الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
أخيراً القفز في السين.. التلوثُ يهدّد جهود باريس لجعل النهر آمناً للسباحة

بواسطة azzaman

أخيراً القفز في السين.. التلوثُ يهدّد جهود باريس لجعل النهر آمناً للسباحة

ترجمة: رمضان مهلهل سدخان

 

باريس ــ في الساعة الثامنة وعشرين ثانية من صباح يوم الأربعاء، قفزت 55 لاعبة من رياضة التراياثلون في نهر السين أسفل جسر ألكسندر الثالث. وكانت حوريات نهر السين اللائي نحتنَ قوس الجسر، بينما كان هناك جيش من المصورين وعدد قليل من المتفرجين على ضفاف النهر ليشهدوا ذلك الحدث.

ولم يكن من الممكن سماع رذاذ الماء وسط هتافات المشجعين الذين تجمعوا في المدرجات على طول ضفة النهر وفي الشوارع على بعد عدة أقدام. لكنها كانت قفزة هائلة لمدينة كانت تتوق إلى استخدام الألعاب الأولمبية لجعل النهر آمناً للسباحة مرة أخرى.

ولمدة 100 عام تقريباً، كان نهر السين يُعدّ غير آمن للسباحة بسبب التلوث الهائل، وأنفق الزعماء السياسيون من باريس والبلديات المحيطة 1.4 مليار يورو على مشروع تنظيف مترامي الأطراف كان من المفترض أن ينتهي في الوقت المناسب لسباقات التراياثلون الأولمبية وسباقات ماراثون السباحة.

ولكن بعد أن تفاخر زعماء المدينة بأسابيع من قراءات مستويات البكتيريا الإشريكية القولونية المنخفضة في النهر، دفعت عاصفة مطيرة في عطلة نهاية الأسبوع هذه الأرقام إلى مستويات غير آمنة، مما أدى إلى إلغاء وحدتين تدريبيتين على النهر وتأجيل سباق التراياثلون للرجال يوم الثلاثاء. وأدى الإلغاء إلى مخاوف من أن طموحات باريس الكبرى لنهر السين كانت غير واقعية – وأن سباقات التراياثلون قد يضطرون إلى تحويلها إلى سباقات ثنائية للجري والدراجات.

وقالت أوريلي ميرل، المديرة التنفيذية للرياضة في أولمبياد باريس 2024، صباح الثلاثاء، عند الدفاع عن مشروع التنظيف ضد الأسئلة العدوانية من المراسلين حول ما إذا كان المنظمون يفضلون العناصر الجمالية على سلامة الرياضيين: «عندما نرى تأثيرات الجودة والإرث الذي يمكن أن نتركه للباريسيين، نشعر جميعاً بالفخر الشديد بما جرى إنجازه حتى الآن». وأضاف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي: «لقد حققنا في أربع سنوات ما كان مستحيلاً لمدة 100 عام: لقد أصبح نهر السين صالحاً للسباحة».

ولكن النساء اللاتي غطسنَ في الدوامة الخضراء المتجهة نحو برج إيفل قلن بأنهن لم يفكرن في مستويات البكتيريا الإشريكية القولونية أو يبدين قلقهن من أن السائل الذي تطاير في أفواههن قد يؤدي بهن إلى المستشفى. وقد شارك بعضهن في حدث تجريبي هنا في آب الماضي. ولم يدركن أهمية سباحتهن لطموحات باريس الكبرى في نهر السين. فقد شاركن في الألعاب الأوليمبية. وقالت الأمريكية تايلور سبايفي: «الماء له طعم الماء». فيما قالت زميلتها الأمريكية تايلور نيب بعد ذلك وهي تقف على جسر ألكسندر الثالث: «لا أفكر في ذلك على الإطلاق أثناء السباق». ثم نظرت نحو نهر السين وأضافت «يمكنني أن أحضر لك كوباً إذا كنت ترغب في تذوقه». لكن لم يقبل أحدٌ عرضَها.

كذلك ذكرت الفرنسية كاساندرا بوغراند، التي تغلبت على السويسرية جولي ديرون والبريطانية بيث بوتر لتفوز بالميدالية الذهبية، بأنها تقيأت بالفعل عند نهر السين – ولكن ذلك حدث فقط لأنها كانت متوترة بشأن المنافسة في الألعاب الأولمبية في بلدها الأصلي.

وكان أكبر قلقهن يكمن في سرعة تيار النهر، التي كانت كبيرة جداً لدرجة أن سبايفي لم تكن متأكدة من قدرتها على مقاومته وعلقت بالقرب من العوامة. وقالت بأنه في لحظة ما كانت تأمل أن يأتي المنظمون لإنقاذها، لكنها تمكنت من اجتياز تلك اللحظة الحرجة بنجاح

وبينما حققت النساء شيئاً من التاريخ بكونهن جزءاً من أول حدث رسمي للسباحة في نهر السين في هذه الألعاب، بدا أنهن غير متأكدات من مدى اقتراب باريس 2024 من إلغاء سباق السيدات وسباق الرجال لاحقاً، والذي جرى نقله من يوم الثلاثاء. (يذكر بأن البريطاني أليكس يي فاز بالميدالية الذهبية).  وبعد منتصف ليل الأربعاء بقليل، اجتاحت عاصفة مطرية شديدة المدينة، واستمرت حتى شروق الشمس. كانت مياه الأمطار تنهمر على النوافذ وترتطم بأسطح المنازل، فتتدفق عبر الأرصفة والشوارع المرصوفة بالحصى إلى المزاريب. ولأن باريس لديها نظام صرف صحي قديم، فإن مياه الأمطار المتدفقة تذهب إلى الأنابيب نفسها التي تُستخدَم لمياه الصرف الصحي، مما يؤدي غالباً إلى إغراق المجاري وإرسال النفايات إلى نهر السين. وهذا ما حدث خلال عطلة نهاية الأسبوع عندما هطلت ما يقرب من بوصة من الأمطار على مدى يومين، وفقاً لما قاله المنظمون هذا الأسبوع.

ومع ذلك، عندما اجتمع قادة من باريس 2024، والاتحاد العالمي للتراياثلون، ومدينة باريس وغيرها من البلديات والوكالات الفرنسية في الساعة 3:30 صباحاً يوم الأربعاء، قرروا المضي قدماً في سباق السيدات، الذي كان من المقرر دائماً أن يكون في الساعة 8 صباحاً، وسباق الرجال، الذي جرى نقله إلى الساعة 10:45 صباحاً. ويستخدم الاتحاد العالمي للتراياثلون اختبارات عينات المياه من 24 ساعة قبل السباق لتحديد ما إذا كان السباق آمناً، مما يعني أنهم كانوا يدرسون عينات قبل هطول أمطار يوم الأربعاء.

كان المزاج السائد حول الجسر ــ أحد أكثر الجسور روعة في باريس، والذي يزدان بتماثيل ذهبية شاهقة لخيول مجنحة على كل طرف ــ مزاجاً احتفالياً مع اقتراب موعد البداية. وتجمع المشجعون على جانبي النهر، وملأ بعضهم المدرجات المتبقية من مراسم الافتتاح يوم الجمعة. وقبل الساعة الثامنة صباحاً بقليل، توقف المطر وانقشعت السحب فوق برج إيفل القريب، لتكشف عن لمحات من السماء الزرقاء.

وهتف الجمهور بينما ركضت متسابقات التراياثلون عبر الجسر من منطقة الإحماء على الضفة اليمنى للنهر إلى درج حجري على حافة الضفة اليسرى، حيث اصطففن على رصيف عائم لبدء السباق. كانت المروحيات تحوم في السماء بينما أطلقت بعض الأبواق الهوائية صيحات عالية، وقُرِعت أجراس البقر. استند المصورون إلى حواجز الجسر الحجرية لالتقاط اللحظة التي قفزت فيها الرياضيات في نهر السين. ساد الصمت، ثم طرطشت حبات الماء إثر القفزة.

عن صحيفة الواشنطن بوست، 1-8-2024


مشاهدات 107
أضيف 2024/08/04 - 4:15 PM
آخر تحديث 2024/08/07 - 12:08 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 200 الشهر 2630 الكلي 9978174
الوقت الآن
الأربعاء 2024/8/7 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير