الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
هكذا كانوا فأين أنتم منهم؟

بواسطة azzaman

هكذا كانوا فأين أنتم منهم؟

حسين الصدر

 

-1-

الانسان مدنيّ بالطبع – كما يقولون - ، وهو كثير الارتياح والابتهاج بمن يكسبه صديقاً ، حتى قيل :

( أحبُّ أخي لأنه صديقي )

حيث فُضِّلَ الصديقُ على الأخ ..!!

-2-

والأصدقاء لا يعرفون الاّ عند الشدّة .

قال الشاعر

يُعرّفُكَ الاخوانُ كلٌّ بنفسه

وخيرُ أخٍ مَنْ عرّفَتْكَ الشدائِدُ

وكثير من ادعياء المحبة والصداقة يفشلون في أول اختبار ، ذلك أنهم مُمثلون بارعون في مسرحيات التظاهر بالمودة والمحبّة ولكنّهم في الحقيقة ليسوا كذلك .

-3 –

انّ التعاون والتكافل والتراحم والاهتمامات الجديّة الصادقة بالاخوان لها آثارها الإيجابية الكبرى في الحفاظ على سلامة المجتمع واستقراره وأمنه وبالتالي فان الحصيلة النهائية تكون ذات منسوب عالٍ في مضمار النفع الاجتماعي وتجاوز التحديات الخطيرة .

-4-

ومن جميل ما قرأتُ في هذا الباب ما جاء على لسان محمد بن عبد الرحمن الصيرفي حيث قال :

« بعث اليّ الحكم بن موسى في أيام عيد انّه يحتاج الى نفقة ، ولم يك عندي الاّ ثلاثة آلاف درهم ، فوجهتُ اليه بها ،

فلما صارت في قبضته وجّه اليه خلاد بن أسلم انه يحتاج الى نفقة فوّجه بها كلها اليه واحتجتُ أنا الى نفقة فوّجهتُ الى خلاد :

اني احتاج الى نفقه فوّجه بها كلها واليّ ،

فلما رأيتُها مصرورة في خرقتها وهي الدراهم بعينها ، أنكرتُ ذلك فَبَعَثتُ الى خلاد :

حدّثني بقصة هذه الدراهم ؟

فأخبرني انّ الحكم بن موسى بعث بها اليه ،

فوجهتُ الى الحكم منها بألف ، ووجهت الى خلاد منها بألف ، وأخذتُ أنا منها ألفا «

تاريخ بغداد / 8 / 339

يلاحظ هنا :

1 – الايثار الذي اتسم به الأصدقاء حيث قدَّم كل منهم صاحبه على نفسه

وهذه هي أعلى الصيغ الأخلاقية والإنسانية في التعامل الاجتماعي .

2 – وحين عاد المبلغ الى ( الصيرفي ) – وهو أول مَنْ سئل وبادر الى ارسال كل ما عنده فقسّمَ – المبلغ الموجود أثلاثاً احتفظ لنفسه بالثلث وبَعَثَ لصاحبيْه بالثلثين وبهذا تجاوزوا الأزمة .

وما أحوجنا اليوم وأصحاب العوز والفاقة قد تجاوز عددهم الملايين الى مثل هذه الروح التي ترفض وبإصرار الاتسام بالأنانية حين تكون محاطة بقوافل طويلة من المستضعفين والفقراء .

انّ صاحب المروءة لا يستقر ولا يهدأ له بال حين يرى المحاويج من اخوانه يصطلون بنار الحرمان  ولا يفكر بمواساتهم وإعانتهم للخروج من عنق الزجاجة .

وهنا يكمن الدرس البليغ .

 

Husseinalsadr2011@yahoo.com


مشاهدات 223
الكاتب حسين الصدر
أضيف 2024/08/03 - 1:29 AM
آخر تحديث 2024/09/01 - 10:22 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 191 الشهر 191 الكلي 9988813
الوقت الآن
الأحد 2024/9/1 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير