الجغرافية في ظل تطبيقات الذكاء الإصطناعي

حسين الزيادي

مر علم الجغرافية بمراحل مختلفة بدءً من عملية الوصف المجرد لسطح الارض مروراً بالتوزيع والتحليل والتفسير والتباين وإيجاد العلاقات المكانية، واتضحت بعد ذلك ملامح الثورة الكمية والاحصائية في ثمانينيات القرن الماضي، واليوم تعيش الجغرافية في ظل التقنيات والتطبيقات الحديثة التي سيحل محلها او يتفاعل معها الذكاء الاصطناعي الذي سيكون له دور مهم وحيوي في تحديد مستقبل البشرية خلال العقود المقبلة، إذ بينت معظم الأبحاث العلمية والتنبؤات المستقبلية أن هذه التطبيقات تسهم إلى حد كبير في تحليل العلاقات المكانية ومعالجة المشكلات البيئية وإدارة وتحليل الموارد الطبيعية والبشرية، وايجاد أنماط أكثر دقة للتباينات المكانية وبجهد اقل وكلفة منخفضة ووقت قياسي، فلا غرابة أن تصحح المرئيات الفضائية تلقائياً في جهاز النقال ويتم استخراج كم هائل من البيانات خلال دقائق معدودة .

ذكاء اصطناعي

وكل ذلك يسهم في تحسين عمليات صنع القرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي وتحقيق التنمية المستدامة بجودة عالية، والوصول إلي قرارات أكثر دقة وايجابية مدعومة بشكل آلي، وهي امور لا يمكن تحقيقها بمعزل عن بناء قواعد معلوماتية وبيانية كاملة ، فالذكاء الاصطناعي يحاكي الأنماط الذكائية التي يتمتع بها الإنسان، لكنه بكل الاحوال لا يستغني عن العمل البشري الذي يوجه عمله من خلال تزويده بالبيانات اللازمة، وهو بهذا يعد أداة مهمة في تطوير الأنظمة الجغرافية الذكية التي تهتم بجمع وتحليل البيانات الجغرافية وايجاد العلاقات المكانية، بل يمكن لتطبيقات الذكاء الاصطناعي ان تستحدث بيانات جديدة وبدقة عالية تكون المحرك الرئيس للعالم، اذ يمكن استخدامها في تقنيات متطورة مثل (الحوسبة السحابية) التي تستخدم للبيانات المكانية الضخمة، وكل ما يعالجه الذكاء الاصطناعي يبقى يدور ضمن فلك الجغرافية.يستخدم الذكاء الاصطناعي في مواجهة التحديات وتحسين إنتاجية المحاصيل الزراعية، ورفع مستوى الانتاج الصناعي وتبسيط المراجعات الاصولية ، وبفضل الذكاء الاصطناعي يمكن تحليل البيانات الجغرافية بسرعة ودقة متناهية، وبالتالي تحسين عمليات الأخذ بالقرار السليم وتقديم الحلول الناجحة للتحديات البيئية المختلفة، مما يساعد على تحسين الحياة البشرية والحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية والمادية في العالم.

يُعد تحليل الصور الجوية والمرئيات الفضائية من المجالات المهمة التي يُستخدم فيها الذكاء الاصطناعي ومن خلالها يمكن تحديد الظواهر الطبيعية والبشرية في مختلف المناطق، فضلاً عم الظواهر الجيولوجية والمناخية وكذلك تحديد المساحات والمسارات الجيولوجية، وفي المجالات البشرية تستخدم هذه التقنيات في العديد من المجالات والتطبيقات مثل التخطيط الحضري وزيادة الإنتاجية وتحسين بيئة العمل، وتحديد مسارات النمو الحضري في المدن بالشكل الذي يحقق التنمية المستدامة، ويساعد على تحسين الحياة البشرية والحفاظ على الموارد الطبيعية من الاستنزاف، وبفضل الذكاء الاصطناعي، يمكن تحليل البيانات الجغرافية بسرعة فائقة ودقة عالية، وتوضيح العلاقات المختلفة بين العناصر الجغرافية ودراسة أثر التغيرات الجغرافية على البيئة والاقتصاد والمجتمع،ونظرًا لأهمية التطبيقات المختلفة للذكاء الاصطناعي في الجغرافيا، فإن تلك التطبيقات تسهم في انتاج بحوث علمية تطبيقية رصينة تسهم في معالجة الواقع البيئي .

تحليل بيانات

وتحسين الكفاءة والدقة في عمليات تحليل البيانات الجغرافية ، مما يؤدي إلى ايجاد الحلول لبعض المشاكل الجغرافية وجعل بعض المهام أسرع وأسهل، لكن التعامل مع هذه التطبيقات لا يمكن أن يحل محل خبراء الجغرافيا لانهم الاقدر على التعامل مع هذه التطبيقات واستخراج البيانات الخاطئة.ان استمرار التطور التكنولوجي بمعدلاته الحالية ينبئ بوجود قفزات هائلة سيؤدي حتماً الى تغيرات كبيرة في مسيرة البشرية وما كان حلماً اليوم سيصبح حقيقة في قابل الايام ، والحالة اشبه بما نمتلكه الان من تطورات تكنولوجية كانت حلماً قبل عقود سابقة، ويعتقد الباحثين في هذا المجال ان للذكاء الاصطناعي في عام 2013، نفس ذكاء طفل يبلغ من العمر اربع سنوات، وبحلول عام 2029، سيكون للذكاء الاصطناعي نفس مستوى ذكاء البشر البالغين.

وعلى الرغم من الايجابيات التي يوفرها الذكاء الاصطناعي والتي لا يمكن حصرها ، الا ان الجانب السلبي يتطلب التسلح بالتحصين المعرفي والفكري لاسيما في المجال التربوي والانساني بشكل عام كما انه يتطلب جملة من التشريعات القانونية التي تعالج ما يفرزه  الذكاء الاصطناعي من متغيرات ، وربما تكون الملكية الفكرية من اكثر التحديات التي تواجه الباحثين والمبدعين.