الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
إنذار جيم .. أبناؤنا في خطر

بواسطة azzaman

قبل أن تغرق سفينة الوطن

إنذار جيم .. أبناؤنا في خطر

إسماعيل محمود العيسى

 

تشهد وسائل التواصل الاجتماعي زيادة ملحوظة في انتشار المواد الطائفية المتلفزة، وهو ما يؤثر بشكل كبير على النسيج المجتمعي للمجتمع العراقي ككل وشريحة الشباب في المجتمع بشكل مخصوص، هذه الظاهرة لها تداعيات خطيرة على النسيج الاجتماعي والوحدة الوطنية، مما يستدعي على المؤسسات البحثية والأمنية إلى دراسة أسبابها وتأثيراتها على النسيج المجتمعي كما عليهم وضع سبل لمعالجتها، فانتشار المواد الفيديوية والبوستات والإعلانات والمواد المتلفزة الطائفية وانتشارها المكثف في وسائل التواصل المجتمعي تعد مشكلة حقيقية تواجه النظام السياسي والذي تُعد بعض أحزابه السياسية أحد أسباب تنميتها وصناعتها؛ بل لايزال يتكأ عليها أغلبهم وينميها؛ فالصراعات السياسية والدينية القائمة في العراق منذ عقود واستفحالها ما بعد سقوط النظام 2003 ؛ أسهم في تهيئة بيئة خصبة لنشر المواد الطائفية، كما أن دور بعض الأحزاب السياسية والمؤسسات الإسلامية « الدينية « والجماعات المسلحة واستخدامها وسائل الإعلام لنشر أجنداتها وتعزيز نفوذها قد أدى ويؤدي بالنتيجة لامحال إلى تفاقم النزاعات الطائفية.

 كما ان سهولة ويسر الوصول لوسائل التواصل الاجتماعي وانتشارها الواسع بين الشباب واستغلال جهل أغلبية الشباب بالثقافة الإسلامية وتقويض  وتطويع النصوص الشرعية وبما ينفع دعوتها المتطرفة أدى إلى جعلها مادة خِصبة للمنظمات الارهابية والمتطرفة لتجنيد الشباب والشابات من مختلف أنحاء العالم؛ كل ذلك ما كان ليكون لولا غياب الرقابة الفعالة على المحتوى المنشور لهذه المنصات؛ والذي يساهم وساهم في انتشار المعلومات المضللة والتحريضية.

كان لضعف الادارة للحكومات المتعاقبة على الوقوف ضد هذه الهجمة الشرسة بحزم ؛ وزيادة البطالة العالية بين الشباب ؛ مما  جعلتهم أكثر الفئات عرضة للتأثر بالدعايات الطائفية التي تروجها بعض الجهات  بل تعد أحد الأسباب الرئيسة التي أدت إلى ذلك ؛ فالبطالة تؤدي إلى اليأس والإحباط وتدفع الشباب إلى الانخراط في أنشطة متطرفة كنوع من التعبير عن رفضهم للوضع القائم.

سلم مجتمعي

إن المتمعن في متابعة هذا الملف الذي اعتقد إنه أكثر خطورة من ملف الإرهاب وأشد فتكًا في تقويض السلم المجتمعي وتفكيك النسيج المجتمعي لهو أمر جِدُ خطير فالتأثيرات التي تنتجها مشاهدة المواد الطائفية تؤدي بالنتيجة الحتمية إلى تعزيز الانقسامات المجتمعية وزيادة الكراهية وعدم الثقة بين الطوائف المختلفة ؛ مما يُساهم في تعزيز الصورة النمطية السلبية عن الآخرين وتعمق الفجوة بين مكونات المجتمع ؛ بل تؤدي إلى زيادة العنف الطائفي مستقبلًا وهذا ما يعمل عليه أعداء العراق ، فالمواد التحريضية يمكن أن تدفع بعض الشباب إلى الانخراط في أعمال عنف طائفي، وزيادة التوترات التي تؤدي بالتالي إلى حوادث عنف ومواجهات بين المكونات المجتمعية المختلفة.

إن انتشار تلك المواد الإعلامية الطائفية والتحريضية وفبركتها واجتزاء جزء منها وبما ينمي ويعمق الفجوة بين مكونات وطوائف الشعب العراقي؛ وزيادة مشاهدتها من الشباب قد يؤدي إلى تأثيرات كارثية؛ بل التعرض المستمر لها يمكن أن يؤدي إلى تأثيرات نفسية وسلوكية سلبية مثل القلق والاكتئاب؛ ويمكن أن يؤدي في الأغلب الغالب إلى تبني سلوكيات متطرفة وغير متسامحة.

لذا أجد لزامًا على النظام السياسي والسلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية والإعلامية والصحافية والدينية والعشائرية وكل من لديه سلطة معنوية وسياسية واجتماعية إلى التشاور والتكاتف والعمل للوصول إلى معالجة سليمة لهذا الملف الذي تفوق اضراره أضرار الأسلحة النووية والذرية؛ لإن تأثير تلك الأسلحة مهما كان مدمرًا فإن مساحة تأثيرها يبق محدود؛ أما تأثير الطائفية فهو مدمر وليس له حدود جعفرافية ولا مساحة محدودة في الانتشار ؛ لذا لابد من مواجهة ذلك بالتوعية والتعليم وتطوير برامج تعليمية تستهدف تعزيز قيم التسامح والتعايش السلمي بين مختلف الطوائف، كما أدعوهم إلى تنظيم حملات توعية عبر وسائل الإعلام التقليدية والاجتماعية لمكافحة الخطاب الطائفي؛ وهي دعوة إلى تعزيز الرقابة على المحتوى؛ وكما كان هناك دور لوزراة الداخلية العراقية في وضع ضوابط للرقابة على المحتوى الهابط ؛ كان من الأولى عليها مراقبة وتدقيق المحتوى الطائفي والمتطرف؛ بل لابد على الحكومة التشديد على تفعيل المادة 200 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969؛ والتي تنص على «تجرم الأفعال التي تثير الفتنة الطائفية أو تسهم في تأجيج النزاعات بين الطوائف المختلفة. ينص القانون على معاقبة من يقوم بالتحريض على الفتنة الطائفية بالعقوبات المناسبة والتي قد تشمل السجن أو الغرامة». وان ما تقوم به الجهات الأمنية والقضائية في العراق بملاحقة ومحاسبة الأفراد أو الجماعات الذين ينشرون الكراهية والتحريض الطائفي عبر وسائل الإعلام أو منصات التواصل الاجتماعي ؛ يبق غير كافٍ في التحقيق في الأنشطة المشبوهة وفرض العقوبات القانونية على مرتكبي جرائم التحريض.

ان الرقابة على نشر المواد التحريضية والطائفية في وسائل التواصل الاجتماعي، بحاجة إلى عقد اتفاقات ثنائية بين وزارت الخارجية والداخلية والأمنية العربية والإسلامية والدولية ؛ ووضعها على طاولة الاجتماعات الثنائية بين جميع الدول العربية والإسلامية ؛ بل على دول العالم بأسره التعاون مع شركات التواصل الاجتماعي لإزالة المحتوى الضار بسرعة وفعالية.

فرص عمل

أما على الجانب العملي الوطني فعلى الحكومة توفير فرص عمل ودعم الشباب؛ وتطوير برامج لخلق فرص عمل للشباب والتخفيف من البطالة؛ مما يقلل تعرضهم للدعايات المتطرفة؛ كما ادعوا الحكومات المحلية المتمثلة بمجالس المحافظات والمحافظين إلى دعم مبادرات الشباب والتي تهدف إلى بناء مجتمع متماسك ومتسامح.

وأخيرًا أقول حان الآن «إعلان إنذار جيم « فزيادة انتشار المواد الطائفية المتلفزة في وسائل التواصل الاجتماعي بين الشباب العراقي يمثل تحدياً كبيراً يهدد وحدة واستقرار المجتمع؛ ومن الضروري تكثيف الجهود لمعالجة هذه الظاهرة من خلال التوعية، التعليم، وتعزيز الرقابة على المحتوى، بالإضافة إلى توفير فرص للشباب تمكنهم من بناء مستقبل أفضل بعيداً عن التطرف والطائفية.المحافظة على سلامة سفينة الوطن من الغرق ؛ مسؤولية اخلاقية ودينية قبل أن تكون وطنية.

 رئيس الجمعية العراقية للاعتماد والرصانة وتطوير البرامج التعليمية


مشاهدات 51
الكاتب إسماعيل محمود العيسى
أضيف 2024/08/13 - 4:29 PM
آخر تحديث 2024/08/14 - 3:02 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 292 الشهر 5864 الكلي 9981408
الوقت الآن
الأربعاء 2024/8/14 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير