الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
سيولة الإبتذال في المجتمعات المتحوّلة

بواسطة azzaman

سيولة الإبتذال في المجتمعات المتحوّلة

صلاح نوري

 

لا يخفى على احد ان أي مجتمع ما قد يمر بعملية تحول سياسي طارئ عبر تغيير النظام السياسي ،وبالتالي فأن ذلك التحول السياسي سوف يؤثر بصورة كبيرة على المنظومة القيمية للمجتمع بأكملها ، فالجانب الاجتماعي او السياسي او الاقتصادي او الثقافي او الفكري سوف لن يكون بمنأى عن تلك التحولات ،واذا ما عدنا الى مفهوم التحول الاجتماعي نرى انه مجموعة من التغييرات التي تطرأ على مجتمع ما بسبب وجود العديد من العوامل المؤثرة ،وبالتالي فأن التحولات الاجتماعية تكون مستمرة ومتغيرة في آن واحد  ،وهذا ما تؤكده نظرية التحليل السوسيولوجي ، فالتحول الاجتماعي في معناه العام يضمن وجود تغيير في بقية البنى الاجتماعية الفرعية ،كما ان تلك التحولات ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالتغيرات الثقافية في المجتمع ،واذا ما تأملنا واقع المجتمع العراقي بعد عام 2003 نرى ان المجتمع العراقي قد دخل في صراع  ذاتي مرير بسبب ولوج مؤثرات جديدة على المجتمع العراقي لم يألفها من قبل تمثلت تلك المؤثرات في الغزو الفكري والثقافي ، الذي وصل  الى حد الابتذال والاسفاف، وقد نتج عن ذلك تضارب او تصادم منظومة القيم الثقافية والاجتماعية والأخلاقية والفكرية في المجتمع العراقي مع تلك المؤثرات الجديدة ،فالحالات التفاعلية ذات الطبيعة الاتصالية اثرت بصورة كبيرة على عملية التأثير والتأثر في المجتمع العراقي ،وانتج عن تلك الحالة التفاعلية مجموعة من الظواهر السلبية التي برزت بشكل واضح في المجتمع العراقي ، ان عملية الغزو الثقافي والفكري باتت اثارها واضحة للعيان دون وجود ادنى اهتمام من قبل صانعي القرار العراقي لمعالجة اثار ذلك الغزو الثقافي، فعملية انجذاب فئة كبيرة من المجتمع العراقي؛ الا وهي فئة الشباب الى اتباع أنماط وسلوكيات غريبة ، ودخيلة على المجتمع العراقي دون وجود رادع لذلك الامر تحت مبرر الحرية الفردية ،وان الافراد احرار في سلوكهم وتصرفاتهم الشخصية؛ واقعاً ان سبب بروز تلك الظواهر تتمثل في عدة اسباب الأول: الانفتاح الواسع الذي شهده العراق بعد عام 2003 على مختلف المستويات دون وجود ضوابط او محددات تنظم اطر العلاقات الاجتماعية والثقافية ومحاولة تقنينها ,الثاني: يتمثل في عملية قضاء أطول وقت ممكن من قبل الشباب على وسائل التواصل الاجتماعي ،وتلك الأخيرة لها تأثير سلبي كبير على حياة الافراد نظراً لما تنتجه من محتوى فكري وثقافي واخلاقي وسلوكي قد تتعارض مع الثقافة المجتمعية للمجتمع العراقي ومحدداته الفكرية والأخلاقية والسلوكية, الثالث: هشاشة المستوى الثقافي، العلمي، والفكري لبعض مرتادي وسائل التواصل الاجتماعي ، اما السبب الرابع: فيتمثل في الغياب المتعمد للرقابة على وسائل التواصل الاجتماعي او محاولة تقنينها على الأقل ،بيد  ان ذلك الامر سوف يفسر من قبل البعض انه عملية تقييد للحريات، هذا خلاف ما نصت عليه المادة (15) من الدستور العراقي الدائم لعام 2005 ،والتي نصت على ان» لكل فرد الحق في الحياة والامن والحرية، ولا يجوز الحرمان من هذه الحقوق او تقييدها الا وفقاً للقانون، وبناءً على قرار صادر من جهة قضائية مختصة «  الا ان عملية تقنين استعمال تلك الوسائل من خلال تأطيرها بآطر قانونية ودستورية سوف يحد من ظاهرة سيولة الابتذال  والاسفاف في المجتمع العراقي ،ولا اجزم اننا سوف نقضي على تلك الظواهر الدخيلة على المجتمع العراقي من خلال سياسات تقنين ومراقبة استعمال أدوات التواصل الاجتماعي ؛بل ان تلك المحددات القانونية والدستورية سوف تقلل من تلك الظواهر على اقل تقدير ، ان السلوك الحضاري القويم يجب ان يكون سلوكاً يعكس قيم واخلاق وثقافة المجتمع العراقي ،وليس قيم واخلاق وسلوكيات وثقافات مستوردة و دخيلة على بيئة المجتمع العراقي .

 

 


مشاهدات 13
الكاتب صلاح نوري
أضيف 2024/08/14 - 3:13 PM
آخر تحديث 2024/08/14 - 11:50 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 32 الشهر 6063 الكلي 9981607
الوقت الآن
الخميس 2024/8/15 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير