كيف تصنع طالبًا ناجحًا ؟
علي مولود فاضل
تساؤل جوهري ومحوري يجب أن يوضع في ذهن من يمتهن التعليم، هذه المهنة التي وصف النبي الكريم محمد (عليه الصلاة والسلام) بها، في هذا المضمار يمكن أن أدلي بدلوي بعد إتمام عقد من التدريس في الجامعة.ابتداء، الطلبة (طين حر) يمكن تشكيله بالطريقة التي يرغبها المعلم، وصفة معلم أجدها الأصوب لمن يقدم محاضرة لطلبته؛ لأنه إذا أجاد هذه المهنة وطوّر أدواته ومعارفه وأساليبه، يمكن أن يكون قدوة مثلى لهؤلاء الطينيين -إن جاز التعبير-.وأنا أكتب هذه الكلمات، حالي، يشبه حالكم، وحال ذاكرتكم، التي استحضرت معلمًا -بغض النظر عن المرحلة الدراسية التي درّسها لنا-، قد ترك حضورًا حيًا في أذهاننا، لا يمكن نسيانه، هذا المعلم كان أنموذجًا يحتذى ويقتدى.في هذا السياق نعود إلى العنوان، والإجابة عن التساؤل المطروح في أوله: عن الكيفية التي نصنع بها طالبًا ناجحًا، أقول: أهم فقرة تتمثل في التعامل الإنساني، الذي يوجب الاحترام، وتقديم معلومة من القلب؛ كي تصل للقلب، قد يعارضني أحد ويقول المعلومة من العقل، وأُجيب أن المعلومة تُستحضر من العقل، وتبث من القلب.ثاني فقرة مهمة، هي أن يشعر الطلبة بالحرص، المتمثل بغرس المعلومة، ومتابعتها، والتشجيع على تطويرها، والمدح والثواب، ليست الا مؤشرات إنسانية نبيلة تُشعر الطلبة أن لهم قيمة سامية عند هذا المعلم، فضلًا عن دفعهم للمستقبل، وإضاءة الغرف المظلمة في أذهانهم، والنفخ في التطلعات ومشاركة القابل معهم إذا أحسنوا الاستفادة من المعلومة.كذلك الدعم المعوني، والتأهيل، واكتشاف المواهب الفردية، واستنطاق الإمكانات الخاصة بهم، إذ أؤمن -شخصًيا- أن لكل الطلبة مواهب، والخالق جلّ في علاه لم يحرم أحدًا من الموهبة، وحتى إن أخذ شيئًا منه، عوّضه بغيره، ولكن الجوهر يكمن في كيفية استخراج هذه الجواهر، ومسح الغبار عليها.أيضًا توجد فقرة محورية يجب أن لا نغفلها، وهي التقارب، وأعني أن تكون قريبًا، لكن، ـواشدد على لكن- أن تحافظ على الاحترام، وقيمة المعلم، ومكانته وهيبته، مع الحذر من (نفخ) الطلبة، وإعطاء قيمة لهم غير موجودة أساسًا، لكن في الوقت نفسه إعطاء المساحة للمبدعين من الطلبة، ومنحهم الثقة والإيمان بذاتهم، وتعزيز قدراتهم.ربما هكذا كتابات هي للفئة المهمة التي لم تجد فرصة في احتضان طاقاتها، ربما تعرض الجيل -الحالي- إلى الكثير من الإهمال والترك، والسماح له في الخوض بملذات الرقمنة المتاحة، ربما يحتاج الطلبة إلى عصف كتابي وليس ذهني فقط؛ للأخذ بأيديهم نحو التميّز، ربما نحن بحاجة أيضًا إلى تأهيل المعلمين وتقوية مداركهم لخدمة الطلبة الذين هم أمانة بأعناق رعاة مهنة التعليم، ربما هذا التذكير يساعد الطلبة والمعلمين أن يصحوا ويضعوا أهدافًا يمكن تحقيقها، ربما، و، ربتما، يمكنني أن استمر في طرح احتمالات لا نهاية لها، لكني أختم بالقول: عَلِّم الطلبة وكأنك تنظر إليهم أبناء بررة ينتمون لصُلبِك، وترجو أن تراهم في افضل قيمة وأسماها؛ ويقولون هذا ابن فلان.