ملاحظات حول تسليح البيشمركة بمدفعية ثقيلة
سامي الزبيدي
في 6 آب الماضي قامت الولايات المتحدة الأمريكية بتسليم قوات البيشمركة الكردية 24 مدفع ميدان من النوع الثقيل عيار 105 ملم من طراز أم 119 وجرت مراسيم التسليم داخل مبنى وزارة البيشمركة هذا ما أعلنه وزير شؤون البيشمركة في حكومة إقليم كردستان العراق شورش إسماعيل , ومن المعروف ان قوات البيشمركة هي قوات امن داخلي حسب الفقرة خامسا من المادة 121 من الدستور العراقي التي تقول( تختص حكومة الإقليم بكل ما تتطلبه إدارة الإقليم وبوجه خاص إنشاء وتنظيم قوى الأمن الداخلي للإقليم كالشرطة والأمن وحرس الحدود ) فما تعني هذه الفقرة إنها تعني ان البيشمركة قوات امن داخلي واجبها حماية الأمن الداخلي للإقليم لان حماية حدود العراق وأمنه بما فيه إقليم كردستان العراق من مسؤولية الجيش الاتحادي ولما كانت البيشمركة قوات امن داخلي فأمر تسليحها بالمدفعية الثقيلة لا ينسجم وواجبها الأمني وعليه ملاحظات عديدة , الملاحظة الأولى ان قوات الأمن الداخلي بموجب واجبها الأمني لا تحتاج الى أسلحة ثقيلة خصوصا المدفعية لان قوات الأمن الداخلي والحرس يكون تسلحيها خفيفا عبارة عن أسلحة خفيفة ومتوسطة وهاونات خفيفة وعجلات نقل وهي كافية لتحقيق الأمن الداخلي ,والملاحظة الثانية ان قوات البيشمركة تمتلك دبابات ثقيلة وناقلات أشخاص مدرعة وهذا يتنافى وكونها قوات امن داخلي فهي بهذه الأسلحة تعتبر جيش وزيادة على هذه الأسلحة فالبيشمركة لها صنوف ساندة مثل الجيش العراقي ولها مدارس للصنوف وكلية عسكرية خاصة بها وقواتها تتألف من أكثر من ثمانية وعشرين لواء عسكري متكامل أي ما يعادل تسعة فرق عسكرية تصل أعداد مقاتليها مع صنوفها الى أكثر من أربعمائة ألف مقاتل فأي حرس إقليم هذا؟ وهل تحتاج ثلاث محافظات تشكل إقليم كردستان العراق الى كل هذه القوات ومعها قوات الاسايش والاستخبارات والمخابرات والشرطة للأمن الداخلي أم ان رواء تسليح قوات البيشمركة وزيادة أعدادها بين فترة وأخرى وتسليحها بأسلحة حديثة وثقيلة مقاصد أخرى؟ وملاحظة ثالثة مهمة وهي ان قوات البيشمركة بأعدادها الكبيرة هذه وبمتطلباتها الأخرى كالسلاح والعجلات والعتاد والوقود والتجهيزات تكلف الدولة الاتحادية مبالغ طائلة وكان اتفاق القوى السياسية ألا تتجاوز أعداد قوات البيشمركة ستين ألف مقاتل كقوات امن داخلي تؤمن الحكومة الاتحادية رواتبهم ومتطلباتهم لا أربعمائة ألف مقاتل , وملاحظة رابعة لا يحق لإقليم كردستان العراق إبرام صفقات شراء أسلحة إلا عن طريق الحكومة الاتحادية ولا يجوز للدول تسليم الإقليم أية أسلحة دون موافقة الحكومة الاتحادية , الملاحظة الخامسة يقول الساسة العرب والكرد ان قوات البيشمركة جزء من منظومة الدفاع العراقية فإذا كانت كذلك فان تسليحها وتجهيزها وتدريبها وكل ما يتعلق بحركاتها وتنقلاتها وشؤون مقاتليها يجب ان تتم من خلال وزارة الدفاع العراقية لا ان تسلحها أمريكا ودول التحالف الأخرى بدون علم الحكومة الاتحادية وزارة الدفاع.
ملاحظة سادسة
الملاحظة السادسة ان قوات البيشمركة خاضعة لسلطة الحزبين الكرديين الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني والمفروض بالقوات المسلحة بعيدة السياسة والانتماءات الحزبية , الملاحظة السابعة ان قوات البيشمركة تأخذ أوامرها من رؤساء الأحزاب الكردية وليس من القائد العام للقوات المسلحة فرئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود برزاني هو من يصدر الأوامر لبيشمركة اربيل لا غيره وبافل الطلاباني هو من يصدر الأوامر لبيشمركة السليمانية وحتى ضمن قوات البيشمركة فان بيشمركة السليمانية لا تأتمر بأمر مسعود برزاني وبيشمركة اربيل لا تأتمر بأمر طالباني فهي إذن قوات حزبية تتبع الأحزاب الكردية لا الحكومة الاتحادية . هذه بعض الملاحظات وهناك ملاحظات أخرى لا يسع المجال لذكرها , وفيما يخص تسلح أمريكا لقوات البيشمركة بالمدفعية الثقيلة فقد عدت لجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب العراقي تسليح أمريكا لقوات البيشمركة بمدافع ثقيلة تهديدا للسلم المجتمعي ويرفع من حدة التوتر في البلاد ودعا أعضاء في المجلس لاتخاذ إجراءات قانونية لمنع مثل هذه الصفقات وعلى أمريكا ودول التحالف عدم تسليم البيشمركة أية أسلحة دون موافقة الحكومة الاتحادية ومن خلالها وفي هذا السياق فقد رفض رئيس حزب تقدم محمد الحلبوسي تسليح البيشمركة بمدفعية ثقيلة واعتبر ذلك إجراء يضر الأمن المجتمعي وذكر الحلبوسي نرفض رفضا قاطعا تسليح قوات محلية واجبها الدستوري يقتصر على حفظ الأمن الداخلي بمدفعية ثقيلة متطورة .
والى الآن لم تعلق الحكومة الاتحادية على تسليح أمريكا قوات البيشمركة بالمدفعية الثقيلـــــــة ولم توضح الأمر مع العلم ان أمريكا وألمانيا وكندا وغيرها من الدول سبق وان قدمت أسلحة واليات ومعدات الى قوات البيشمركة سابقا ًوهي ليست المرة الأولى التــــــــــي تستلم فيها البيشمركة أسلحة من أمريكا ودول التحالف .