من الذي إنهزم في سوريا ؟
جاسم مراد
لسنا الان بصدد ، هل سياسة الرئيس السوري بشار الأسد المغادر للحكم هي السبب في انهيار النظام وسقوط سوريا وتدمير كل مقومات الصمود والدفاع ، أم إن المهزوم هو النظامين في طهران وموسكو، ثم لماذا الصمت العربي والدولي على تدمير سوريا من قبل إسرائيل والتوسع بالاحتلال ، إن الحقائق تثبت بأن ما حدث في سوريا لم يكن وليد احداث حلب ولا هي تعبيراً عن قدرة الفصائل المسلحة لتحقيق شروط القفز على السلطة ، فالذي حدث هو بالضرورة مخططاً له قبل زمناً من قبل الولايات المتحدة وبعض دول أوروبا وإسرائيل وفي ظني بعض الأطراف العربية على دراية بمجريات الاحداث السورية ، قد لا يكونوا هؤلاء بمعرفة بتفاصيل المخطط .
نحن نتحدث ليس عن بشار الأسد فهو غادر وانتهى الأمر ، وإنما الحديث عن سوريا العربية ، سوريا منطق وقلب العروبة وسوريا الدولة ، فهي الان تتعرض لاستباحة شبه مطلقة ، جيشها يدمر ومؤسساتها العسكرية والصناعية والمختبرات البحثية تدمر وعلمائها يقتلون وارضها تُحتل حيث وصل الكيان الإسرائيلي على بعد ( 25) كيلو متراً عن العاصمة دمشق ، كل هذا يجري بصمت لافت للنظر عربيا ودولياً .
إذن ما هو المطلوب بعد كل هذا الذي جرى وسيجري لسوريا ، المطلوب على وفق شكل الاحداث ، هو نزع سلاح سوريا وجعلها دولة يتيمة قابلة للتعايش والصلح مع الكيان الإسرائيلي وتفكيك بنيتها الاجتماعية والسكانية وإقامة كانتونات على أساس المذاهب والعرقيات والطوائف ، قد تتفق مع بعضها ، والأرجح تتصارع مع بعضها البعض على المساحات والموارد والمياه .
الاحداث مأساوية والنهوض حتمي
الاحداث المأساوية التي جرت في سوريا، ليست هي نهاية المطاف ، فقد احتل الإسرائيليون لبنان عام 1982واستباحوا كل شيء وقتلوا من اللبنانيين والفلسطينيين في المخيمات اللبنانية اكثر من ( 17) الف شخصاً وتهجرت المقاومة الفلسطينية من مواقعها في لبنان الى تونس وسوريا والعراق ، ولكن ماذا جرى في اليوم التالي ، الذي جرى تشكل المقاومة اللبنانية وفي المقدمة حزب الله ومقتل حوالي ( 300) جندي من المارينز في بيروت ودحر وانسحاب القوات الإسرائيلية من لبنان وتحرير جنوب لبنان واسقاط مشروع لحد في جعل الجنوب منطقة امنة لإسرائيل وفشل العدوان الإسرائيلي عام 2006 اذن الشعوب لا تهزم ، فهي قد تصاب بنكسات نتيجة عوامل مختلفة ، لكنها تنهض في لحظة من الزمن بسبب الضغط ووحشية المستعمر وهذا ما جرى في غزة عبر طوفان الأقصى الذي غير الكثير من مفاهيم الصراع بين المحتل والشعب المحتل ، قد يقول البعض إن تدمير البنى التحتية لغزة واستشهاد وجرح اكثر من ( 195)الف شخص كان ثمناً باهظاً ، لكن الإجابة المنطقية هي متى توقف الاحتلال الإسرائيلي على مدى ( 76) عاما من قتل وتهجير ومحاصرة الفلسطينيين ، ومتى انصف الغرب وامريكا تحديداً مراعاة حقوق الشعب الفلسطيني المعترف بها دولياً .
فعملية نهوض الشعب السوري في الدفاع عن وطنه واستقلاله الحر مسألة وقت ، ويخطأ من يظن بأن مايحدث لسوريا من ممارسات عنصرية صهيونية وتدمير لقواته وبنيتها العسكرية يمكنها أن تعطل مقاومته ، بالتأكيد المهمة صعبة والظروف القائمة في سوريا لم يحدث مثلها في المنطقة ، لكن سوريا عبر التاريخ معروفة بدورها النهضوي ليس في سوريا فحسب وإنما في المنطقة وشعوبها .
مايثير الدهشة كيف تقبل روسيا بتدمير الاسطول البحري السوري وهو لايبعد سوى كيلو مترات قليلة عن القواعد الروسية في بانياس والاذقية وطرطوس ، وهي الدولة العظمى التي تربطها مع سوريا معاهدات استراتيجية ، هذا الأمر وذلك الموقف يثير العديد من التساؤلات وعلامات الاستفهام ..؟
إن المنطقة العربية كلها مستهدفة ، ولا يصح أن يتصور احداً من المنطقة العربية دولاً وشعوب من انه بمنأى عن المخطط الصهيوني الاستعماري ، والعراق هو الهدف التالي للعدوان الصهيوني الإرهابي ، لذا يتطلب الكثير من اليقظة والتحسب والاستعداد ، والشعب العراقي بكل الوانه واطيافه ومكوناته الاجتماعية مستهدف فعلى الشعب ان يكون موحداً في الخندق الأول للدفاع عن العراق .