تحديات الهوية بين القمع والعولمة
خالدة خليل
أنا كُردية حتى لو أتقنــــــت اللغة العربية أفضل من العرب أنفسهم ، وهذا يعني أنني أنتمي لكُردستان الوطن القومي لنا نحن الكُرد أرضاً وشعباً ولغةً ،لكن ذلك لا يعني في الوقت نفــــسه أي تنافر بين الهويات ، لأن أحد أهم عوامل ترسيــــخ المواطنة يكمن في احترام التنوع القومي والديني ،وعــــــدم السعي إلى إقصاء وتفكيك الهـويات كما فعلت الحكومات في ظل الأنظمة المتعاقبة ،والتي حرمت الكُرد من ممارسة حقوقهم الطبيعية. وبهذا كبرت الفجوة بين الهويات وزاد من البعد والتنافر تلك الممارسات القمعية والتي مثلّت انعكاساً لتعامل الأنظمة مع المختلف وهذا يشكل خطراً كبيراً مع أنه لم يفلح في تفكيك الهويات وأغتيال التنوع. ويكمن الخطر الآخر في العولمة التي يظن البعض أنها تسعى إلى توحيد الهويات وصهرها في ظل ما يشهده العالم من تغييرات متسارعة. إنّ بروز رؤية متوازنة ستكون حتماً في صالح التنوع والتعدد بين مايدعو اليه العالم المتحضر في الحفاظ على التنوع ، وبين العولمة التي تُعنى بالتواصل الإنساني وتبادل الثقافات . لقد عمدت المجتمعات المتقدمة ومن خلال إستراتيجيات وآليات واضحة سواء من خلال النظام السياسي أو الإنتخابي إلى تعزيز الهويات وليس دمجها والحفاظ على خصوصياتها وخاصة المكونات التي تواجه خطر الانقراض لحمايتها والحفاظ على بقائها وديمومتها ، وهذا يعدّ بالتالي حفاظاً على الهوية الفرعية من الذوبان ، بإعتبارها خزيناً من الثقافة والتاريخ والإرث المشترك الذي يمثل فسيفساء أي بلد وثرائه . وبدون هذه الآليات ستؤدي الممارسات القمعية و العولمة إلى تآكل الثقافات المختلفة ، وسيطرة قسم منها على أخرى مما يُفقد بعض الثقافات خصوصياتها ويؤدي بها إلى المحو والذوبان .