الى أمّي مع الكِتابُ الفريد والكاتب المُجيد محمد أحمد المعبّر
حسين الصدر
-1-
أعذب الأنغام التي تداعب أوتار القلب وتهتز لها النفوس هي كلمات الحنان المنسابة من شفاه الأمهات .
ولقد قال كاتب السطور في قصيدة تجاوز عمرها نصف القرن :
حلوُ المذاقِ حديثُهنَّه
يحكي رقيقَ شُعورِهنّه
هُنَّ الزهورُ اليانعاتُ
وعطفُهُنَّ أريجُهنّه
وكتب – وهو على جناح سفر – الى أهله يقول :
لن يطيب العيشُ الاّ بَيّنكُمْ
ولذيذُ العيش في تَحنانِ أُمّي
فالأمُ هي نبع الحنان ونهرُ محبتها المتدفق يجود بالوان من العطاء لا نظير لها .
ومن هنا كانت العلاقة بين الأبناء والأمهات من العمق والقوة بالدرجة التي تضرب بها الأمثال .
وأما دعاؤها فهو غاية الغايات .
-2–
لقد أتحفني الصديق العزيز الأستاذ محمد احمد مُعبِّر – وهو اليوم في طليعة الكتاب والمؤلفين العرب الذين أَغْنَوا المكتبة العربية الإسلامية ببحوثهم ودراساتهم القيمة وكان انتاجهم الغزير دليلاً على شدة عشقهم للعلم والأدب والثقافة والمعرفة ، فكانوا بحق الروّاد المبرزين الذين نعتز ونشيد بانجازاتهم النافعة –
وكتابُهُ ( الى أميّ الأم والأمومة في الشعر العربي دراسة ونصوص ) كتاب ممتع وسِفْرُ استحق منا التقدير والثناء .
فهو جامع مانع ، تَتَبعَ – المؤلف كما قال :
( ما قيل في الأم في الشعر العربي ، منقبا في دواوين الشعراء وكتب الأدب والمجلات والصحف حتى اجتمع الكثير مما قيل في الأم فآثرتُ أنْ أصدره مجموعاً بين دفتي هذا الكتاب )
وحسنا فعل فلقد اختصر المسافات الطويلة للوصول الى الكنزُ الثمين متمثلا بروائع الأشعار والاخبار عن الام والأمومة وأضاف الى المكتبة العربية إضافة نوعية نال بها وسام الابداع بعد أن أرهف بمختاراته الأسماع .
-3 –
ولقد رأينا من المناسب أنْ نقتطف مِنْ رياضه اليانعة باقةً فواحةً مِنَ الأشعار (في الام والأمومة) يلتذ بعبيرها القارئ ويشكره على حسن الاختيار .
وقد اقتصرنا على اختيار الشواهد من الشعر العربي المعاصر .
قال محمد الهراوي في رثاء أمّه :
فقدتُ التي كانت اذا شط بي النوى
تُسائل عني في الدجى ساريَ النجمِ
وانْ مَسَنيِ سقم ثوت عند مرقدي
لزاما فلم تبرحْهُ الاّ مع السُقمِ
فانّ الحنان الحق في الأم وحدها
وغير حنانِ الامِّ ضربٌ مِنَ الوَهْمِ
وقال الجواهري :
وطُفْتِ بخاطري حتى تَمشَّى
حنانُكِ مثلَ بُرءٍ في سُقامِ
وكنتِ السمع مني لا ورائي
سواك صدىً يرن ولا أمامي
وقال العقاد راثياً أمّه :
خلا الكون منكِ فماذا أرى
مِن الكونِ بعدكِ الاّ ظلاما
لأجلِكِ كنتُ أخافُ الخطوب
فما الخوف بعدك الاّ سلاما
وقال عمر بهاء الدين الأميري :
هي الأم ركنُ قَدَّسَ اللهُ شَأْوَهُ
وأرسى به في الكون رحمتَه حَقّا
وشاد على أقدامِهِ جّنَّة الرضا
وكرّمَهُ في الخلق مُذْ بَرَأ الخَلْقا
وأمي لها في ذاتِها وصفاتِها
سجايا من الأُمّات في نظري أنقى
جَزَى روحَها الرحمنُ أكرم ما جَزَى
به البرَ والايثارَ والخُلَقَ الأنقى
ويخاطب عبد الرحمن صالح العشماوي أمه فيقول :
رأيتُ بعَيْنيكِ المحبةَ واللطفا
وشاهدتُ يا أمّاه في وجهكِ العَطْفا
حنانٌ واشفاق عليّ ولوعةٌ
لبُعدي فما أغلى الشعورَ وما أَوْفَى
تُحسينَ بالآلام حتى أَحسها
وتشفين من آثارها عندما أُشفى
يؤبني فيك الضمير لأنه
يرى أنَّ شعري فيك لم يبلغ الوصفا
وذلك حقُ لو وقفت قصائدي
وكلَّ كتاباتي عليكِ لَمَا وفَّى
-4-
ويطول بي المقام لو أردنا استعراض المزيد من الشواهد التي زخر بها الكتاب، وسحر بها الألباب وللمؤلف العزيز منّا خالص الدعوات وأطيب التمنيات .
Husseinalsadr2011@yahoo.com