من ذاكرة الصحافة العراقية.. جودة في الأداء واتقان في العمل المهني

قاسم المعمار

بداية السبعينات وحتى تقاعدنا اليوم فترة زمنية حافلة بأواصر الزمالة والصداقة والأخوة العائلية ، كان كل واحد منا تلميذاً ومعلماً لإقرانه ، نأخذ المشورة من كبارنا اساتذتنا اليوم بكل احترام ولا ابالغ ان اقول حد الارجحية والتقليد والطاعة ابتغاءاً للوصول نحو الافضلية بدءاً من التقاط الخبر وكتابته وحتى نشره فرحين في اليوم القادم ، اما على صعيد دبلوماسية العمل الصحفي فنكون تواقين لتلك التوجيهات الادبية الخلقية في التحاور وحضور المؤتمرات والمهرجانات قلها لدينا طقوسها الاعتبارية في استكمال تسلحنا بالقلم والورقة وجهاز التسجيل الصوتي والوصول المبكر للفعالية المقصودة ومعرفة ماهيتها مسبقاً . والتعامل بأدب جم مع المسؤولين في مؤتمراتهم الصحفية حاملين اسئلة ذات صلة بالمواضيع المطروحة متابعين توجيهات اساتذتنا لنا .

لا زلت استذكر تلك الملاحظات الادبية الاجتماعية لنا اثناء المقابلات والحوارات في حشمة ملابسنا وجلوسنا وحفظ صوتنا في التحدث وعدم المقاطعة وحتى الأكل والشرب الا بأذنه والامتناع عن التدخين وان تكون الكياسة في كل شيء والابتعاد عن مطاليب الرشا او ما تسمى بالاكراميات.. وفرحتنا الوحيدة هي ان نقدم انجازنا الصحفي مبكرين وبدقة للتحرير .

توجيهات سديدة

وكم من مرة عدنا بعد انتهاء فعالياتنا المسائية المتأخرة والبعيدة عن دوائرنا الاعلامية مشياً تاركين الولائم ووسائط النقل اختصاراً للوقت .

وكان للإشراف المباشر من قبل الاستاذ زيد الحلي وتوجيهاته السديدة لنا الأثر الكبير في نجاحنا اليوم . ما اجملها من قدوة حسنة لنا جودة الاداء واتقان مهني مهذب .قد تبدو حكايتنا هذه فيها شيء من الهلوسة او المبالغة ولكنها الحقيقة تربينا عليها شغوفين بها .. كنا نستقرأ ماذا يراد منا بإشارة تلميحية من رئيس القسم او مدير التحرير او رئيس التحرري وحتى من الزميل معي .لا نتذمر او نتراجع حينما نجد زميلنا في (واع) قد سبقنا في الحصول على الخبر او النشاط الاعلامي بل زرعت فينا المحبة والتسامح والتنسيق  بل الأخوة مع زملائنا مندوبو الصحف والاجهزة الاعلامية الاخرى .

اما النقطة الاخرة التي لابد لي من استذكارها بكل تقدير واحترام دور الصحفيات العاملات معنا في قسمنا الذي كان يضم الاخبار المحلية والتحقيقات وبمعية نجوم المصورين الفوتوغراف العراقيين منهم حازم باك ومحمود علي حسن وفريد شمعون ويوسف الشمري وكريم الدليمي وعلي نعاس وقاسم سنيد  .. ومن هذه الكوكبة النسائية الكريمة الخلق رجاء الاعرجي وعذراء السامرائي و حياة عبد علي وسمية زكي وميسون المغازجي وفريدة السامرائي وابتسام خلف ونرمين المفتي والدكتورة مجد الجادرجي والدكتورة خالدة حسن وسوسن الجزراوي .

ما زلت اذكر اول عمل صحفي مشترك مع الزميلة الغالية الدكتورة انعام كجه جي في السبعينيات وحضورنا افتتاج جسر مدينة الطب الرابط بين الكرخ والرصافة بمعية المصور العزيز محمود علي حسن وقد كُرمنا لأنجازنا ريبوتاج مشترك مع رئاسة التحرير . وكدنا نفقد زميلنا العزيز المصور حينما سقط سهواً في نهر دجلة لولا مساعدة الشرطة النهرية لإنقاذه .ان مسك الختام لموضوعنا هذا هي تلك الكوكبة المبجلة أدباً وثقافةً وتواضعاً عهدناها منذ السبعينيات والثمانينيات أملاً منشوداً للإثراء الاعلامي ثمرات يانعة باسقة في عطاءاتها الفكرية والاكاديمية تربعت اليوم مع سليلاتها على عرش الصحافة فجاءت نماذج فذة يحتذى بها تعلمت انا شخصياً وبكل فخر منها الكثر الكثير وأدين لها بالاحترام استاذية كريمة معطاء .. فماذا يعني لنا الدكتور هاشم حسن التميمي انه ايقونة الصحافة والاحلام العراقي ونبراسها المحبوب الخالد عشقت كتاباته الصدفية الشجاعة في الطرح والتحليل والاستنتاج وتسنم منصب عميداً لكلية الاعلام / جامعة بغداد لسنوات طوال .

ترابط ثلاثي

ومن هو الدكتور طه جزاع .. عرفناه ضميراً يقظاً في فلسفة الحياة تحليلاً مسهباً لماهية الترابط الثلاثي مابين العقل والقلب والروح ولدت لديه توجهات ناجحة  للمعالجات المجتمعية .. أما الاديب المتجمل في كتاباته الرائعة الاستاذ جمال الاسدي فهو فعلاً عطاء دائم في موهبته الادبية رغم كونه رجل علمي في نشأته الاكاديمية الجامعية ثم ذلك الوجه المشرق بالتفاؤل والذكريات الدكتورة الاعلامية انعام كجه جي ريحانه الجمع المتألقة بإصداراتها الرائعة فهي تحمل وتعكس مأساة اعماقها الانسانية في عالم الغربة .

ومن اساتذتنا الاعزاء الذين تواصلوا في رحبة الكتابة الصحفية والتوثيق الاعلامي ولهم مكانتهم المحترمة في الصحافة ويشار اليهم بالود والاحترام منهم على سبيل المثال الكاتب الاعلامي المهندس عكاب سالم الظاهر والصحفي المتألق فلاح المرسومي طيب الله ذكرهم وحضورهم البهي .. وعذراً لمن فاتني استذكاره سيكون القادم اهــــلاً لهم وبهم .