كيف كان العالم سيبدو لو إنتصرت دول المحور؟
ضرغام الدباغ
لابد من الإشارة بادئ ذي بدء، أن عنوان هذا المقال الطويل المدعم بالصور، هو عمل ممتاز ونادر، وندرته تكمن أنه للمرة الأولى(على حد علمي) يصدر عمل بصرف النظر عن حجمه يحمل عنوانا مثيراً كهذا، ويحمل قدراً من الإثارة، لأن الأطراف المعنية الغالبة والمغلوبة سوف لن يسرها الدول الخاسرة تذكير بما فقدت، أو الدول الرابحة بما استولت عليه.ألمانيا كانت أكبر الخاسرين، وإيطاليا واليابان رغم أنهما دولتان حاربتا ضمن التحالف المسمى „ المحور „ ولكنهما لم تخسرا كثيراً، وبتقديري، أن العقوبات تناولت ألمانيا بوصفها دولة صناعية كبرى، وأراد الحلفاء إضعافها قدر الإمكان، ثم حجم السكان في المانيا يضعها خلف الاتحاد السوفيتي مباشرة، وسعة مساحتها، وانتشار القومية الجرمانية الواسع في أوربا، فالعرق الألماني ينتشر في أوربا ابتداء من الأورال وحتى بحر المانش(الشمال) .
انضباط شديد
الألمان شعب مجتهد، يقدس العمل شديد الانضباط، يستغل قدراته وقواه بذكاء، وهذا ما جعله شعب واسع الثراء، محب لأرض وطنه، شجاع، تتوفر فيه كافة شروط النهوض والتقدم. مثقف، واللغة الألمانية هي لغة علم وفلسفة وأدب ومسرح، لذلك قدم الشعب الألماني للعالم أعمال فنية وأدبية وعلمية وفلسفية خالدة، ولكن ذات الأسباب هي التي دفعت أمم أوربية أن تخشاه وتحسب حسابه، كالمملكة المتحدة وفرنسا (رغم أنهم من عرق انجلو سكسون). والتحسب من ألمانيا كبيرة وقوية، هو ما ضاعف العقوبات عليها، وخسرت بنتيجة الحربين الأولى والثانية الكثير من الأراضي لصالح جيرانها.
إيطاليا تحت قيادة الحزب الفاشي(بعد الحرب العالمية الأولى)، ولأن الأهداف الألمانية كانت تتركز في أوربا شرقاً في الوصول إلى القوقاز، وغربا لفرنسا وبريطانيا، كان الإيطاليون يركزون على حوض البحر المتوسط،، فاحتلت البلقان (بمساعدة ألمانية)وحتى اليونان، وجزر إيجة، (الدوديكانيز)وتقدمت غربا واحتلت جزءا كبيرا من الجنوب الفرنسي بمزاعم أنها مقاطعات إيطالية الأصل، وكانت قد أحتلت ليبيا وتونس، وأبدت مطامع لاحتلال مصر والسودان(الرومانية)، ووصلت للجبشة والصومال (وفشلت باحتلال اليمن)، وهكذا أمتد الحلم الإيطالي لتحقيق بحيرة إيطالية، إلى البحر الأحمر والمحيط الهندي، وبدأت تكون لها امبراطورية استعمارية كبريطانيا وفرنسا.
أما اليابان، فقد كان حلمها أن تتوسع في آسيا براً (كوريا والصين وسنغافورة وتايلند وصولا لبورما وحتى الهند) وبحرا باحتلال جزر المحيط الهادي (الباسفيك)، كجزر الفلبين، وغوام وصولاً إلى الهدف الأكبر باحتلال استراليا ونيوزيلندة.
والحروب الاستعمارية (شهد العالم في تاريخه 12 ألف حربا ونزاعاً مسلحاً) تنتهي غالبا بسقوط امبراطوريات، ونهوض أخرى، والدول التي تخسر الحرب تفقد مستعمراتها، وقد خسرت المانيا في الحرب العالمية الأولى مستعمراتها في آسيا وأفريقيا، إضافة إلى أجزاء كبيرة من أراضيها الوطنية لصالح بولونيا جيكوسلوفاكيا، وفرنسا، هذا غير التعويضات الباهظة التي فرضت عليها، وسلبت فرنسا منطقة الروهر الصناعية(Ruhrgebiet)، فضاعفت بذلك من أزمات المانيا، اما الإمبراطورية العثمانية، فقد خسرت ممتلكاتها كافة، ولم تحافظ إلا بشق الأنفس على ما تبقى من أراضيها.هذا باختصار شديد تاريخ الحروب الكبيرة، ونتائجها على الأرض، وهذه التي كانت محور المقالة المهمة التي تناولها كانت فرضية لم تحدث، كتابه على شكل فقرات، لتسهيل إيصال الصورة للقارئ. نقدمها لكم ونرجو قراءة ممتعة
ماذا كان سيحل بالعالم لو انتصرت قوى المحور (ألمانيا / إيطاليا / اليابان) . الإجابة على هذا السؤال الافتراضي يقوم على أساس الأهداف السياسية البعيدة لقوى المحور على الحلفاء (الولايات المتحدة، بريطانيا، فرنسا ومن التحق بهم من الدول.
