الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
زماننا الذي وثقته (الزمان)

بواسطة azzaman

زماننا الذي وثقته (الزمان)

علي حداد

 

في منتصف التسعينات ، وفي أول أشهر إقامتي في اليمن التي عملت تدريسياً في جامعاتها مدة أربع عشرة سنة ، التقيت (الزمان) الصحيفة العراقية التي ستزدهر وتتنامى في أزمنتها اللاحقة ، لتستحيل داراً إعلامية مشهود لها بالتميز والانتشار والتأثير الإعلامي المثير .

لم يكن تعرفي (الزمان) في اليمن لقاء غريبين  في مكان عابر ، قدّرت لهما  ظروفهما أن يلتقيا هناك ، بل ارتهان لألفة تواصل في الزمان والمكان تهيأ لي أن أعايش انهماراتها الندية التي كنت ـ وغيري من المثقفين العراقيين هناك ـ  أحوج ما نكون إليها ، ونحن ننوء بهمومنا وأسئلتنا ، وأوراقنا التي صبرت طويلاً ، وهي تعتكف على أسرار ما دوّناه ، بانتظار فرج طال انتظاره يتاح لنا أن نظهرها للنور فيه ، وها هو بين أيدينا في المكان المطمئن و(الزمان) المرحّبة التي تدعونا لنشره على صفحاتها ، لنستعيد يقيناً لم تنقطع أواصره طويلاً مع كثير من المثقفين العراقيين الذين نحمل ودهم طيلة سنيننا العراقية السابقة ، وجلهم أسماء ثقافية وأكاديمية صديقة ، جادة في المسعى والطموح والعطاء الإبداعي الذي أشرً حضورهم ووثق مكانتهم . لقد أمست الزمان ـ يومذاك ـ نافذتنا المشرعة كل حين ـ نطل منها على العراق ، وأخبار أهلنا وما تركته فيهم الحروب والحصارات من أسى وفجائع وانكسارات روح وعوز مرّ . مثلما كانت مدداً ثقافياً عراقياً يأتي إلينا بانتظام ، فنستعيد عبره ما يخاطب المشاعر المحتدمة، ويؤجج حنينها ، وهي تهفو نحو (العراق) الذي أستحال ـ لدى كثير منا ـ  بعيداً عن مسافة التيقن من رؤيته ثانية .

اخبار المثقفين

وغير ذلك فعن طريق (الزمان) وحدها ـ وهي تصدق فيما تنشره ـ كانت تصلنا أخبار زملائنا وأصدقائنا من المثقفين العراقيين ـ سواء من بقي منهم في الداخل ، أو من غادر مثلنا إلى منفاه مجبراً لضغط الحاجة المادية ، أو لنفاذ الصبر على تحمل ما يعانيه الوطن وأهله ، أو لأنه يبحث عن مساحة يبث فيها الصراخ المرير الذي يعتمل في داخله عن كل ما حلّ بالوطن من كوارث الحروب والعدوان والحصار والموت المجاني الذي صار لصيق وجودنا الراهن. وكل أولئك وجدوا في (الزمان) ـ كما وجدنا ـ الفضاء الإعلامي المؤتمن الذي يصدح بما نكتب ويكتبون.لقد فتحت (الزمان) لنا ـ نحن أدباء الوطن المغتربين عنه ـ صفحاتها ، فكتبنا فيها ونشرنا وتحاورنا ، لتواصل الحياة الثقافية العراقية اثبات وجودها وتميّز مكانتها ، عبر صفحات (ألف ياء) وسواها التي تهامت فيها مقالات الأدباء العراقيين وأشعارهم وسردياتهم .

ومع أن من ينشر في الزمان على بينّة أن دوائر أمن الداخل ستضع اسمه في قوائم التمرد السوداء التي يعلنها  النظام السابق بين حين وآخر فإن مجمل الأدباء والمثقفين العراقيين تمسكوا بـ (الزمان) فضاء حرية للكتابة التي كرست سمة للثقافة العراقية أنها أكبر من كل مساع التغييب والملاحقة والتضليل الذي لم ينل من قوة شخصيتها وأصالتها ومكانتها المؤثرة في الفضاء الثقافي العربي.

ربع قرن

ويبقى ـ بعد هذا وغيره ـ أن (الزمان) لم تعد بالنسبة لمعظمنا ـ نحن الذين عايشنا صدورها منذ ما تجاوز الربع قرن ـ مجرد صحيفة كنا نقرأها بل هي أرشيف ذكريات أزمنتنا باحتدامها ، وقلقها ، وتمردها الذي ناء به متحققها الثقافي والإبداعي ، ومرتهن السنين التي رصدت الزمان تحولاتها ومتغيراتها وإشكالاتها في وطن ابتلي بكل ما يمكن لوقائع الأسى أن تبديه ، ومع ذلك بقي متماسكاُ ، ومعطاء ، وواعداً بصحو غد تشرق شمسه وتتسع خضرته ، لتكنس كل المحل والجدب والخراب القيمي وسارقي اليقين الوطني .


مشاهدات 198
الكاتب علي حداد
أضيف 2024/10/01 - 1:16 AM
آخر تحديث 2024/10/15 - 5:43 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 313 الشهر 6700 الكلي 10036423
الوقت الآن
الأربعاء 2024/10/16 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير