الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
باسم حنا بطرس.. اللّحن الأخير

بواسطة azzaman

باسم حنا بطرس.. اللّحن الأخير

نظرات شاخصة صوب جلو جميل

رياض شابا

امر مؤكد، انه حمل معه ابتسامة لم تكن تفارقه في احلك الظروف، وان نظراته ظلت شاخصة صوب مكان يتكئ عليه «جلو» جميل، تكاد اوتاره تتقطع حزنا على فراق من داعبه واحتضنه طيلة عقود، عازفا في الفرقة السيمفونية الوطنية العراقية، وعضوا في جماعات ومجموعات عدة لما يعرف بـ «موسيقى الصالة» او الحجرة، انتشت لاجوائها جماهير عشقت الاعمال العالمية الكلاسيكية لسنوات عديدة، الا ان هاجسا لم يغادرني عما اذا كان قد تمكن من اداء لحنه الاخير قبل رحيله الابدي الاثنين 1 تموز، في اجواء زادها حزنا، حقيقة الموت في ارض غريبة بعيدة، «تطشر»في اصقاعها عراقيون رحلوا باجسامهم لكن ارواحهم باقية هناك.

   والخبر جاء من نيوزيلاندا، رحل باسم، الموسيقي والباحث والمدرس والخبير .. ..والمنكّت البارع، نجل الشخصية العراقية الموسيقية التاريخية حنا بطرس شاجا المولود في الموصل والمنحدر من اسرة القوشية معظم ابنائها من الموسيقيين، والذي كُلف في العام 1936 بتاسيس معهد الموسيقى في بغداد قبل مجيء الشريف محيي الدين، ثم عين مديرا لادارته فمعاونا للعميد، وقام بتاليف العديد من الكتب  الموسيقية المهمة، بالاضافة الى تلحين الكثير من الاغنيات والاناشيد الوطنية والترانيم الكنسية.

  تعرفت على باسم المولود عام 1934 مطلع السبعينيات، منذ ان اصبحنا «صديقين موسيقيين»، لا اتغيب عن امسية او حفلة يشارك فيهما، او التقيه في دائرة الفنون الموسيقية عند منير بشير او حسين قدوري، واكثر الاحيان عند بيرج غيراغوسيان مدير ادارة السيمفونية في ذلك المبنى العتيق الزاخر بالذكريات والانغام الشجية قرب القصر الابيض.

  ولعل اطول مدة امضيناها معا كانت تلك الرحلة التي حملنا فيها باص سبعيني من بغداد باتجاه ام الربيعين التي ستشهد مهرجانا مصغرا للاغنية الريفية المحلية، وهو نشاط اعتادت دائرة الفنون الموسيقية اقامته لمن تتوفر فيهم ملَكَة الغناء، ياتون من انحاء مختلفة من اية محافظة يقام فيها حدث كهذا، ضمن خطة طموح تعتمد على اسلوب الاختبار امام لجنة متخصصة، ليجري بعد ذلك اشراك الفائزين في حفل ختامي يحضره جمهور متعطش وتواق لرؤية نشاطات كهذه، تمهيدا للانطلاق نحو افاق ارحب.

سعادة كبيرة

كان الوفد يضم متخصصين وصحفيين ومدعوين من الثقافة والاعلام، بجانبي يجلس «وديع خونده» الموسيقي والملحن الذي عرف بـ» سمير بغدادي»، ما ان يترك المكان حتى يحل محله منذر جميل حافظ ثم خبير من تونس لا يحضرني اسمه، ثم علي الحلي.. واخرون توزعوا على المقاعد، وحده باسم فضل الوقوف كلما تقلصت المسافة، نشعر بسعادة كبيرة رغم ان السماء ملبدة بالغيوم طول الطريق، ونسمع باسم يردد: الموصل.. الموصل، مضخما الواو كما يفعل ابناء المدينة انفسهم، يضحك منير بشير رافعا نبرة صوته بعض الشيء ليقول لي: الن تاخذ حديثا من ابن ولايتك الالقوشي؟!.. يضحك الباقون ايضا، اما باسم وانا فيتطلع واحدنا على وجه الاخر لحظات، وحدنا نعرف معنى تلك النظرات، وكاننا نقول: نعم سنخطط لزيارة «نخطف بها ارجلنا» الى بلدة نشتاقها دوما، وفي فندق المحطة حيث ننزل، نكمل السهرة ونواصل رسم مخططنا وننتقل الى عوالم رحبة من كل نوع.   سنوات عدة مضت على ذلك التاريخ دابت فيها على مواكبة احداث موسيقية مشهودة، رغم اعترافي با ن فتورا اصاب حماستي في الثمانينيات، التقيت خلالها باسم في فترات متباعدة، حتى جاءت التسعينيات، وكنت انا قد اصبحت بعيدا عن الصحافة وليالي الموسيقى او اية حياة ثقافية، في حين  ينوي هو الذهاب الى ابعد من ذلك، فقد رايته ذات ظهيرة من العام 1992  في منطقة الرصافي مرتديا بدلة سفاري بيضاء يبحث عن حقيبة سفر سيحملها خارج الحدود، بينما انا ابحث عن اطقم واطقم من تلك الحقائب، اعرضها في محلي جنبا الى جنب مع المستلزمات الرياضية، لاشخاص ينوون الرحيل .. رحيل صعب على الاغلب.

   لم اتفاجا ، واردت ان اختم ذلك اللقاء الذي تم مصادفة بمزحة، فقلت: لماذا لم تات الى محلي في «الدورة» يا «ابو حنان» كي تفيدني بشيء اخر غير الموسيقى؟!

  تعانقنا ، و منذ ذلك التاريخ انقطعت اخباره، ما عدا بعض موضوعات اقراها له هنا او هناك، الا انني تعرفت على جوانب من حياته الموسيقية في نيوزيلاندا من خلال مراسلات اطلعت عليها مؤخرا بينه و بين جاري الالقوشي الكاتب نبيل دمان، بامكان الراغبين الاطلاع عليها في صفحته.


مشاهدات 64
أضيف 2024/07/14 - 3:28 PM
آخر تحديث 2024/07/21 - 2:20 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 65 الشهر 8857 الكلي 9370929
الوقت الآن
الأحد 2024/7/21 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير