الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
فنان بقامة وطن

بواسطة azzaman

فنان بقامة وطن

غفران حداد

 

كانت اول مرة التقي الفنان حمودي الحارثي يوم الاحتفاء به في جلسة اقامها الاتحاد العام للأدباء والكتّاب في العراق كنت لازلت طالبة في كليه الإعلام، جامعة بغداد قدمت له باقة ورد وطلبت منه اجراء لقاء صحافي نُشر بإحدى الصحف المحلية لم اكن مصدقة نفسي انني التقيت بـ»عبوسي» الشخصية التي اشتهر بها من بين عدة اعمال تلفزيونية ناجحة ولكن دوره في مسلسل « تحت موسى الحلاق « كان له البصمة الأكبر لدى جمهوره تمر الأيام والسنوات واجري معه لقاء صحفياً هنا واذاعيا هناك والحارثي كما هو لا يتغير بابتسامته الجميلة وتواضعه واناقته وقلبه النقي.

كيف لي ان اختزل سنوات طوال بمعرفتي بهذا الانسان والفنان ببضعة سطور؟ كيف لي ان اصف وطناً يضم بين نبضات قلبه جميع الناس بمختلف اطيافهم واديانهم؟ كيف لي ان ارثي اباً روحيا فقدته اسمه حمودي الحارثي؟

الناس بعد رحيله تستذكر اعماله الفنية وانا استذكر مواقفه الإنسانية معي، عشرات الفنانين كنت قد اجريت معهم لقاءات صحافية واذاعية ولكن لم اشعر بأحدهم انه جزء من عائلتي مثل الحارثي.عشرات النجوم احبهم واحترمهم واحترمهم ولكن لم اقل لأحدهم بابا مثل الحارثي.في احد صباحات يوم الجمعة كنت اشرب الشاي في مقهى الشابندر في شارع المتنبي ودخل الحارثي القوا عليه التحية جميع الجالسين وبعضهم التقط الصور معه ليلتفت الي قائلاً» ها إبنيتي انتِ هنا؟»وارد عليه التحية ليعاود سؤاله «شخبارج غفورة؟»تمر الايام ليصبح لي الصديق والأب كنت احكي له همومي في الحياة و الدراسة الجامعية ويسدي اليّ النصيحة وفي عام 2015 اخبرته انني ساترك العراق واعيش في المهجر نصحني بعدم الهجرة لان الغربة قاسية ويبقى الوطن هو الملاذ الآمن للإنسان برغم جميع الظروف لكني كالعادة استشيره بقراراتي وأحيانا لا آخذ بنصيحته ليرد عليّ ضاحكاً «عنوديّة انا اللي عليّ نصحتج».

تمر بي سنوات الغربة وبابا حارث يسالني عن احوالي وظروفي وكيف هي ايامي كان مواسياً لحزني بعد فراق زوجي واصبح كافلاً لابنتي اليتيمة وهو يعلم بظروفي،  بابا حمودي يسألني عن صحتي وهو يتنهد من مرضه ، يبتسم لي ولإبنتي وقلبه مليئا بالأوجاع والغربة والالم لبعده عن وطنه وفنهِ وجمهوره كيف لي ان أرثي ابي والكلمات تهرب مني؟كيف لي ان اصف فنانا بقامة وطن؟

كنت اتمنى ان ينقل جثمانه من هولندا ليوارى الثرى في بلده العراق مثلما وجه رئيس مجلس الوزراء بتكفل نقله ويكون للراحل موكب تشييع مهيب يليق بإسمه وتاريخه الفني ولكن لا اعلم لماذا قدره ان يدفن في الغربة.

أيقونة الفن البغدادي قال عن طفولته ونشأته في لقاء قديم لي معه ولم ينشر وقتها ضمن زاوية كانت تحمل عنوان « أيامي الأولى «: « أنا من أبناء الكرخ باب السيف المحاذية لنهر دجلة ببغداد بالقرب من جسر الشهداء «موقع دائرة التقاعد العامة» حالياً في بغداد ومواليدي معروفة أنا من مواليد 1936 ولا زلت أتذكر رقم دارنا كان « 68 / 9 « أكملت دراستي الابتدائية في مدرسة باب السيف والمنصور الابتدائية بيتنا مقابل دار الإذاعة والتلفزيون في الصالحية وأكملت المتوسطة في جمعية نقابة المعلمين المسائية في المأمونية ببغداد ووالدي واخي كانوا مبدعين في النجارة ومهنة النجارة فن بحد ذاتها وكان من الممكن أن أكون نجاراً وفناناً في هذا الاختصاص ولكن قدري التمثيل وهو أجمل الأقدار» .

وعن وقوفه أول مرة أمام كاميرات التلفزيون قال « أول مرة أرى صورتي بالكاميرا سنة 1956 في المعرض التجاري الصناعي الزراعي الإنكليزي فكانت الكاميرا منصوبة ويدخل الجمهور فصورنا وفي حينها بهرتني الشاشة كثيراً وفي سنة 1957 اشتركت مع فريق كومبارس مع المخرج الراحل يوسف» . وعن الفضل في اكتشافه لموهبته الفنية أشار إلى أن « الفضل الأول لهاشم جواد الذي أصبح فيما بعد وزيرا للخارجية في عام 1958 وناصر الحاني وتشجيع عائلة زهير البحراني وهم كانوا يعملون بالتجارة في محلتنا ومعلم الموسيقى محمد علي لهم الفضل في ظهوري للساحة الفنية وعلى الرغم من رفض أهلي للفن وخاصة أختي ميسون كانت تقول لي «راح تصير شعّار « ولكني أصريت أن أدخل الفن ونجحت والحمد لله».

 

 


مشاهدات 67
الكاتب غفران حداد
أضيف 2024/08/25 - 2:24 PM
آخر تحديث 2024/08/31 - 2:16 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 115 الشهر 115 الكلي 9988737
الوقت الآن
الأحد 2024/9/1 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير