رفض مستمر للتعديل الجديد ومخاوف من تشريعات خطيرة
خبراء لـ (الزمان): قوى سياسية تحرّض على نسف حقوق الزوجة بالكامل
بغداد – ابتهال العربي
أثار تعديل قانون الاحوال الشخصية 188 لسنة 1959، بعد 60 عاماً من التنفيذ، جدلاً متصاعداً ، بسبب المؤاخذات القانونية التي كشفت المستور، وعرّت نوايا بعض الجهات السياسية التي تواصل مشروع خلط الدين بالسياسة، متخذة من الشرع حجة لتتحكم بحياة النساء وتتلاعب بمصيرهن، بحسب حقوقيين. عدّوا التعديل الجديد مجحفاً ويثير التفرقة بين المكونات، ويشرعن الذكورية والزواج اللاقانوني، في وقت ترتفع فيه نسب الطلاق وتتزايد حالات العنف الاسري بجميع مدن العراق، ما يثير تساؤلات ، اهمها ماهي الاهداف الحقيقية من هذا التعديل، وفي هذا التوقيت بالذات، ولماذا لاتسعى تلك القوى السياسية لإقرار قوانين مدنية تحمي الاسرة العراقية، وتعزز الحريات وتنتصر للمساواة في اطار بناء السلم المجتمعي، بل تتعمد هدم المجتمع وإرجاعه الى البداوة والتخلف، بفرض مدونة خطيرة يسوّق لها رجال دين ؟ وما المبررات النيابية لتمرير هذا القانون؟
حضانة الام
ويوصي التعديل الجديد بإسقاط حق حضانة الام في حال الزواج، اما التفريق بين الزوجين فيتم وفقاً للفقه الديني وليس للمحكمة، كما يتضمن حكم رجال الدين في قضايا الخلع والتفريق، وتصديق عقود الزواج خارج المحاكم، فضلاً عن اباحة زواج القاصرات، وانشاء محكمة شيعية وسنية، وتشريع تعدد الزوجات والزواج المؤقت، وكذلك حرمان الزوجة من ميراث العقارات، والغاء النفقة في حال عدم استمتاع الزوج. واوضح الخبير القانوني، صفاء اللامي، لـ (الزمان) امس ان (التعديلات الجديدة يراد بها اعطاء السلطة لرجال الدين في قضايا الزواج والطلاق، وتضعيف سلطة المحاكم والقانون)، مبيناً ان (هناك رفض سابق لفكرة قانون الخبراء المتعلق بصلاحيات مكاتب رجال الدين المنتشرة قرب المحاكم والذين في بعض الاحيان يطلقون دون علم الزوجة)، واكد اللامي ان (هذا يمثل تعسفاً في استخدام السلطة من قبل القوى السياسية، والتكريس للبعد الطائفي). وذكرت الحقوقية علياء الحسيني، لـ (الزمان) امس ان (قانون الاحوال الشخصية، هو احد المكتسبات التي حصلت عليها المرأة، لانه يضمن حقوق المرأة، وهو لا يتعارض مع الاسلام، واصفة القانون الجديد بالمستفز بإثارة مفردة سني و شيعي)، مبينة ان (القانون اطر الزواج من سن 16 سنة فما فوق، بينما التعديل الجديد يبيح زواج البنت بعمر 9 سنوات، بموجب المرجعيات التي هي تتولى مهمة التزويج بدل القانون)، واوضحت الحسيني ان (من كتبوا التعديل ليسوا فقهاء بالدين او المذهب او الفقه)، مشيرة الى (حاجة المجتمع الى تضييق الخناق على حالات الطلاق، وتصديق الزواج خارج المحكمة او تعدد الزواج، وتزويج القاصرات، وهذه القضايا يسمح بها القانون المعدل)، واضافت ان (ذلك يثير مخاوف الجميع، لان هناك تعديلات واضحة لحماية حقوق الزوج واسقاط حقوق الزوجة منها مادية تتعلق بحرمان النساء من الارث والغاء حضانة المرأة وحق السكنى).
من جانبه، بين الخبير القانوني، علي التمر، امس ان (المرأة هي المنطقة الرخوة التي تدفع ثمن هذا القانون المراد تمريره، لانها هي المقصودة والمتضررة)، لافتاً الى ان (النص الجديد معاكس تماماً للنص القديم، والذي يشكل ظلماً واضحاً للزوجة).
قوانين عادلة
ودعا التمر الى (اقرار قوانين اكثر عدالة للمجتمع، مثل القانون الخاص بالاسرة)، بدوره اكد الخبير السياسي، رعد الدهلكي، في تصريح عبر (الزمان) امس ان (قانون الاحوال وزع اثناء الجلسة بسرعة، لكي لايطلع عليه الاعلام لما يحمله من اشكالات)، منوهاً الى (فرض القانون بشكل مفاجئ، ووزع خلال الجلسة في لحظة البدء بالتصويت، وهذا يدل على وجود خلل)، ورجّح ذلك الى (الاصرار على اقرار القانون رغم انه يمس العائلة العراقية)، معرباً عن (رفضه ربط قانون الاحوال بقانون العفو العام، كورقة للمساومة، لكي يتم فرضه عــلى المجتمع). وقالت الحقوقية نوال الموسوي، امس ان (التوقيت والالية المستخدمة للتغطية لهذا المشروع بعد مرور نحو سبع سنوات، يؤشران الى وجود تبعات خطيرة على نسيج المجتمع العراقي، نتيجة توافقات سرية مصلحية للفئات السياسية المتحكمة بالمشهد السياسي)، موضحة ان (التشريع الجديد يؤثر سلباً على المشاريع المنية التي يراد بها الحد من التجاوز على المرأة وحقوقها الدينية والمدنية). من جهتها رفض بعض الاطراف السياسية التعديل الجديد، بعد انهاء قراءته الأولى، حيث وصفوه تحت قبة البرلمان، بأنه (صيغة غير قانونية، وتمكن المعارضون من تأجيل القراءة بعد ساعات من الجو المشحون ومعارضة الفريق النيابي).
في حين علّق النائب رائد المالكي الذي اقترح تعديل قانون الاحوال الشخصية، على ردود فعل بعض المعارضين من النواب، مثل النائبة عالية نصيف، قائلاً انها (اعترضت على النص 10 من القانون)، مشيراً الى ان (العمل التشريعي يأتي للقراءة الاولى، اي للتداول والنقاش، مبرراً الانتقادات اللاذعة التي طالت السرية في عرض التعديلات خلال جلسة البرلمان)، واتهم المالكي، (جهات سياسية بعرقلة تعطيل ادراج القانون، ورفع الجلسة).
وبين مؤيد ومعارض، وجدل متواصل حول تبديل القانون بالمأذون، لتزويج الفتيات القاصرات، تعدد الزوجات، الغاء النفقة، وتشريع الخيانة الزوجية، وغيرها من الشوائب التي تلوح القانون الجديد، والذي لازال يفرز ردوداً غاضبة من قبل المراقبين والنشطاء الاجتماعيين، ومنظمات المجتمع المدني، يستبعد البعض تمريره مقابل اقرار قانون العفو العام، أو اللعب على سلطة الشعب، وكل مايجري قد يكون مثاراً مؤقتاً للتداول الإعلامي، ومحاولة فاشلة أخرى من قبل الجهة المقترحة.