الزمان - طبعة العراق - عربية يومية دولية مستقلة
www.Azzaman-Iraq.com
النخلة .. إستجلاءات إستثمارية إقتصادية متنوعة

بواسطة azzaman

النخلة .. إستجلاءات إستثمارية إقتصادية متنوعة

قاسم المعمار

- لقد سئمت نفوسنا اليوم من تلك التنظيرات التأملية الخيالية لبناء وتنشيط القواعد الاقتصادية عبر سنوات من حالات التذبذب والاختراق المعنوي والمالي ، ومما يقال وهي المادة المخدرة للعقول والاماني المفقودة بسب تلك التطاريح البعيدة عن منهجية الواقع غير مستندة للعقل والعمل والانتاج .

شاشة صغيرة

- حيث امست ارضنا شبه هشة جرداء تتجاذبها تيارات التصحر والاهوال العاتية شرقاً وغرباً لانعرف منها شيء سوى التوجس النحس لطلعتها ...نعم هذه الايام تطالعنا بعض النماذج التي فقدت صدقية ادائها وجاهلية خيمت على هيبتها التائهة في غمار العز الطارئ كي تردد ما سبقها من فرسان الشاشة الصغيرة من مفاهيم مستقبلية .. سين .. سوف .. سنقوم .. سنطلع .. سنشكل .. سننفذ .. سنتمكن ... الخ .. من هذه الكلمات التي لا يفقهها سوى المتحدث نفسه .

- انا متفائل ايجابياً لهذه الاطلالة البحثية الاقتصادية في سفر الاستثمار والتصنيع المحلي بعيداً عن التنظير الذي اتعبنا دون البصيرة الى الواقعية المجتمعية والبيئية ولماهية مشاكلها وانتشالها تلك الآراء التي لم تحل لنا كبوة او مشكلة او فقر مدقع .. بل زادتنا تهويشات أساءت الى مصدر حياتنا وديننا الاسلامي الحنيف ومنهجية كتابنا المقدس «القرآن الكريم» وسنة رسولنا الأعظم  r، وهما البناء المنظم الواضح لحياتنا واقتصادنا ومصالحنا العامة في التشريع والعمل المثمر . ومن هذا المنطلق الفكري الوثاب والمعايشة الطبيعية والتفاعل الروحي والقلبي في عملية اختيار المفيد المقوم للتنمية والاستثمار بالشكل الايجابي الصحيح دون سرقة للمال العام او حجة للتبذير واكل السحت الحرام فلا نفرق ابداعاتنا ونضوجية افكارنا وسلامة خطط نرسمها من واقعنا الكوني على اتخاذ المبادئ السليمة للتوجه المباشر بين القائد والمستفيد.. ان الاستثمار يعني وضع المال فردياً أو مشاركة مقابل فائدة منتجات يحمل الصدقية في العمل الانساني لإختيار المنجز بعيداً عن هوس اخطبوط السراق والمصالح الجائعة .

- بهذه المناسبة تأتي مساهمتي البحثية الموقعية والاستقرائية نحو نمو ونجاح افضل سبل هذه الاستثمار المحلي في القطاع الزراعي بشقية النباتي والحيواني والمعتمد على مجموعة عوامل اساسية مشجعة لهذا النهج تكمن فيما يلي :-

1- وفرة الطاقة البشرية العاملة .

2- خبرات ذاتية متراكمة .

3- وجود الموارد الأولية من أرض صالحة وتنوع انتاجي جيد .

4- سهولة التسويق والتصدير والنقل.

5- قلة الكلف التشغيلية .

6- عوامل مشجعة لهذا الاستثمار في البيع الآجل (على اخضر) أولاً ... وثانياً تطبيق نظام (المساطحة) .

7- اعتماد النخلة في موضوعنا هذا اساساً للبحث كونها تعد من اكبر المصادر الغذائية السهلة الحصول في العراق .

- هذا الجانب الدعمي والمادي والمعنوي الذي يجب ان يحظى به كل من قطاعي وزارة الزراعة والري ودائرة الصحة البيطرية لإحتضان هذه الثروات المتنوعة من حماية وقائية للحشرات والامراض البيئية المتوقعة (الدوباس .. المن .. التسوس الفحمي ..التيبس والجفاف) وتوفير الحصص المائية وقيام الفرق الجوالة للإرشاد والتوعية والمكافحة وبصحبة طائرات الرش الجوية ومحاسبة حالات التجريف والحرق المتعمد لثروة النخيل وبساتينها بهدف تحويلها الى اراضي سكنية او خدمية .

