من البيروقراطية الى الحزبوقراطية

أكرم سالم

 عانى العراق ومايزال من الارتفاع الكبير بمعدلات البطالة نظرا لاختلال الهيكل الانتاجي لاسباب عديدة من اهمها عدم الاستقرار السياسي والامني واستشراء ظاهرة الفساد المالي والاداري بكل اشكالها ،وهو ما حدّ من دور القطاع الخاص من المشاركة الفعالة في التشغيل والنمو الاقتصادي والى حصر غالبية التشغيل في القطاع العام الذي اصبح متضخما متخما مترهلا و مشلولا جراء ذلك.فضلا عن تردي رأس المال الاجتماعي بمعاييره القيمية والثقافية والاخلاقية وتراجع مستويات الثقة في العلاقات المجتمعية الى درك مؤسف وضع العراق في ذيل قائمة الشفافية والنزاهة عالميا !!ان هذه الاشكالية تغيّب المناخ الاستثماري الحيوي في البيئة الانتاجية في العراق، وتضعف عمل القطاع الخاص ولاسيما المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي اصبحت سمة مهمة وحيوية للقطاع الاستثماري الخاص في معظم الدول النامية والطموحة. ان تردي رأس المال الاجتماعي ومؤشراته القيمية المختلفة كفيل بإضعاف وتدهور المركز المالي للمستثمر العراقي وتفاقم البطالة بكل اشكالها ،كما انه يجعل استمرارية تشغيل الوحدات الاقتصادية الخاصة شبه مستحيلة ان لم يتم تفعيل نظم الحوكمة وتبسيط الاجراءات بشكل جاد من قبل اعلى مستويات صنع القرار في الدولة العراقية .ان ضعف المتابعة والرقابة الملحوظة بشكل لافت على اعلى المستويات ادى الى كوارث اقتصادية ومالية مشهودة لاداعي لتكرار تأشيرها و تسميتها، وهو ما يتطلب العمل الجاد من قبل قيادة الدولة لإرساء منظومة حوكمة فاعلة تؤكد بوضوح تام قواعد ومعايير الافصاح والمساءلة والشفافية بصيغة شمولية على مستوى الدولة كلها و بقطاعاتها المختلفة العامة والخاصة بما يحقق التكامل والتنسيق والتآزر بينها، وبشكل يحدّ من صيغ الروتين المرضي المعقد والبيروقراطية الثقيلة وأساليب تحوّلها الى حزبوقراطية مقيتة تبغي الهيمنة على المغانم والاستئثار بالمنافع الوظيفية لطبقة المقربين المتخندقين خلف احزاب السلطة  طلبا للحماية والمكاسب النفعية !!