مناجاة إلى شقيقتي بان
فيان القبطان
لا زهد مع الحياة ولا حيلة في الموت، وكيف أزهد بحياة أنتِ فيها.. أنت فناري في لجة بحر عاصف ومنار يهديني في ظلمات الصحارى، لكن... لا أحد يدرأ الموت عمن يحب، وإلا كانت أضلع الأمهات ملاجئ لأبنائهن على جبهات الحروب! خط القدر إرادته، بقدر الله وما شاء فعل، و... إفترقنا أنا في الأولى أستعد للرحيل الأبدي وأنت في آخرة الكون تستقرين! ضاق بنا ميزان الكون فتفرقنا بين كفتيه. كيف أزهد بالدنيا وأنتِ أنا، وكيف لا أهفو الى الآخرة وأنا أنتِ، تتماهى الدنيا والآخرة؛ كي ألقاك فألقاني وأشم ضوع أخوتك الشذي، فتعود لي أنفاسي شهقة أزلية من الأرض الى السماء. خط القدر أمرنا فضاق على وسع الزمان لقاؤنا.. إنسجاماً مع حتمية البداية والنهاية، فطرة الله التي تقضي ببدء العد التنازلي عند الولادة؛ لذلك مهما طال الزمان سنمضي من دون رجعة مخلفين ذكرياتنا معاً..
الذكريات وحدها ترسخ في الذاكرة. ما مضى لا يعود.. لكن يمكننا الذهاب الى ما فاتنا، من المستحيلات الثلاثة.. الشمس تشرق من الغروب والماء يروب والميت يؤوب، في الخيال وحسن الذكرى وطيب المواقف الحياتية.. بان.. لن أنساك ولن ينسى الوفاد الذين وقفوا على بابك محملين بالعوز وذهبوا محملين بالإكتفاء، من دون أن تنظري في عين أحد منهم.. توقيراً.. كي لا تري مسكنة الحاجة على وجوههم. وقرك الله في الدنيا وأثابك خير جزاء الجنة، هذا هو عزائي بفقدك.. أختاه، مفتقدة ضحكات الطفولة وهستيريا المرح وطمأنينة الأسرار الأنثوية البريئة.. العذبة، كالنسائم تلفعنا برقتها.