- لقد سجل تاريخ  ثروتنا من بساتين النخيل ابان الستينات وجود اكثر من 30 مليون نخلة في العراق لها اكثر من ثلاثمائة نوع من التمور الفاخرة التي كانت تغزو اسواق العالم بجودتها ... فما زلنا نؤكد ونقر بأن الزراعة (نفط دائم) الى جانب حصيلتنا من الثروات المعدنية الاخرة ، وهذه الحقيقة بدأت تتلاشى .. عبر مشروعنا البحثي هذا كان التركيز على وجودية وقيمة النخلة كونها قامة المورد الغذائي للفلاح وقامة المورد الاقتصادي للبلد .. فيما لو تخطينا الصعاب والركونية واللامبالاة ووضعنا نصب اعيننا حرصنا على الانتشال الأمثل لهذه المسيرة الزراعية بشقيها المذكورين اعلاه وفق صيغ تطبيقية بسيطة لا تكلف شيء  وذلك عبر وجودية محطات استيعابية انتاجية تصنيعية لمستخرجات هذه الشجرة الذي تعد لها اكثر من مائة فائدة انسانية وخدمية وأحبها ربنا العظيم واعزها رسولنا الكريم محمد r (عمتكم النخلة).. وذلك من خلال البرمجة الذاتية للأستثمار الأمثل لهذه الشجرة ومثيلاتها بالقيام بما يلي :-

1- استحداث محطات انتاجية في ارياف المدن والقصبات تضم ورش عمل .. مخازن ... وسائل نقل ... ادارة اعمال .

2- تشمل هذه الورش اجهزة مبسطة لكبس التمور وتطعيمها واستخراج انواع الدبس والخل .

3- ورش مصغرة لإستثمار سعف وخوص وجذوع النخيل في الصناعات المنزلية من الاسرّة والكراسي والمناضد والتخوت والحصران والحمالات والاقفاص والحصران (المداد) والسلال والمهافيف وجسور السقوف وجسور المشاة في الجداول والترع ومساند حافات الانهر بعد تقطيعها ونشرها وخدمات الدفء في البيوت .

تركيز عملي

لقد تم التركيز العملي والتطبيقي على اخذ النخلة هذه كنموذج رائع ومتكامل في عطائها للأسنان والتي اشتهر بها عراقنا الحبيب بكثرتها حتى غدا يطلق عليه بلد السواد لكثرة وسعة بساتينه.

- لقد شهدت فترة الخمسينيات وما تلاها انبثاق هكذا نموذج للاستثمار الوطني الشعبي (للنخلة) في منطقة الفرات الأوسط ، حيث قام الاسطة (شعلان) بتأسيس مشروعه الانتاجي والتحويري بمعية مجموعة من العاملين بأمرته نال شهرة فائقة لدقة ونوعية عمله في ظل عقليته الفذة للإبتكار والتطوير والاستثمار الأمثل لإجزاء النخلة اعطت مردودات مالية ومعنوية وسمعة خلاّقة في المناطق القريبة منه وزادت في تشغيل الايدي العاطلة عن العمل واكتسابها مهارات فنية في العمل وسد والاحتياجات المنزلية الضرورية بالكلف البسيطة .. كما شجع الكثير من البيوتات على الصناعة التعليمية لكبس التمور بواسطة استخدامات التنك (الصفائح المعدنية) وأكياس الجنفاص والخصاف والجلود والسلاسل واشتهرت ايضاً باستخراجات الخل وانواع الدبس  والحلويات الشعبية المطعمة بالسمسم والهيل وحبة الحلوة .

- كما واسهمت الاسياف والعلاوي للقطاع الخاص هي الاخرى في عملية التخزين والتسويق لحاصل التمور ، وحين كنا صغاراً نشاهد صباح كل يوم قوافل الجمل وهي تحمل اطنان من هذه الشجرة المباركة كي تكون جاهزة بعد تنظيفها وعزقها للبيع والتصدير ويمثل موسم الحصاد والبيع والنقل فرص عمل لآلاف الايادي العاطلة عن العمل الا ان من المؤسف له اليوم ان تصبح هذه المراكز التسويقية التي كانت تنسق مع مصلحة التمور العراقية في خبر كان تتلاشى الواحدة بعد الاخرى كي تصبح مخازن لتجارة بيع الادوات الاحتياطية والمنزلية والكهربائية والانشائية والسلع العامة

- لقد سجل المؤشر الاقتصادي لتلك الفترات نمواً ملموساً في حياة الفلاح والمزارع فيما اذا علمنا ان هذا المزارع قد استثمر قدراته البدنية والعقلية في زيادة موروده اليومي كأجير لإنجاز اعمال البستنة تمثلت مع افراد عائلته الطواشة وتنظيف وتركيس وتعزيق وتلقيح وتحميل العثوق المثمرة وتوزيعها حول قلب النخلة ومكافحة امراض وقلب تربتها للتهوية والتقوية وقتل الحشرات المضرّة مما يدر كل هذا موارد مالية مستحصلة لقوته اليومي وتطوير حياته الاجتماعية في المأكل والملبس والسكن والخدمات المختلفة .

 ولكن هذه غصّة تعيق هذا العمل الدؤوب حينما نجد اليوم اخفاقاً وابتعاداً ونخلة تشكو حالها حينما نسمع بأن هناك استيراداً للتمور من الاسواق الخارجية وكيلو التمر الواحد لايقل سعره عن الالفي دينار ، وحال نخلنا يشكو اهمالاُ أو فقدان من يرعاها ويقطف ثمارها .

- ولإنجاح اهداف مشروعنا الاستثماري المبسط هذه لابد من ان يقترن من العودة الى عمليات التشجير والرعاية لهذه الشجرة ومباركة منتوجاتها العديدة وارجاع مكانتها المرموقة في البنية الاقتصادية الوطنية من خلال التصدير والعرض والطلب  في الاسواق العالمية كما كان سابقا ونجاح التجار المصدرين واخذهم مكانة مرموقة في المحافل الدولية والمعارض التخصصية لابد ان ترجع الى الدوافع الروحية الانسانية السمحاء في ارساء اسس العدل والرفاه والاستثمار الأمثل لما حبانا به الله ربنا العظيم من مكونات رزقه الوافر وجعل العقل النير المؤمن اكبر مخطط ومنفذ لإرادة المعبود الكريم وان الاسلام نظام اقتصادي وافر السعة والعطاء متكامل في العمل والانجاز فمن لايعمل لايأكل فالأرض معطاء .

- ان مبتغانا وهدفنا من هذه المساهمة التنظيرية التطبيقية الفاعلة المثمرة هو تفعيل النمو الاستثماري نحو اقتصاد وطني يافع وجاءت (النخلة) الشجرة المباركة نموذجاً خالداً ومصدر فكري لها في موضوعنا هذا ... فما احرانا اليوم من السعي نحو جادة الصواب في الاستخدام على ارض الرافدين لإمتداد يزيد على الف كيلومتر من الأرض الطيبة ما بين دجلة والفرات غذاءاً وحلاوةً وطراوة تبهر النفوس معشوقة الشعراء واحلام الطفولة وقوام الخلود واشباع الجياع فما أجلّها جمعت شتات التناقض في حلوة المذاق وفي اخضرار ثمرها واصفراره وعذوبة تنكيده وصلابة الاشرسية وطراوة الخستاويه وبربنيه وزهديه ، اما قلب هذه المباركة (الجمار) فكفى اسماً ومسمى على الشفاه وعلاجاً مجانياً لكل داء واحتياج ، حيث ثبت لدى العارفة من المسنين مدى هذه الفائدة حين تناولها بشكل متواصل على حيوية الابدان وقوة القلب وصلابة الاعصاب والشرايين وصفاء الذهن ونمو الذاكرة ... يالها من قدرة ابداعية ربانية كريمة العطاء وللبشر جعلها صنواً قريباً من كل فرد وأسرة ... نعم كرموا وأعزوا وباركوا عمتكم النخلة .


مشاهدات 251
الكاتب قاسم المعمار
أضيف 2024/06/15 - 3:43 AM
آخر تحديث 2024/06/30 - 3:38 PM

تابعنا على
إحصائيات الزوار
اليوم 53 الشهر 53 الكلي 9362125
الوقت الآن
الإثنين 2024/7/1 توقيت بغداد
ابحث في الموقع
تصميم وتطوير