وفي الاجابة على هذا السؤال، نتصور مثل هذا السيناريو. كيف ستنتصر قوى المحور على الحلفاء؟ بادئ ذي بدء، كان على ألمانيا النازية أن تنجح في احتلال أوروبا القارية، بما في ذلك الاتحاد السوفييتي السابق، بمساعدة مملكة إيطاليا.وكان سيتعين على قوى المحور أيضًا السيطرة على مناطق في أفريقيا ومنطقة البحر الكاريبي وأمريكا الوسطى والجنوبية، بالإضافة إلى كندا وولاية ألاسكا الأمريكية. ستسيطر الإمبراطورية اليابانية على آسيا والمحيط الهادئ. آنذاك لن يكون أمام الولايات المتحدة والمملكة المتحدة خيار سوى الاستسلام.
5. كان الانتصار في نهاية الحرب العالمية الثانية سيمثل مجرد إشارة البداية لأدولف هتلر لخطته العظيمة للسيطرة على العالم. كان النازيون يفكرون بشكل واسع وشمولي، ومن المرجح أن ينظروا إلى انتصارهم في الحرب هذا باعتباره أحد الانتصارات العديدة القادمة. نعم، وهذا يعني أنه من المرجح أن تندلع المزيد من الحروب العالمية عندما تحاول ألمانيا توسيع إمبراطوريتها.
6. بعد الانتصارات الأولى، شرع النازيون في ضم البلدان التي اعتبروها آرية. وعلى هذا ستصبح دول الشمال مثل النرويج والدنمارك والسويد وفنلندا جزءًا من الإمبراطورية.
حكومة عامة
7. ستستولي الإمبراطورية الألمانية أيضًا على سويسرا، وكذلك فرنسا وبريطانيا العظمى وأيرلندا.
8. من المحتمل أن تكون الحكومة العامة لبولندا قد قامت بتوسيع أراضيها لتشمل جزءًا كبيرًا من الاتحاد السوفييتي السابق، مع سيطرة اليابانيين على الجزء الشرقي الأقصى.
9. كان بينيتو موسوليني (زعيم إيطاليا) قد قام بتوسيع مملكة إيطاليا لتشمل أجزاء كبيرة من منطقة جنوب أوروبا بوصفها تابعة للإمبراطورية الرومانية السابقة. وكان من المحتمل أن تصبح إسبانيا والبرتغال دولتين تابعتين لسيطرة إيطاليا.
10. سيقوم النازيون باستعادة مستعمراتهم السابقة في أفريقيا وكذلك الاستيلاء على الدول (مستعمرات أو أشباه المستعمرات) التي كانت تحت سيطرة الدول الأوروبية المهزومة.
11. مع أن سيكون من السهل حكم العديد من الدول الشرقية، إلا أنه سيتعين على الإمبراطورية اليابانية أن تعمل بجد لغزو الصين.
12. سيتعين على قوى المحور الثلاث (ألمانيا ــ إيطاليا ــ اليابان) العمل معاً لهزيمة الولايات المتحدة أو تدميرها. وسوف تلعب اليابان على وجه الخصوص دوراً حاسماً على جانب المحيط الهادئ، في حين تعمل ألمانيا وإيطاليا على الجبهات الأخرى.
13. رأى هتلر أن اليابان الإمبراطورية حليف استراتيجي، ولكن ليس أكثر من ذلك. إذ كان النازيون ينظرون إلى اليابانيين على أنهم “ آريون فخريون / أي أنهم ليسوا آريين حقيقيين”، لكن هذا كان مجرد خطوة دعائية سياسية.
14. من المرجح أن ينتهي التحالف بمجرد الانتهاء من كافة الأعباء الثقيلة، خاصة مع الصين والولايات المتحدة. ومن المحتمل أيضاً أن يكون تحالف المصلحة قد وصل إلى نهايته، حيث كان اليابانيون لا يزالون ينظر إليهم على أنهم عرق أدنى في نظر النازيين.
15. سيحدث التطهير العنصري الذي يتعرض فيه ملايين الأشخاص للتمييز والاستعباد والقتل. فيما سيتم النظر إلى مواطني جنوب أوروبا وغيرهم من الأشخاص ذوي البشرة الداكنة وقصار القامة الذين لا يستوفون المعايير الآرية على أنهم أقل شأنا وبالتالي سيتعرضون للتمييز.
