الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
من التاريخ إلى الجغرافية

بواسطة azzaman

من التاريخ إلى الجغرافية

حسين الصدر

 

-1-

ناصب العباسيون العلويين العداء وتتبعوهم وراء كل حجر ومدر حتى قال الشاعر :

والله ما فعلتْ أُميّةُ فيهُمُ

معشارَ ما فعلتْ بنو العباسِ

-2-

وجاء في التاريخ :

انّ (المهدي) العباس دفع علوياً الى ( يعقوب بن داود) – وزيره – وقال له :

أُحبُّ أنْ تكفيني مؤونتَه وتريحني منه ،

-أي خذه واقتله – فأخذه يعقوب اليه وأطلقَهُ

ويلاحظ هنا :          

انّ وزير المهدي يعقوب بن داود لو لم يكن متعاطفا مع العلويين لما أطلق سراحه وهذه مسألة جديرة بالتأمل .

فالوزير يملك من خشية الرب مالا يملكه السلطان .

وهو يؤمن بأنّه لا طاعةَ لمخلوق في معصية الخالق ،

ولذلك سارع الى اطلاق سراح العلوي بدلاً مِنْ أنْ يُسارع الى قتله،

ثم أُخبر المهدي بما صنعه وزيرُهُ (يعقوب بن داود) فأمر بوضع الأرصاد على العلويّ حتى ظفر به ،

ثم جعله في بيت وبعث الى يعقوب فسأله عن العلوي فقال :

يا امير المؤمنين :

قد أراحك الله منه ،

قال :

مات ؟

قال :

نعم

قال :

واللهِ واللهِ

قال :

واللهِ ،

قال :

فضع يدك على رأسي واحلف به ففعل ،

ففتح المهدي الباب على العلوي فبقي يعقوب متحيرا فقال له المهدي :

قد حَلَّ دمُك ،

ولو أردتُ لأرقتُه ،

ولكنْ احبسوه في المطبق ،

فأقام فيه حتى أخرجه الرشيد

راجع تاريخ بغداد /ج14 ص 226

انّ ضمير الوزير لم يكن قد مات بالكامل ، وهذا ما دعاه الى اطلاق العلوي وإبعاده عن الخطر .

ووجود هذا الضمير الحيّ يكشف عن أنَّ الأجهزة التي يعتمدها الحكّام الظالمون لا تخلو من عناصر طيّبة تحاول انقاذ مِنْ تستطيع إنقاذه من مخالبهم ...

-3 –

ولكاتب السطور قصة مع أحد أفراد الطاقم الأمني للنظام القمعي البائد .

لقد تم وضعنا بعد الاعتقال في حزيران 1979 في ما يسمى (بالكراج)- والكراج في مديرية الامن العامة ببغداد كان ساحة كبيرة مسقفوفة وكان مبلطا «بالقير» ولا يصلح حتى للبهائم ، فتكدّس فيه المعتقلون المتحدث بخروجهم في مظاهرات احتجاجية ضد اعتقال السلطة الغاشمة لمرجعهم الامام اية الله العظمى السيد محمد باقر الصدر .

وكان على من يريد الذهاب الى المرافق الصحية ان ينتظر حتى تصل اليه النوبة .

وكان « للكراج « باب كبير ومن أحد جانبي الباب الكبير باب صغير يضطر الخارج والداخل الى أنْ يطأطأ رأسه للنفاذ منه ، فاذا طأطأ رأسه وخرج انهالوا عليه بالضرب ويرافقه من عناصر الأجهزة القمعية مَنْ يُوجه اليه الرشاشةَ وهو معصوب العينين الى أنْ يدخل المرفق الصحي ويستطيع حينذاك ان يرفع العصابة من عينيه، وحين خرجتُ من المرافق الصحية قال لي الموّكل بي :

أجلس ولا تستعجل واستنشق الهواء ...

وهذه الكلمة لو سمعها منه أسياده لسارعوا الى إعدامه ولكنه بهذه الكلمات استطاع ان يشعرني بتعاطفه معي ،

ولم يكن يقوى على أكثر من ذلك .

-3 –

نعم

انّ الطغاة لا يستطيعون السيطرة على كُلّ العاملين في أجهزتهم القمعية، ويبقى الأصيل متحفزاً للتخفيف عن الاحرار الذين بالغ الطغاة في التضييق عليهم والتنكيل بهم .

فحيّا الله النبلاء وضاعف العذابَ على الغلاظ الأشداء على الأبرياء .

 

 

 

 

 


مشاهدات 190
الكاتب حسين الصدر
أضيف 2024/09/01 - 6:21 PM
آخر تحديث 2024/09/17 - 11:47 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 57 الشهر 7047 الكلي 9995669
الوقت الآن
الأربعاء 2024/9/18 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير