هل العراق دولة مدنية ؟ 

صلاح الربيعي

لقد استوقفتني تلك التساؤلات التي يطرحها بعض الباحثين في الشأن العراقي ولكن للاسف لم يصلوا الى اجابة قاطعة لحد الان وذلك للواقع الذي يعيشه العراق وهو البلد الذي نشأ على اسس حضارية مميزة شهد لها العالم بأكمله حيث اعتمدت بلاد الرافدين منظومة انسانية متميزة  علمت كل الدنيا الكتابة والقراءة وسن القوانين وتنظيم الحياة الاجتماعية سياسيا  واداريا واقتصاديا وبعد النهوض العراقي الذي اذهل العالم على مدى سنوات طويلة أخذت تلك الحضارة بالتراجع والتردي  شيئا فشيئا بسبب تعاقب الحكام الطامحين بالسلطة من الذين اتصفوا بالظلم والقساوة على ابناء جلدتهم حتى اوصلوا الشعب الى ادمان الخنوع والاذلال دون اكتراث لحالهم المؤلم اضافة الى عداء وطمع العديد من الدول المجاورة وغيرها بحيث اصبح العراق عليلا وضعيفا امام تلك الضغوط التي يتعرض لها كل حين وهكذا مرت على العراق عقود وقرون من الزمن وهو يرزح تحت ظل حكام كان معظمهم من الطغاة والخونة والمفسدين والفاشلين انتهجوا سياسة التجهيل ضد الشعب والهدف من ذلك السيطرة  الكاملة على مقدراتهم حتى فقدوا توازنهم الاجتماعي  وهويتهم الوطنية بحيث اصبح الكثير من العراقيين الوطنيين والمخلصين للبلد  يتسائلون هل النهج الذي يدار به العراق نهج مدني ؟ ام ديني ؟ ام عشائري ؟ وللاسف ان كل من وصل الى كرسي المسئولية في العراق بشكل او باخر  يقول انا الاولى بادارة البلد وكل منهما يسقط الطرف الاخر ويسعى الى افشاله بشتى السبل ولكن هذا على حساب مصلحة الشعب العراقي ومستقبله واليوم   لاتوجد سياسة واضحة المعالم للعراق بحيث نرى لكل من هؤلاء دولته الخاصة فمنهم من يطلق صوت المدنية المزيفة وهو لايعرف أصولها ومنهم من يسعى وبتعمد مشبوه وليس من باب الايمان الى تغليف ادارة الحكم بالطابع الديني المتطرف ومنهم من يعمل على ترسيخ المفاهيم العشائرية التي لاتنسجم ومنطق العقل والشرع  والقانون وبهذا فقد ضاعت هوية الفرد العراقي  الحقيقية بين هذه التوجهات والسياسات  المجهولة المعالم بما يخدم اعداء العراق وكثير من  سلطاته الحاكمة الفاسدة الحالية كون اساليب تلك  الادارة في العراق ذات المد والجزر في المواقف والتصرفات جعلت من العراق بلدا ضعيفا في كل المقاييس الانسانية والسياسية والادارية ولايمتلك مقومات الدولة الحقيقية التي يطمح لها الشعب العراقي منذ احداث الاحتلال التي جرت عام 2003 ولحد الان وبهذا سيبقى مستقبل العراق مجهولا مالم ينهض الشعب العراقي من سباته الطويل طوال السنوات الماضية .