الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
أي تطبيع مع هكذا إسرائيل؟

بواسطة azzaman

أي تطبيع مع هكذا إسرائيل؟

فؤاد مطر

 

تبدو مدعاة للإستغراب هذه المسكنة التي يغلف بها رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو تصريحاته حول الحاجة إلى السلاح، والتي وصلت إلى درجة تحميل الإدارة الأميركية (الديموقراطية) وزر إخفاق حسْم العدوان الذي شنه على غزة البشر والحجر وإستتباع ذلك بالتجويع وضرب محطات المياه بعد إستكمال تدمير المشافي والمدارس وما ألحقه من أذى للمساجد والكنائس والمؤسسات الإغاثية الدولية، ووصل به الأمر إلى حد التطاول على الرئيس بايدن فيما وزير الدفاع يواف غالانت يحاول في زيارة لافتة إلى واشنطن رتق ما أمكنه الرتق لثوب العدوان الهتلري من جانب الحكومة التي هو أحد أعضائها وتحديداً الركن الذي يرمز إلى ذلك العدوان أي وزير الدفاع المسؤول عن الجيش الذي نفَّذ لرئيس الحكومة العمليات الحربية العدوانية براً وجواً على الغزيين لا فرق بين كهل أو طفل، فهذه تربيته التي عززها في نفسه على سبيل المثال لا الحصر حاخاميون من بينهم ما نشرتْه صحيفة «الوطن» السعودية في عددها الصادر يوم  الثلاثاء 10 أبريل/ نيسان 2001 (تقرير لمراسلها في القدس) عن الزعيم الروحي لحزب «شاس» الديني المتشدد الحاخام عوفاديا يوسف العراقي المولد، الذي قال (السبت 7 أبريل) في عظة  لمناسبة عيد الفصح اليهودي «لينتقم الله من العرب وليقطع نسلهم. محظور الترحم عليهم ويجب ضرْبهم بالصواريخ في أفضل حال وتدميرهم لأنهم المجرمون الملاعين. هؤلاء البكَّاؤن إنهم يحتلون ببكائهم قلوب الناس وببكائهم أيضاً يرتكبون المجازر. إن دموعهم مثل دموع التماسيح محظور إبداء الرحمة تجاههم. إن الله سينتقم من العرب في رؤوسهم وسيدمرهم ويزيلهم من العالم...».

وكان وصف في عظة سابقة العرب ﺒ «الأفاعي وبالخنازير والحيوانات الكريهة وأن الرئيس الفلسطيني ثور قبيح».

اعمال عدوانية

خطورة هذا الكلام قبل 23 سنة أن موقف رجال السياسة الذين ينتمون إلى التيار الديني وشركاء نتنياهو في ما فعله وبما ينوي مواصلة إقترافه من أعمال عدوانية سواء في قطاع غزة وبعض مدن الضفة الغربية أو ما هو من المحتمل فعْله على «لبنان حزب الله» وبشراسة تفوق العدوان طوال سنة على الغزيين، هم في طيات ما يصرحون به من الذين يشاركون الحاخام العراقي الأصل عوفاديا يوسف موقفه. وعندما نقرأ ما يصرح به كل من وزير الأمن القومي بن غفير في حكومة نتنياهو ووزير المالية سموترتش تتضح لنا النوايا وبحيث أن ما لا يقال على الألسنة راسخ في النفوس الأمَّارة بإبقاء الأمر الواقع الإحتلالي لفلسطين للسنة الثمانين على التوالي كما هو عليه.ويستغرب المرء أشد الإستغراب كيف أن تلك النظرة الحاخامية للعرب ومعها مخطط الإبادة من جانب حقبة نتنياهو وغلاة اليمين المنتقم والمعتدي دون وجه حق في غزة وبين الحين والآخر للفلسطينيين الصامدين في مدن وطنهم المحتل الذين يعيشون إلى جانب أطياف يهودية، راسخة في الوجدان الإسرائيلي مع أن هنالك عشرات الألوف من المواطنين الذين يشكِّلون سكان إسرائيل هم من العرب ولا تلغي بطاقات التعريف بهم الصادرة عن دوائر رسمية إسرائيلية وكذلك جوازات سفرهم المختومة من جانب إدارات رسمية إسرائيلية هويتهم الأصلية التي لا جدال فيها وهي أنهم عرب. وحتى الضابط أو الجندي الدرزي في الجيش الإسرائيلي يشارك كما أقرانه اليهود في الحروب الباطلة ضد العرب. وإلى ذلك هنالك أعضاء من العرب في الكنيست يمثلون بني قومهم ويقترعون كما أقرانهم اليهود على ما يصدر عن البرلمان الإسرائيلي من قرارات بمعنى الموافقة عن إقتناع أو الإعتراض نتيجة إفتقار القرارات ومشاريع القوانين إلى الحد المعقول من التوازن والعدالة. وهؤلاء الذين نشير إليهم على سبيل المثال لا الحصر ليسوا بالصفات التي يراها فيهم الحاخام المشار إليه ويتوارثها بطبيعة الحال حاخاميو الحقبة الراهنة من إسرائيل في شخص نتنياهو الذي يحاول ستر إخفاق عدوانه بترك صفحة هذا العدوان مفتوحة تقيه  جولات العدوان من تهاوي حكومته، وبإرفاق الجولات بالإكثار من العتب على الحليف الأميركي الذي لا يمده بالمزيد من السلاح وهو طلب منطقي لو كان يخوض حرباً ضد جيش أو جيوش وليس العكس أي البحث بين الركام عن أفراد ينتمون إلى «حماس» التي أحرجت شأنه السياسي بعملية أسْر فإنتهزها ذريعة لكي يبدد ما صنَّفه الحاخام عوفاديا يوسف. ثم يحاول وزير الدفاع يواف غالانت تسويق نفسه بديلاً يحل محل نتنياهو في زيارته المرحب بها إلى واشنطن عكس تلك الزيارة التي تمناها نتنياهو ولم يلب الرئيس العاتب التمني الأمر الذي زاده إمعاناً في حرب الإبادة التي كان هنالك موقف لفظي لكن فاعل من بين إشعال البيت الغزاوي ناراً من الصواريخ الأكثر فتكاً الممنوحة إسترضاءاً من جانب الإدارات الأميركية المتعاقبة منذ الخمسينات.

عملية حماس

وهذا الموقف جدد التأكيد عليه أواخر أبريل/ نيسان 2023، قبل أيام من عملية الأسر الحمساوية كوين مكارثي (جمهوري) رئيس مجلس النواب الأميركي في كلمة ألقاها في الكنيست (على نحو ذلك الخطاب الذي ألقاه الرئيس أنور السادات يوم 20. 11. 1977 بدأه بعبارة السلام عليكم ورحمة الله والسلام لنا جميعاً بإذن الله). وفي كلمته تلك قال المسؤول الأميركي الفاعل الذي كان في زيارته الأولى الرسمية لإسرائيل على رأس وفد من 16 برلمانياً أميركياً وللمشاركة في إحتفالات اليوبيل الماسي (75 سنة) لتأسيسها «أتعهد بدعم إسرائيل في 75 سنة القادمة لتكون أقوى حتى أكثر من اﻟ 75 سنة الفائتة...».وبالعودة إلى ما يراه الحاخام عوفاديا يوسف ويشاركه الرأي تيار جارف وفاعل مدني وروحي، وبالتصويب على حرب نتنياهو نشير إلى أن حربه الإبادية التدميرية التجويعية حرمتْه من زيارات كان يُمني النفس بها كونها ترفع من شأنه ثم لم تعد واردة بعد الذي إقترفه وما زال في غزة، وأهمها زيارة إماغير مرحب بها أو مرجأة إلى كل من الصين ودولة الإمارات وهي زيارات بقيت واردة مقرونة بحلم إستكمال التطبيع في وقت كانت إسرائيل متماسكة وليست على أهبة التبعثر سياسياً وإجتماعياً وإلى درجة الإنقسام إذا كان نتنياهو وحلفاؤه سيجربون خوض مواجهة مع «دولة لبنان حزب الله» تتكاثر في شأنها المخاوف مما سيطوي صفحة التطبيع المنقوص إلى أن تفرض صيغة الدولتيْن وجودها. ومع إسرائيل في أحوالها الراهنة هذا محتمل ذلك أنها لم تعد الكيان الذي ينظر إلى محيطه العربي من أعلى وبعين الحاخام عوفاديا ولسانه. وما طار طير وإرتفع.. إلا كـما طار وقع.


مشاهدات 29
الكاتب فؤاد مطر
أضيف 2024/07/15 - 4:33 PM
آخر تحديث 2024/07/16 - 2:55 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 48 الشهر 6821 الكلي 9368893
الوقت الآن
الثلاثاء 2024/7/16 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير