وسطاء أم أمراء حرب؟

مصطفى حمزة المرسومي

في كل ازمة، حرب، مناخ سياسي متوتر، صراع معين، تظهر بعض الدول اهتماماً لما يجري، سواء كان ذلك الاهتمام على سبيل الوساطة لانهاء الازمة او ربما المشاركة مع احدى اطرافها. كل ذلك يندرج تحت الجهود الدبلوماسية وقدراتها ومدى تأثيرها في صناعة القرار وقلب الرأي العام. ما يجري منذ السابع من اكتوبر حتى اليوم في غزة لا يشبه تماماً مع ما يقوله الاعلام من أن هنالك جهود دبلوماسية للوصول الى اتفاقات للهدنة ووقف اطلاق النار، لا وجود لأرضية حقيقية تشير الى ذلك. حيث الحرب لم تهدأ يوماً واحداً إلا في الأشهر الاولى حينما بادلت حماس الاسرى غير المهمين مع الكيان الصهيوني. والى هذه اللحظة لم تشهد المنطقة بأجمعها يوماً هانئاً هادئاً، فعلى مدار الساعة هنالك احداث تشي بأن الامر اكبر من كونه صراع بين مقاومة واحتلال، بل هو مخاض لتجربة عسيرة وماضٍ طويل من الصراع بين ايدلوجيات ورؤى وتيارات سياسية وعسكرية متضاربة حول كيفية تحرير فلسطين، هل هو تحرير شامل ام قبول بحل الدولتين؟ وما هي الخريطة التي ستعتمد في حال وصلنا الى حل الدولتين، حدود 1948؟ 1967؟ أم إعادة لترسيم الحدود والنفوذ مرة اخرى؟  لذلك بقيت العلاقة بين الكيان الصهيوني وجيرانه في صراع دائم وهكذا أُريد لهذا الصراع أن يستمر ويبقى. إنه ماضٍ مستمر لم يتغير حتى هذه اللحظة. بل ازداد المشهد تعقيداً وضراوة ، حيث تحولت من مقاومة «اضرب واهرب» الى مقاومة «الحرب المفتوحة ووحدة الساحات» وغيرها من الشعارات التي تتغير وواقع الحال ثابت. هل وصلت الحرب في غزة الى نهايتها؟ هل هنالك توسع متوقع للحرب وتحولها الى معركة اقليمية؟ لا أحد يعرف ذلك، ما نعرفه هو أن «الوسطاء» بالأخص الأمريكان قد نجحوا في تحويل الرأي العام من حرب غزة الى تضخيم حدث آخر يخشاه الجميع أولهم الولايات المتحدة والكيان الصهيوني ألا وهو شبح الحرب الاقليمية الذي بات بعبعاً للشرق الاوسط، ولا ريبَ أنها محاولة ذكية جداً لإبقاء الصراع مشتعلاً وإلهاء الآخرين، حتى وصلنا إلى نتيجة أن حرب غزة صارت هامشاً وقضية انسانية يتم تسطيحها يومياً في السوشيال ميديا لكي تصبح مثل نظيراتها من المآسي الانسانية الاخرى في العالم، في حين يتفنن الوسطاء في وضع لمساتهم الاخيرة لطبخة سياسية قادمة ربما ستجعل المنطقة في حالة صدمة طويلة.