الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
الرد الإيراني.. حرب نفسية أم حرب تكتيكية ؟

بواسطة azzaman

الرد الإيراني.. حرب نفسية أم حرب تكتيكية ؟

عبد الجبار الجبوري

 

تأخير الردّ الإيراني على إغتيال قائد حماس إسماعيل هنية في طهران، يثير أكثر من علامة إستفهام،لاسيّما وإن المرشد الإيراني علي خامنئي، وصف عملية الإغتيال بأنها(مسٌّ لشرف وكرامة إيران)،

وهذا أقسى وصف، يلزم طهران بالردّ الماحق دون تأخير ،وتوعّد قادة الحرس الثوري والرئيس الجديد ،بردٍّ حتمّي لايطول، وصفوه (بالمذهل)، أو (وستسمعون أخباراً جيدة عن الإنتقام))، وصارت التصريحات الإيرانية من قادة طهران، تترى وتتوالى ، وكلها تؤكد ان هناك ردّاً ايرانياً مذهلاً، ربما سيطول أو لايطول، وهو يدخل في باب الحرب النفسية، التي تدخل في إضعاف معنويات العدو، وتدمير قدرته النفسية، وربما تهاونه في الإستحضارات  وتراخيه،للإنقضاض عليه ، وتدمير مايمكن تدميره من قوته العسكرية، وتسجيل نصر ،في المقابل ،تتكهن أمريكا وإسرائيل ،وربما معلومات مخابراتية،أن الردّ قادم لامحالة، وإنه سيتركز على قصف صاروخي مركز،ينطلق من طهران والعراق واليمن ولبنان بوقت واحد تشارك فيه الفصائل الولائية كلها،على مقرات عسكرية ومنشآت بالغة الحساسية ، وربما اغتيالات لقادة إسرائيل، لتأكيد وتطبيق شعار (وحدة الساحات)، فإيران لايمكنها قصف اسرائيل وحدها، دون توريط فصلئها في المنطقة معها، حتى يضيع الردّ الاسرائيلي، ويتشتت جهدها العسكري.

قدرات العدد

نعم ايران تؤجل الردّ المزعوم (لإسترداد شرفها)، الذي إنتهكته إسرائيل في اغتيال اسماعيل هنية،وتمارس (تقية الردّ) ، كستراتيجية ايرانية في اضعاف قدرات العدو وتشتيتها واتعابها من الانتظار،ليأتي ردّ حزب الله على اسرائيل ، بقصف صاروخي لم يقتل غير اسرائيلي واحد(حسب جميع البيانات والاخبارالعالمية)، بل إستهدف حقولَ دواجن الدجاج ،نعم كان له صدى داخل اسرائيل، ولكنه غير مؤثر،على الصعيد العسكري، فحزب الله إدعّى إنه قصف بـ(320) صاروخ معسكرات الجيش ،ومنشاته العسكرية، وسماها (بيوم الاربعين) ،تأسياً بزيارة الاربعين للامام الحسين (ع)، واعلن رئيس حزب الله انتهاء (ردّ حزب الله) على اغتيال نائبه ورئيس اركان قوات حزب الله فؤاد شاكر،وبهذا أوفى نصرالله وحزبه بوعده في الردّ،وبقيت طهران تتوعد وترعد وتزبد انها ستمحو اسرائيل بردها، وفي الحقيقة ان حسن نصرالله بردّه هذا ، قد أحرج طهران ، ووضعها امام الأمر الواقع وضرورة الاسراع في الردّ،وتنفيذ وعدها بأسرع وقت.

فكيف سيكون الرد الايران ، وماطبيعته، وهل سيكون مثل رد حزب الله، ام يختلف عنه، التصريحات الايرانية تقول ، انه سيكون ردا غير تقليدي، ومفاجيء، ماذا يعني هذا ، أنه يخفي أسرار الهجوم النوعي وليس التقليدي، أي بمعنى ليس القصف بالصواريخ وإنتهى الأمر، كما فعلها حزب الله، وأعلن إنتهاء الرد والاحتفال بالنصر في شوارع بيروت، لا، الرد الإيراني وحسب تصريحات قادة طهران سيكون( مفاجئاً ومزلزلاً).

فماذا يعني هذا إن كان صحيحاً، أعتقد إن تأخير الردّ الإيراني له مبرراته العسكرية،لأن طهران تعدّ رداً عسكرياً ،لايشبه ردّ حسن نصرالله أبداً، وهذا الردّ سيكون له إنعكاسات خطيرة جداً في عموم المنطقة، وليس على اسرائيل فقط،والسيناريو الإيراني المفترّض، والذي تعدّه طهران نوعياً، هو إشراك فصائلها في المنطقة بهذا الردّ، وسيكون الهجوم العسكري على السفارات والقواعد والمصالح الامريكية والاسرائيلية في المنطقة، والعراق تحديداً، وربما أسر جنود القواعد وإحتجاز طاقم السفارات، ودك القواعد بالصواريخ قبل الدخول إليها،،بمعنى سيكون الردّ الايراني تشترك به هي وفصائلها كلها في المنطقة، ويكون كما وصفته (مزلزلاً)، في تحقيق شعار وحدة الساحات، وسيكون العراق وسوريا أول من ينفذ هذا السيناريو ، وسيشمل القصف أيضا قواعد في دول الخليج العربي والسعودية والاردن وسوريا وغيرها.

إيران لاتجازف بتوسعة الحرب لوحدها،ولكنها تعتمد على أذرعها في المنطقة بالدرجة الأساس، وستغلق مضيقي هرمز وباب المندب ،أمام التجارة العالمية وتخنق أمريكا واسرائيل واوربا،هذا هو السيناريو المفترض والمقروء من تصريحات قادة طهران وفصائلها المسلحة، في مقابل كل هذا ، تحتشد البوارج وحاملات الطائرات الأمريكية والبريطانية، بكل قوتها العسكرية الهائلة في المنطقة ،لمواجهة أي هجوم إيراني على إسرائيل، فوصول حاملات الطائرات الامريكية والغواصة النووية، وإنشاء تحالف دولي – أوروبي لمواجهة ايران واذرعها،وربما سيكون الردّ الامريكي – الاسرائيلي على مفاعلات إيران النووية ،اولى الردود على أي هجوم وقصف إيراني على مصالحها وقواعدها في المنطقة، وهذا أقسى ماتخشاه طهران ،وتحسب له ألف حساب، لذلك أطلقت بالوناً جديداً،حول دعوة المرشد الاعلى فتح (باب الحوار مع أمريكا حول برنامجها النووي) ،إستباقاً لأية نوايا بقصف البرنامج النووي الإيراني،أعتقد أن طهران لاتفرط ببرنامجها النووي ، بأخذ الثأر لإغتيال هنية،أو المشاركة الفعلية العسكرية مع الفصائل الفلسطينية، هي لاتوّرّط نفسها بهكذا حرب خاسرة لها، لاسيما وأن قوتها العسكرية لاتؤهلها مواجهة امريكا وحلفائها الاوربيين،فهي غير قادرة عسكرياً لمثل هكذا مواجهة، لعدة أسباب منها ، ان ايران تعيش حصار اقتصادي ونفطي وعسكري لم يشهده تاريخ إيران، وهو الاقسى في التاريخ،ناهيك عن التكنولوجيا العسكرية الهائلة، التي تمتلكها أمريكا واوربا تضاهي أية قوة عسكرية في العالم،نعم إيران تعتمد على قوة الحرس الثوري وفصائلها أولاً ،في تنفيذ هجومها المرتقب والمؤجل الى اشعار آخر، وتعتمد على حلفائها الصين وروسيا وكوريا الشمالية،فالصين تزودها بأحدث التكنولوجيا العسكرية والمعلوماتية فقط، في حين روسيا تزودها بالصواريخ والمعلومات المخابراتية والعلمية ، ولاتستطيع الدخول معها بجيش، كما هو الحال بالصين وكوريا.

قوات بوتين

روسيا غارقة الى أذانها بمستنقع أوكرانيا ،الذي تشهد حربها إنتصارات لأوكرانيا داخل الاراضي الروسية ،وتتداعى قوات بوتين بهزائم يومية أمام الجيش الأوكراني،فأية توسعة للحرب ستكون طهران خاسرها الأكبر، ولن تشفع لها أذرعها وتخلّصها من مأزقها العسكري ،الذي ستضع نفسها فيه،هي وحدها ستقع في حفرة الحرب لاغيرها،لذلك هي من الدهاء، ما يمنعها من خوض حرب برية خاسرة مضمونة الهزيمة، وعليه ، هي تهدد فقط، وتعرف نهاية تهديدها، وكحفظ ماء الوجه، ستهاجم إسرائيل ومصالح أمريكا بهجوم واسع، يشبه تماماً هجوم حسن نصرالله الأخير، ألذي لم يقتل (ذبابة ) إسرائيلية، تماماً كما حصل مع هجوم قاعدة عين الأسد ،التي أعلن عنها الرئيس السابق دونالد ترمب اتفاق طهران مع امريكا بالقصف، وانها ستسهتدف إيران وأذرعها في النهاية، قواعد أمريكا وإسرائيل في المنطقة ،وتقوم بسيناريو متفق عليه مع أمريكا يفضي هذا السيناريو بالدخول في مفاوضات على برنامج ايران النووي ،وحسب الشروط الأمريكية المتفّق عليها.

وبذلك تضرب إيران عصفورين بحجر واحد، الحفاظ على ماء وجهها وإستعادة (شرفها)، وضمان برنامجها النووي من التدمير ، هذا هو الردّ الإيراني المنتظر،تستخدم التكتيك الإيراني للخروج من الأزمة التي تعيشها ،امام شعبها والعالم، لتسترّدّ شرفها المهدور في شوارع طهران ،بعد إغتيال إسماعيل هنية في عقر دارها،نعم الردّ الايراني، هو حرب نفسية تستخدمها طهران ، للحصول على (نصر وهمي) يضمن سمعتها وبرنامجها النووي ،بتكتيك عسكري وجعجعة إعلامية ، وهذا هو معنى الدهاء الإيراني المعروف ، فهل يتحّقق لها هذا، الأيام القليلة القادمة ،كفيلة بكشف سيناريو إيران في المنطقة، وردّها المذهل المزعوم على إسرائيل......!!!!  

 

 

 

 

 


مشاهدات 74
الكاتب عبد الجبار الجبوري
أضيف 2024/08/30 - 11:48 PM
آخر تحديث 2024/09/01 - 4:01 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 72 الشهر 72 الكلي 9988694
الوقت الآن
الأحد 2024/9/1 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير