الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
بين ابن الحنفية والحسين (ع)

بواسطة azzaman

بين ابن الحنفية والحسين (ع)

حسين الصدر

 

-1-

سنوات القهر والقمع والطغيان التي عاشتها الأمة الإسلامية أيام معاوية جعلت رجلاً من طراز ( محمد بن الحنفية ) ينصحُ الحسين (ع) بالتنحي عن بيعة يزيد وعن الأمصار حفاظا على دمه ، وكان يخشى عليه أنْ يكون أضيع الناس دَمَا ..!!

-2-

اسمع ماذا قال له :

« يا أخي :

أنت احب الخلق إليّ وأعزهم علي ّولست والله أوفر النصيحة لاحد من الخلق وليس احد احق بها منك لانك مزاج مائي ونفسي وروحي وبصري وكبير اهل بيتي ومن وجب طاعته في عنقي لان الله قد شرفك عليّ وجعلك من سادات اهل الجنة تنح بيعتك عن يزيد بن معاوية وعن الامصار ما استطعت ثم ابعث رسلك الى الناس ثم ادعهم الى نفسك فان بايعك الناس وبايعوا لك حمدت الله على ذلك وان اجتمع الناس على غيرك لم ينقص الله بذلك دينك ولا عقلك ولا تذهب به مروءتك ولا فضلك اني أخاف عليك ان تدخل مصراً من هذه الامصار فيختلف الناس فمنهم طائفة معك وأخرى عليك فيقتتلون فتكون اذا لأول الأسنة غرضاً فاذا خير هذه الامة كلها نفسا وابا واما أضيعها دما وأذلها اهلاً «

فقال له الحسين فأين انزل يا اخي ؟

قال :

تخرج الى مكة فان اطمأنت بك الدار بها فذاك وان تكن الأخرى خرجت الى بلاد اليمن افنهم انصار جدك وابيك وهم أرأف الناس وأرقهم قلوباً وأوسع الناس بلاداً فان اطمأنت بك الدار والا لحقت بالرمال وشعوب الجبال وجزت من بلد الى بلد تنظر ما يؤول اليه امر الناس ويحكم الله بيننا وبين القوم الفاسقين فانك اصوب ما تكون رأياً ويحكم الله بيينا وبين القوم الفاسقين فانك اصوب ما تكون رأيا حين تستقبل الأمر استقبالاً .

فقال الحسين : يا اخي جزاك الله خيراً فقد نصحت واشرت بالصواب وانا عازم على الخروج الى مكة وقد تهيأت لذلك انا واخوتي وبنو اخي وشيعتي وامرهم امري ورايهم رايي واما انت يا اخي فلا عليك ان تقيم بالمدينة فتكون لي عيناً لا تخفي عني شيئاً من امورهم .

ثم دعا الحسين بداوة وبياض وكتب وصيته لاخيه محمد :

بسم الله الرحمن الرحيم

هذا ما أوصى به الحسين بن علي بن ابي طالب الى أخيه محمد المعروف بابن الحنفية :

ان الحسين يشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له وان محمداً عبده ورسوله جاء بالحق من عند الحق وان الجنة والنار حق وان الساعة آتية لا ريب فيها وان الله يبعث من في القبور واني اخرج اشرا ولا بطرا ولا مفسدا ولا ظالما وانما خرجت لطلب الإصلاح في امة جدي أريد ان امر بالمعروف وانهى عن المنكر وأسير بسيرة جدي وابي علي بن ابي طالب فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق ومن رد علي هذا اصبر حتى يقضي الله بيني وبين القوم بالحق وهو خير الحاكمين وهذه وصيتي يا اخي اليك وما توفيقي الا بالله عليه توكلت واليه أنيب «

ثم طوى الحسين الكتاب وختمه بخاتمه ودفعه الى أخيه محمد ثم ودّعه .

-3 –

تحاشى الامام الحسين (ع) – وهو صاحب الخلق الكريم – أنْ يجبه أخاه بالرد الرافض لكل ما قال ، واختار صيغةً استطاع بها أنْ يشعره بتقدير مشاعره فجعله عينا له في المدينة يوافيه بالاخبار والتطورات .

-4-

وقد وضح الامام الحسين (ع) أسباب ثورته على الكيان الاموي الغاشم فقال :

واني لم اخرج اشرا ولا بطرا ولا مفسدا ولا ظالما «

نعم ثورة الحسين (ع) كسائر الثورات التي يختفي وراءها الدافع الشخصي للتربع على كرسي السلطة ونيل المغانم والمكاسب

انها ثورة إصلاحية تهدف الى نصرة الدين ، وتفعيلِ قيمه وأحكامه في واقع الحياة

وهذا هو سر عظمتها وخلودها .

انّ الامام الحسين أراد الإصلاح بكل معانيه وأبعاده :

اصلاح الانحراف الفكري والسياسي والاجتماعي

وأشار الى ذلك عبر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .

 

 

 

 

 


مشاهدات 25
الكاتب حسين الصدر
أضيف 2024/07/15 - 3:53 PM
آخر تحديث 2024/07/16 - 2:56 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 49 الشهر 6822 الكلي 9368894
الوقت الآن
الثلاثاء 2024/7/16 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير