بين تقدمين

علي جاسم

أجيز حزب تقدم في  22 أب 1925 برئاسة عبد المحسن السعدون، وضم خمسون نائباً، ويعد أول حزب برلماني عراقي، دعا الى تطبيق بنود المعاهدة العراقية البريطانية لعام 1925 والعمل على ادخال العراق لعصبة الامم وتخليص البلاد منّ الأستعمار، وللحزب صحيفة ناطقة بأسمه تدعى (التقدم)، وأن المنتمين للحزب حينذاك هم من النواب فقط، ولم يسمّح لغيرهم من الإنضمام، وغلب على الحزب الطابع العشائري، ولاقى الحزب تأييداً بريطانياً ممثلاً بالمندوب السامي، بيد أنه لم يلاقي تأييداً شعبياً وقتذاك، أذ ضعُف الحزب لعدم وجود رؤية واضحة فكرياً، كما أن النواب من أبناء العشائر لم يؤمنوا بالحزبية وقيودها، وأن رئيسه عبد المُحسن السعدون أنتحر وانتهى الحزب.. ويمكن تبيان أوجه التشابه بين حزب تقدم في العهد الملكي وبين حزب تقدم في العراق الديمقراطي المعاصر والذي تأسس في خضم التطورات الداخلية، ولا سيمى محافظة الأنبار والذي أجيز بتاريخ 12 أيلول 2017  على يد مؤسسه محمد الحلبوسي،  فهو أول حزب مدني ديمقراطي في الأنبار، بعد أفول وتراجع القاعدة الجماهيرية للحزب الإسلامي العراقي الذي كان يعد مرجعاً رئيسياً في الأنبار وبعض المحافظات الأخرى، فالمشترك الأول بين الحزبين هو الأسم، والثاني العمل النيابي الصرف، وثمّة نقاط قوة في حزب تقدم الجديد يتمثل بالقاعدة الجماهيرية الكبيرة خصوصاً في محافظة الأنبار، والتي جاءت نتيجة العمل الدؤوب على أرض الواقع فأصبحت المحافظة التي عانت من الدمار والنكبات في أعقاب عام 2014 واحة خضراء، وأعيد إعمار البنية التحتية لمدن المحافظة وكل المناطق التي تحت حكم قادة الحزب، فأضحت واجهة لكل المحافظات ومثال يُحتذى به في التطور والتغيير، كما أن الحزب له برامج سياسية ورؤى واضحة وأفكار حداثية توائم تطلعات المجتمع المنفتح على العالم في خضم عصر التكنولوجيا والسفر والسياحة، ألا أن حزب تقدم يؤشر عليه ضُعف الحِراك الثقافي والعلمي، كما لا توجد له صحيفة توثق عمله ومواقفه، وتؤسّس له ذاكرة سياسية نالت قبول مجتمعي قياساً بالأحزاب الأخرى، وثمة نقاط قوة أخرى تمثلت بالقبول العشائري للحزب ولرؤاه السياسية والإجتماعية وخططه المستقبلية التي نُفذت على أرض الواقع، والدفاع عن حقوق المحافظات التي يُمثلها، والحصول على مكتسبات سياسية وإقتصادية لجمهوره، فمن هنا حظي الحزب بمقبولية شعبية كبيرة حتى وقتنا الحالي.