الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
فرسان وشجعان ملحمة الطف

بواسطة azzaman

فرسان وشجعان ملحمة الطف

حميد علي موسى

 

             ( 1 )

مسلم بن عقيل بن ابي طالب

سلام الله عليه

.. ولد مسلم بن عقيل في المدينة المنورة  عام 22 للهجرة

..  ترعرع ونشأ في وسط الاسرة الهاشمية من ال ابي طالب مؤمن قريش وسيد البطحاء والهاشميين ونهل منهم شمائل الصفات والاخلاق الرفيعة التي اهلته ان يكون موضع حب واعتزاز ابيه وعمه اسد الله الغالب علي بن ابي طالب سلام الله عليه وابناء عمومته

.. توفى والده عقيل بعد ان اتم مسلم الثامنة عشرة من العمر واهتم برعايته عمه ابا الحسن الذي خصه بالقول اني احبه مرتين الاولى انه موضع حب ابيه له والاخرى اعتزازي بشخصيته  .

.. تزوج من ابنة عمه رقية بنت امير المؤمنين واولدها محمد وابراهيم  اللذين استشهدا بعد معركة الطف على يد احد الطغاة طمعا في الحصول جائزة الغدر ومقامهما بين البساتين القريبة من نهر الفرات على مشارف محافظة بابل ..وعبد الله الابن الثالث الذي استشهد مع ابناء عمومته ايضا في كربلاء ...

.. حضر مسلم بن عقيل معركة صفين عام 37 هجرية التي دارت بين جيش الامام علي والجيش الاموي ... فكان في ميمنة عمه امير المؤمنين الى جانب ابناء عمومته الحسن والحسين عليهما السلام وعبد الله بن جعفر

.. عاش مسلم بعد استشهاد عمه امير المؤمنين بين ابناء عمومته وحظي بحبهم واحترامهم طوال تلك الفترة ... وعندما وصلت رسائل اهل الكوفة للامام الحسين تطلب منه المجيء اختارة ليكون سفيرا له ليستطلع احوال اهلها واوضاعها ليكتب اليه حقيقة الامر لكي يحزم الامام امره من تلك الدعوة .. وكتب الى اهل الكوفة رسالته الشهيرة ابلغهم فيها  « اني باعث اليكم اخي وابن عمي وثقتي من اهل بيتي «

.. انطلق مسلم بن عقيل في مهمته الكبيرة الى المدينة المنورة وصلى في  مسجد النبي الاكرم محمد المصطفى مودعا اصحابه ومن احب من اهله وخرج  متوجها الى الكوفة في الخامس عشر من شهر رمضان عام 60 للهجرة يصحبه قيس بن مسهر ودليلان يدلانه على الطريق ... توفيا اثناء الرحلة من اثار التعب والعطش ..ولم يثن ذلك من عزيمته حيث واصل مسيرته بعد ان ارشده الدليلان قبل وفاتهما الى الطريق الذي سيوصله للعراق والكوفة بالذات .

.. وصل الى الكوفة في الخامس من شوال عام 60 للهجرة ونزل في دار المختار بن عبيدة الثقفي ثم انتقل الى دار هاني بن عروة ليبدأ في استطلاع الامور والتعرف على حقيقتها فبدأ الناس يتجمعون حوله ليقرأ لهم رسالة الامام الحسين وهم يبكون واستجابته للدعوات التي وردته برسائلهم الكثيرة..

وتلخصت تلك الرسالة ..

«  بسم الله الرحمن الرحيم

من الحسين بن علي الى الملأ من المسلمين والمؤمنين

اما بعد : فان هانئا وسعيدا قدما علي بكتبكم وكانا اخر من قدم من رسلكم وقد فهمت كل الذي اقتصصتم وذكرتم ومقاله جلكم .. انه ليس علينا امام فاقبل لعل الله يجمعنا بك على الهدى والحق ...

واني باعث اليكم اخي وابن عمي وثقتي من اهل بيتي ... فان كتب الي انه قد اجتمع رأي ملئكم وذوي الحجا والفضل منكم على مثل ما قدمت به رسلكم وقرأت في كتبكم اقدم عليكم وشيكا ان شاء الله فلعمري ما الامام الا الحاكم بالكتاب القائم بالقسط الدائن بدين الحق الحابس نفسه على ذات الله ...والسلام «

حتى بايعه بعد قرأته تلك الرسالة الواضحة المعاني 18 الفا من رجال اهل الكوفة واعمدة القوم ... وبعد ان اطمأن الى صلاحية الظرف لقدوم الامام ولنجاح ثورته كتب للامام الحسين عليه السلام حاثا له على القدوم بعد ان اعد العدة من الرجال والسلاح والمال لقيام الثورة على ال ابي سفيان 

مقاليد الامور

.. تسارعت الاحداث بالكوفة بعد عزل واليها النعمان بن بشير وتولي عبيد الله بن زياد مقاليد الامور وبدات الامور تجري بشكل مغاير بعد توزيعه الاموال الطائلة وشراء الذمم ونشر الجواسيس دورها المؤثر في الساحة فانقلب اهل الكوفة بعد ان فشلوا في امتحان الشرف والعهد والبيعة  من جند للحسين واهل بيته الى جند ليزيد وللامويين ... وقد رفض مسلم قتل ابن زياد في دار هاني بن عروة وابت اخلاقة وفروسيته ونبله الاقدام على هذا العمل الذي لا ينسحم مع قيم الرجولة التي يتخلى بها بني هاشم وقال لمن حوله .. نحن شعارنا ...

ولسنا على الاعقاب تدمى كلومنا

ولكن على اقدامنا  تقطر  الدما

.. تفرق جمع مسلم انصار الحسين الكبير بعد اساليب الترغيب والترهيب التي اتبعها ابن زياد وجلاوزته حتى صلى اخر صلاة له وخلفه 300 رجل وما ان فرغ من صلاته التفت خلفه فلك يجد احدا منهم وخرج من المسجد فلم يجد ايضا من يدله على الطريق وزقاق الكوفة ...لانه غريب عليها وعلى اهلها

.. جهز ابن زياد اتباعه لملاحقة مسلم بن عقيل الذي قضى ليلته عند احدى المؤمنات من شيعة الامام علي التي تعرفت عليه بعد ان الجأه الليل الى باب دارها ..حتى داهمه الجيش الاموي بقيادة ابن الاشعث المعروف بخبثه وكراهيته لال الرسول وعلي فتوزعوا لقتاله بالسيوف والحجارة ومشاعل النار وهو يقاتلهم قتال الليث الضاري حتى اثخن بالجراح واشتد عليه الالم  والتعب والاعياء فسقط اسيرا بعد ان اعطي الامان من الاشعث الذي يفتقر لابسط مقومات الرجولة والاخلاق عند ذلك دمعت عيناه  ... فقالوا له مايبكيك ياابن عقيل  ؟

فقال .. والله ما لنفسي بكيت ولا لها من القتل اثر شيء ... ولكن ابكي لاهلي المقبلين الي ...ابكي على الحسين وال الحسين . ...

.. اخذ مسلم سلام الله عليه الى قصر الامارة .. ورفض السلام على ابن زياد وكان يفتخر امامه ويواجه شتائمه  بالموت والشهادة .. ويعلن حقيقة ثورة الحسين على الظلم وفساد بني أمية امام قادته والحضور واهل الكوفة المتجمهرين عنده وهو موقف كبير مشرف يسجله التاريخ لابن عقيل

.. امر ابن مرجانه بقتل مسلم سلام الله عليه . عند ذلك التفت مسلم للموجودين واملى على احدهم وصيته ببيع سيفه ودرعه وتسديد ديونه بثمنهما وان يبلغ ابن عمه بما آلت اليه الامور وان تدفن جثته . .عند ذلك استدعى ابن زياد بكر بن حران الاحمري الذي ضربه مسلم في معركته على عاتقه وامره بالصعود الى سطح قصر الامارة وضرب مسلم بالسيف وقتله

.. اصعد مسلم وهو يسبح الله ويحمده لم يرهبه الاستشهاد والموت بسيوف الطغاة وصلى ركعتين وتوجه نحو طريق الحسين .. ليقول السلام عليك يابن رسول الله ..السلام عليك ياخي وابن عمي ... عندها ضرب بالسيف ورمي بجسده الشريف من اعلى القصر الى الارض فاستشهد  يوم الثامن من ذي الحجة عام 60 للهجرة ليكون اول شهيد من بني هاشم في ملحمة الطف انتصار الدم على السيف من بين احد عشر شهيدا من ال عقيل الاسرة الصغيرة الذين لم يبق منهم سوى الاطفال اليتامى الصغار وهو الامر الذي جعل الامام زين العابدين عليه السلام يبكي وينتحب عندما يمر بديار ال عقيل في المدينة المنورة التي بقيت بلا رجال  ...

أزمة الكوفة

.. لم يكتف اهل الكوفة اهل الغدر والمكر بقتل مسلم بل ربطوا جسده وجسد هاني بن عروة بالحبال وسحلوهما في ازقة الكوفة بشكل يعكس دناءة  وخسة بني امية ورجالهم المجرمين ...

فسلام على مسلم بن عقيل سفير الحسين اول شهداء الهاشميين في ملحمة الــــــــــطف يوم ولد .. ويوم استشهد .. ويوم يبعث حيا مع الصديقين والشهداء وحسن اولئك رفيقا  ...


مشاهدات 132
الكاتب حميد علي موسى
أضيف 2024/07/13 - 3:52 PM
آخر تحديث 2024/07/23 - 3:15 AM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 156 الشهر 9867 الكلي 9371939
الوقت الآن
الثلاثاء 2024/7/23 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير