ان يستمر «الحال» في هذا التعايش سنوات وربما عقوداً من دون حرب في ضوء قرارات دولية “موجودة” و”غير موجودة” في الوقت ذاته؟
لكن هذا السؤال له إجابات من زوايا أخرى، وهي انّه لا أحد يعلم متى كانت ايران راعي محور المقاومة الذي يمثل حزب الله طليعته، ستفتح جبهة جنوب لبنان اذا ما أصبحت دوائر الحرب أو الضغوط الخانقة الامريكية والدولية تضيق حول العنق الإيراني المتطلع الى تسويات من دون خسائر مع الغرب في الملف النووي ومقايضة أمن الممرات البحرية النفطية.
لكن العودة لافتراضات من الماضي لم تعد مجدية ، بالرغم من انها قد تضيء بعض المسارات، ذلك انّ هناك جولة من المفاوضات الامريكية المهمة في بيروت اليوم، فضلا عن وجود “شبه مفاوض لبناني جديد” يجمع بين الدولة والحزب المحارب.
رئيس التحرير-الطبعة الدولية