بعد هزيمتهم الإنتخابية.. الديمقراطيون بين جلد الذات وجرأة النقد الذاتي
محمد علي الحيدري
في أول تبرير لخسارة الحزب الديمقراطي انتخابات 2024 قبل أيام قالت الرئيسة السابقة للكونغرس الأميركي نانسي بيلوسي ان انسحاب بايدن المبكر كان يمكن ان يكون له تأثير إيجابي على وضع الديمقراطيين الانتخابي، خاصة وان استطلاعات الرأي أظهرت أنه قد لا يكون قادرا هذه المرة على هزيمة المرشح الجمهوري دونالد ترامب ، وهو موقف ذهب اليه أيضا عدد من أعضاء مجلس النواب الذين رأوا أن الانسحاب المبكر لبايدن - لو حصل - لأعطى فرصة أفضل للحزب الديمقراطي كي يرسم خطته الانتخابية.
وبعد أن «وقع الفأس على الرأس» كما يقولون، يبدو أن من الصعب التنبؤ بتفاصيل رد فعل الديمقراطيين على خسارتهم في انتخابات 2024، لكن من الممكن تحليل بعض السيناريوهات المحتملة بناءً على الأوضاع الحالية والتوجهات السياسية.
فمن المحتمل أن يقوم الحزب الديمقراطي مثلا بتحليل داخلي شامل حول أسباب الخسارة. وهذا سيشمل دراسة السياسات والرسائل التي لم تلقَ دعمًا كافيًا من الناخبين، وتقييم الحملة الانتخابية، وأداء المرشحين، والموارد التي تم تخصيصها للانتخابات. وربما يحدث أيضًا نقاش حول ضرورة تعديل استراتيجيات الحزب أو تقديم رؤى جديدة لتوسيع قاعدة الدعم.وبعد هذه الهزيمة القاسية قد يواجه الديمقراطيون تحديًا في الحفاظ على وحدة الحزب، خاصة إذا تبين أن الخسارة تتعلق بخلافات داخلية حول سياسات الحزب وقضاياه الانتخابية أو القيادات التي رسمت استراتيجية الحملة الانتخابية واختيار الفريق المرشح. وقد يكون هناك مطالبات بإجراء تغييرات في قيادة الحزب أو تعزيز مكانة بعض الأعضاء الذين ربما يعتقدون أنهم كانوا أكثر قدرة على التعامل مع القضايا التي أثرت على مزاج الناخبين وخياراتهم.ومن الممكن جداً أن تُثار في الحزب الديمقراطي مجددًا أسئلة حول الموازنة بين الأيديولوجيات الوسطية والتقدمية داخل الحزب. ففيما يرى البعض أن بعض الطروحات التقدمية وخاصة تلك المتعلقة بحقوق الانسان شكلت عبئًا على الحملة، يعتقد آخرون أن الحزب بحاجة إلى تعزيز أجندة تقدمية أكثر طموحًا لجذب الناخبين الشباب والمثقفين الليبراليين.ومن المؤكد أن يبدأ الديمقراطيون في تشكيل معارضة نشطة للحكومة الجديدة. فمن المحتمل أن يعارض الحزب السياسات الجديدة بشدة، ويعمل على تشكيل جبهة موحٌدة ضد مشاريع قوانين ستطرحها إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترامب ويرى الديمقراطيون أنها غير عادلة أو تضر بالفئات الضعيفة وذات الدخل المتوسط.ومن غير المستبعد أن يقوم الحزب الديمقراطي بوضع استراتيجيات للانتخابات المستقبلية التشريعية النصفية بعد عامين والرئاسية عام 2028. وهذا الأمر يشمل التركيز على تعزيز قاعدة الناخبين، خاصة في الولايات المتأرجحة، والعمل على استعادة الثقة في القضايا الكبرى مثل الرعاية الصحية، والتعليم، والعدالة الاجتماعية والتأكيد على حلول جديدة لمشاكل مثل التضخم أو البطالة.كما أن من المتوقع أن يلجأ الديمقراطيون إلى البحث عن سبل لمحاسبة الحكومة الجديدة على سياساتها المتخذة مثلًا، قد يسعون لإجراء تحقيقات في مجالات مختلفة، مثل حقوق الإنسان أو القرارات الاقتصادية.
ولحين تنجلي الغبرة تماما فإن الديمقراطيين يواجهون بالفعل تحديات كبيرة في تحديد الطريق للمضي قدمًا. سيكون عليهم التفكير في كيفية استعادة ثقة الناخبين، خاصة في ظل وجود جمهور سياسي متنوع ومتقلب، مع ضرورة التأكيد على سياسات تجمع بين العدالة الاجتماعية والنمو الاقتصادي وتحديات الهجرة وضبط الحدود، فضلا عن تعديل بعض مفاصل السياسة الخارجية التي كلفتهم كثيرا هذه المرة.