16. إن «الإنسان غير الآري» - وهو المصطلح الذي استخدمه النازيون للإشارة إلى الشعوب غير الآرية، والشعوب الأدنى، سوف يعانون أكثر من غيرهم. من المحتمل أن يكون هناك تطهير عرقي لليهود والغجر والسلاف، على سبيل المثال لا الحصر. وستكون بنمط أسوء من هولوكوست .
17. من المحتمل أيضاً أن يقتل الأشخاص المعاقين جسدياً وعقلياً (تظهر الصورة ملصقاً لبرنامج القتل الرحيم T-4). كما فعلوا مع جميع الأشخاص الذين ليسوا من جنسين مختلطين أو أي شخص يعارض النظام.
قتل الافارقة
(الصورة: التخلص بالقتل الرحيم لمتوارثي الأمراض(المعاقين) لتنقية الشعب ..!
18. سيتم قتل الأفارقة والآسيويين غير اليابانيين أو إجبارهم على العبودية. وينطبق الشيء نفسه على الناس من أمريكا الوسطى والجنوبية.
19. من المحتمل أن يحرم العالم من الديانات. إذ كان أدولف هتلر والحزب النازي معروفين بعدائهم للدين. ربما سوف لن يكون للدين مكان في الرايخ الثالث
الصورة“ دعاية ضد الأديان ..خنجر يطعن الانجيل ..!)
20- على الرغم من أن العالم سيكون في وضع أسوأ بكثير لو انتصرت قوى المحور في الحرب العالمية الثانية، إلا أن بعض التطورات الإيجابية ربما تكون حتمية.
21. استثمار النظام بكثافة في التكنولوجيا والعلوم. ومن المرجح أن نشهد تقدمًا على جبهات عديدة، بما في ذلك الميكانيكا والطيران. في الواقع، عمل العديد من العلماء النازيين لصالح الحكومة الأمريكية بعد الحرب.
22. لقد كان الانتصار الافتراضي لقوى المحور موضوعًا للعديد من الكتب، ولا سيما رواية „عرافة الجبل“ الصادرة عام 1962 (والتي تم تحويلها إلى مسلسل تلفزيوني عام 2015، انظر الصورة)، „SS-G“
23- ولم يتم تناول هذا الموضوع في الأعمال الأدبية فحسب، بل أيضاً في وسائل الإعلام الأخرى، مثل الأفلام والتليفزيون والرسوم الهزلية وألعاب الفيديو.
24. حان الوقت الآن للتحقق من الواقع (مرحب به للغاية). والحقيقة هي أنه كان من غير المرجح أن تنتصر قوى المحور في الحرب. الآن دعونا معرفة السبب.
25. بادئ ذي بدء، كان لدى البريطانيين واحد من أفضل وأكبر الجيوش في العالم (دون أن ننسى دور ومساهمة جميع دول الإمبراطورية البريطانية والكومنولث).
تتمة الموضوع على موقع (الزمان) الالكتروني
كان لديهم العديد من القواعد الإستراتيجية حول العالم وكانوا مجهزين بكمية هائلة من المدفعية الثقيلة
26. سيطر الجيش الأحمر على الجبهة الشرقية وتمكن من وقف توسع قوى المحور. ثم اقتربوا من قلب دول المحور، مباشرة ومارسوا ضغطًا قويًا عليهم. كان أمام هتلر دولة قوية وواسعة عابرة للقارات تقاتل ضده.
27. بعد الهجوم على بيرل هاربور عام 1941، دخلت الولايات المتحدة الحرب. وهذا لسوء الحظ بالنسبة لهتلر، إذ كان الأمريكيون أقوياء وكان لديهم الكثير من الموارد.
28. ومن الناحية الجغرافية، كانت الولايات المتحدة محظوظة أيضًا لأنها كانت بعيدة عن العمليات في أوروبا، حتى تتمكن من الاستمرار في تصنيع وتوريد الأسلحة والدبابات والطائرات والسفن إلى الحلفاء.
29. من المؤكد أن الصين وفرنسا والعديد من الدول المتحالفة المقاتلة الأخرى (بما في ذلك قوات المقاومة الوطنية في الأراضي المحتلة) كلفت هتلر الكثير من الجهد الحربي وأبقته في حالة الاستعداد.
30. في الواقع، بالغ النازيون في الاعتماد على قواهم الذاتية أكثر بكثير مما كان ممكناً في الواقع، وفي الواقع كانت هزيمة دول المحور مسألة وقت فقط.
31. وفيما لو حققت قوى المحور النصر بأعجوبة، فذلك سوف لن يستمر ذلك حتى تنشر الولايات المتحدة طائرتها Convair B-36 „صانع السلام“ - أول قاذفة قنابل عابرة للقارات، والتي يمكنها من قصف برلين بها بسهولة.
32. وكأن ذلك لم يكن كافياً، ففي عام 1948، كان لدى كل من الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي ترسانة ضخمة من القنابل الذرية. بالتأكيد يكفي لإجبار قوى المحور على الاستسلام.