ماذا يعني الخرق الأوكراني للحدود الروسية ؟

سامي الزبيدي

في عملية مباغتة للقوات الروسية تمكنت القوات الأوكرانية فجر يوم 6 آب_ أغسطس  من اختراق الحدود الروسية حيث تمكن أولاً ألف جندي أوكراني تسندهم سرية دبابات وعشرين مدرعة من عبور الحدود الروسية في منطقة كورسك التي لا يتواجد فيه قوات روسية كبيرة إلا أعداد من قوات الحدود ولم يواجه الأوكرانيون مقاومة تذكر, وبعد (11 ) ساعة من بدء الهجوم اعترفت روسيا به وبدأت بمعالجة الموقف , ثم طورت القوات الأوكرانية هجومها  وتمكنت من احتلال العديد من البلدات والقرى الروسية بلغت لحد الآن ( 82 بلدة) كما صرح الأوكرانيين وقاربت مساحة الخرق الأوكراني ألف كيلو متر مربع حسب ادعاء الأوكرانيين , فماذا تعني عملية الخرق هذه إنها تعني أولاً فشلاً كبيراً للاستخبارات الروسية التي لم تكشف عملية التحشد الأوكراني مقابل كورسك وهي التي تمتلك احدث وسائل الاستطلاع وجمع المعلومات كالأقمار الاصطناعية وطائرات الاستطلاع والوسائل الالكترونية الحديثة وجهاز الاستخبارات الكبير والمدرب والكفوء كما تعني ثانياً ان المقاتلين الأوكرانيين أحسن تدريبا وأكثر كفاءة وأكثر صبراً وجلداً على تحمل الصعاب من الجنود الروس وتعني ثالثاً ان الأسلحة الغربية التي استخدمتها أوكرانيا في الهجوم والمتمثلة بالطائرات المسيرة الأمريكية  والصواريخ ارض _ ارض الأمريكية والبريطانية والدبابات وعجلات القتال الأمريكية والألمانية هي أكثر كفاءة من نظيراتها الروسية من حيث التسليح وقابلية الحركة والمناورة ,  السؤال المهم هنا ما هي أهداف هذا الخرق وهل سيكون محدوداً ولا يتعدى منطقة كورسك بسبب النقص الكبير في المقاتلين الذي تعاني منه القوات الأوكرانية التي استعانت في هذا الهجوم باعداداً من المرتزقة الأمريكان والألمان والانكليز والفرنسيين لتعويض نقص مقاتليها؟

رسالة قوة

ان أهم أهداف هذه العملية هو إفهام روسيا ان أوكرانيا لا زالت قوية (بمساعدة أمريكا والدول الغربية لها) وقادرة على قلب الأمور لصالحها ولو بشكل محدود كما حصل في كورسك وهدف آخر مهم هو إيقاف الهجوم الروسي شرق أوكرانيا المستمر منذ أشهر والذي حققت فيه  القوات الروسية مكاسب كبيرة بعد ان سيطرت على العديد من البلدات والقرى وطرق المواصلات في تلك المناطق والهدف الأخر هو إيقاف أو تحديد الدعم اللوجستي والقتالي الروسي لقواتها في شرق أوكرانيا وإشغال القوات الروسية في هذه المنطقة لتخفيف الضغط على قواتها هناك وهدف مهم هو تعزيز موقف أوكرانيا السياسي في أي عملية سلام أو محادثات لإنهاء الحرب حيث اشترط الرئيس الأوكراني لوقف هجوم قواته حصول أوكرانيا على سلام عادل ، والهدف المهم الآخر هو التأثير النفسي والمعنوي السلبي الذي سيتركه الخرق الأوكراني للأراضي الروسية على القوات الروسية ، إضافة الى ذلك فان لمقاطعة كورسك أهمية إستراتيجية فهي تضم مفاعل نووي ومحطة توليد كهربائية كبيرة تعمل بالطاقة النووية والتي تبعد حاليا عن التوغل الأوكراني حوالي (70) كم فقط كما أنها عقدة مواصلات مهمة للطرق والنقل البري  كما أنها  قريبة من موسكو العاصمة الروسية ولا تبعد عنها إلا مسافة ( 536) كم, والغريب ان الإجراءات الروسية لحد الآن تمثلت بنقل بعض من قواتها الى كورسك لإيقاف تقدم القوات الأوكرانية دون القيام بهجوم مقابل سريع وقوي لان بقاء القوات الأوكرانية لفترات طويلة سيمكنها من تعزيز دفاعاتها في المناطق التي سيطرت عليها والقيام بحفر المواضع وتحكيمها ونقل أسلحة وقوات إضافية الى المناطق التي احتلتها .

طائرات هجومية

وهذا ما تفعله منذ أيام وهذا الأمر يصعب عملية الهجوم المقابل الروسي المستقبلي ويزيدها تعقيداً وكان الأولى بالروس استخدام القوة الجوية الكبيرة التي تمتلكها روسيا والي تضم آلاف الطائرات الهجومية الحديثة التي تتمكن من تدمير وسائل الدفاع الجوي الأوكراني من مسافات بعيدة ومن ثم تدمير القوات الأوكرانية التي اخترقت الحدود الروسية وهي مكشوفة في بداية الخرق بعمليات قصف مكثفة وقوية ومستمرة ليلا ونهاراً كما كان على الجيش الروسي استخدام الصواريخ ارض_ ارض الدقيقة وذات التأثير الكبير والمدفعية البعيدة المدى لتدمير القوات الأوكرانية بداية الخرق وعدم إعطاء وقت للقوات الأوكرانية لاستعادة أنفاسها وتحصين مواضعها وإحكام السيطرة على القرى التي احتلتها وهذه الإجراءات السريعة والمؤثرة ستربك القوات الأوكرانية وستسهل على القوات الروسية عمليات الهجوم المقابل التي تتهيأ لها وستؤثر بشكل كبير على معنويا ت القوات الأوكرانية الهاجمة نتيجة الخســــــــــــائر الكبير التي ستتكبدها والسؤال المحير لماذا لم تقوم روسيا بهـــــــــــــــذه الإجراءات وتركت القوات الأوكرانية تعزز مواضعها وقواتها وتستـــــــــــــــمر في احتلال مزيداً من الأراضي والـــــقرى في كورســــك ؟

ان المحلـــــلين العســـــــــــــــــــكريين والاستراتيجيين خصوصا المقربين من روسيا يتوقعون هجوما روسيا مقابلاً كبيراً بثقل وإسناد جوي وصاروخي ومدفعي كبير خلال أيام أو ربما أسابيع لتدمير القوات الأوكرانية التي اخترقت حدود روسيا وليس طردها وعدم إعطائها المجال حتى للانسحاب وهذا هو المتوقع .